الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة الحد الادنى

احمد مجدلاني

2005 / 2 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يذهب البعض إلى الاعتقاد أن مجرد انعقاد قمة شرخ الشيخ تمثل مكسبا بحد ذاته أو أنها لمجرد الانعقاد نقلت الأوضاع في المنطقة من حالة الجمود السياسي إلى حالة من الفعل والحركة قد يتبعها تحركات بخطى أوسع تخرج المنطقة من حالة اللا حرب والسلم القائمة فيها منذ أن تعثرت عملية السلام وواجهت قدرها المحكوم جراء المماطلة والتسويف الإسرائيلي قبل أربع سنوات وهي بدأ الانتفاضة الفلسطينية .
ومما لاشك فيه أن المبالغة في انعقاد القمة والتكبير من شانها قد يؤدي فيما يؤدي إليه من الإحباط خصوصا إذا ما قورنت النتائج بالآمال التي كانت مرسومة أو متوقعة منها أو من إعطاء انطباع عنها وتحميلها أكثر مما تحتمل في ظل المعطيات الدولية والإقليمية القائمة.
كما انه لا ينبغي الانتقاص والقليل من قيمة القمة واعتبارها حدثا عابرا وأنها لم تضف شيئا جديدا والتذكير بأنها القمة الثالثة التي تعقد بنفس المكان ولنفس الغرض مع تشابه مع عدم تغير المشاركين باستثناء الطرف الفلسطيني الذي يعتبر المتغير الذي حدث بوفاة الرئيس الراحل احد مكونات الفرصة الجديدة كما يسميها أطراف اللعبة الدوليون والإقليميون .
بيد انه من المهم الإشارة هنا إلى أن عدم الانتقاص من شان القمة أيضا أن يوقعنا في خانة التفاؤل المفرط الذي ارتسم قبل وأثناء انعقاد القمة أو حتى بعدها بالقراءة غير الدقيقة لنتائجها وما تمخض عنها من خطوات تشكل في أحسن الأحوال عبر قراءة موضوعية خطوة أولى وحد أدنى ممكن ومطلوب في هذه المرحلة ، وليس كما يحلو للبعض تصوير نتائج القمة بأنها مكسب صاف لشارون ومشروعه للفصل الأحادي الجانب وخسارة صافية للفلسطينيين لأنهم لم يحصلوا على كل ما يريدوه من القمة .
فقمة شرم الشيخ وبصرف النظر عن التقييمات المتباينة منها ومن نتائجها هي قمة إقليمية دولية وهي جزء من إعادة تركيب خارطة الصراع في المنطقة بعد تولي إدارة الرئيس بوش لصالحياتها لفترة رئاسية ثانية ، وهي إن جاز التعبير مكسب جديد تضيفه دبلوماسية هذه الإدارة بعد النجاح الذي تحقق بالانتخابات التي جرت بالعراق .
وهي أيضا حدث إقليمي من حيث أنها شرعت وعن استحقاق دورا مصريا كان محل خلاف إقليمي ودولي وخاصة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ، وأفسحت المجال من جهة أحرى لدور سياسي وامني مماثل للأردن من خلال الاستعداد لإرسال قوات بدر التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأردن للمساهمة في إقرار الأمن والاستقرار وضمان تنفيذ الاتفاق الأمني ووقف إطلاق النار .
غير أن المسالة الأهم التي ينبغي التركيز عليها في هذا السياق وهي عودة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات وبمشاركة عربية وبرعاية دولية ، وهذا المتغير ينطوي على أهمية كبيرة نظرا لانعدام الثقة بين الطرفين وفشل محاولات عديدة سابقة لجمعهم أو التوصل لاتفاقات مشتركة للتهدئة والعودة لطاولة المفاوضات .
الشيء المهم هو أن شارون نفسه الذي كان يصر على عدم وجود شريك فلسطيني يعترف الآن بوجود هذا الشريك ويبدي استعدادات اكبر للمضي معه وصولا كما قال لسلام دائم وعلى أساس دولتين ديمقراطيتين لشعبين ، وبصرف النظر عن أسباب هذا التغير في الموقف الإسرائيلي واستتباعا بالموقف الأمريكي ، فإن شارون وبدون أدنى شك يضبط إيقاع خطواته في المنطقة على إيقاع خطوات الإدارة الأمريكية وحساباتها ، وزيارة وزيرة الخارجية الأمريكية رايس للمنطقة قبل يوميين من القمة أعطت المؤشر إلى المدى الذي تدعم فيه الإدارة الأمريكية القيادة الفلسطينية الجديدة وحدود تعاطيها معها وكذلك مدى تشجيعها للأطراف العربية الأخرى المشاركة بالانخراط الجدي والفعال بالعملية الجارية .
ولم يغب على الإطلاق أن لكل طرف حساباته الخاصة من وراء عقد القمة ومشاركته بها ، وان كان شارون قد حصل على الثمن مقدما بعودة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء مع كلا من مصر والأردن ، فإنه وبدون أدنى شك لا يعتبر هذا الثمن لوحده كافيا إن اعتبر ثمنا للقمة لإقناع شارون على سلوك طريق الحل السياسي بديلا عن طريق استخدام القوة والمزيد من القوة لفرض حلول سياسية على الفلسطينيين ، وبالمقابل فإن القيادة الفلسطينية الجديدة وهي تحاول استعادة علاقاتها الدولية وتفعيل زخم علاقاتها العربية وتوظيفها في المرحلة الجديدة ، وسحب الذرائع والمبررات من يد شارون لإرغامه على العودة لطاولة المفاوضات و الالتزام بدفع استحقاقات السلام فإن هذا الهدف يعتبر في سياق خطة وتحرك القيادة الفلسطينية هاما لجهة إعادة الاعتبار أيضا لاستئناف مسيرة الإصلاح والتغيير داخل المؤسسات الفلسطينية عبر صناديق الاقتراع وتأكيد الخيار الديمقراطي في إعادة بناء وتجديد النظام السياسي الفلسطيني .
وقد يكون من المفيد أيضا وفي سياق وضع الأمور في نصابها الصحيح وعدم المبالغة أو التقليل من شان ما أنجز في القمة التأكيد انه رغم الإخفاق في التوصل إلى اتفاق رسمي يلزم حكومة شارون بتنفيذ سائر الالتزامات المترتبة عليها في المرحلة الاولى من خطة خارطة الطريق ، وفي المقدمة منها تفكيك البؤر الاستيطانية التي أنشئت ما بعد آذار 2001 ووقف جميع النشاطات الاستيطانية بما فيها تلك المسماة النمو الطبيعي للسكان ، ووقف بناء جدار الفصل والعزل العنصري باعتباره اكبر واخطر مشروع استيطاني لنهب الأراضي الفلسطيني ، ووقف الإجراءات الأحادية الجانب في القدس وإعادة فتح المؤسسات الفلسطينية فيها ، وسحب القوات الإسرائيلية إلى خطوط 28 أيلول 2000 عشية دخول شارون للمسجد الأقصى واندلاع الانتفاضة الفلسطينية ، وإطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين ، وإزالة الحصار والإغلاق الذي تفرضه الحواجز الإسرائيلية مابين المدن والقرى الفلسطينية ، وكذلك الحال عدم توصل القمة إلى اتفاق حول الإعداد لمؤتمر دولي كما نصت عليه خطة خارطة الطريق وبأشراف اللجنة الرباعية للبحث في قضايا الحل النهائي ، إن إعلان شارون الجزئي على تنفيذ خطة فك الارتباط من جانب واحد وتمسكه بالنهج التفاوضي القائم على إجراءات بناء الثقة ذات المدخل الأمني تاركا لنفسه مرجعية تحديد مدى الالتزام بهذه الإجراءات من عدمها ، إن هذه الثغرات والنواقص في قمة شرم الشيخ والتي كان ينبغي على القمة الخروج بها قد قلت من سقف التوقعات منها واعتبرت إنها خطوة أولى وحد أدنى ممكن ، لكن لا ينبغي بنفس الوقت على القيادة الفلسطينية والحال هكذا الموافقة على إجراءات بناء الثقة لوحدها وترك تحديدها للجانب الإسرائيلي بل ينبغي الإصرار على تنفيذ المرحلة الاولى من خطة خارطة الطريق التي تحمل التزامات متقابلة ومتزامنة ومتوازنة إلى حد ما ، وكذلك يتعين على الفلسطينيين حث اللجنة الرباعية لتحمل مسؤولياتها وعدم الاكتفاء باجتماعها الذي سيعقد في لندن على هامش مؤتمر لندن على القضايا الاقتصادية رغم أهمية ذلك للوضع الفلسطيني ، بل ينبغي هنا مطالبة اللجنة الرباعية والدول الشقيقة المشاركة والضامنة والراعية لقمة شرك الشيخ من تشكيل قوة رقابة دولية للإشراف على وقف العمليات العسكرية وبما يشمل وقف الاعتداءات والتوغلات الإسرائيلية والاغتيالات لكوادر وقيادات فلسطينية تحت ذريعة ضرب البنية التحتية للإرهاب ، والحذر من يصبح هذا المطلب إي إنهاء البنية التحتية للإرهاب إذا ما تم سلوك الطريق الأمني لبناء الثقة المطلب الثاني بعد وقف إطلاق النار واعتباره أساسا لبناء الثقة وهو ما يعني الدوران في دوامة الحلول الأمنية والاشتراطات المسبقة ورمي الكرة دائما في الملعب الفلسطيني واعتبار الأمن مدخل لبناء السلام وليس العكس السلام مدخلا لبناء الأمن المشترك للجانبيين وليس لطرف دون آخر .
إن ما قدمته قمة شرم الشيخ بصرف النظر عن محدوديته يعتبر خطوة مهمة إلى الأمام ولكن دون الوقوع في فخ المبالغة في النتائج ولا التقليل من شانها، والبناء ما أمكن على النتائج الايجابية وتوظيفها لاستعادة المسار السياسي وسحب كافة الذرائع والمبررات من يد شارون لتوليد قوة ضغط دولية ، توفرت في الفرصة الجديدة والمناخ الجديد لتطبيق قرارات الشرعية الدولية ، وضمان حقوق شعبنا في الحرية والعودة وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .

رام الله
12.2.2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة