الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكم والكيف في الثورات العربية

جورج حزبون

2012 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



التراكم الكمي يتحول إلى تغير نوعي ، هذا قانون الديالكتيك وشرعية الحياة ، إسقاط هذا القانون على ما هو جار في الوطن العربي ،فانه يؤكد بالنتيجة الحتمية ، لا بل بالضرورة ، ان الأمور تسير نحو تغير نوعي لا تتوقف الحركة به عند حدود ما هو ظاهر حتى ألان ، وهنا يجيء السؤال ؟ ما هي طبيعة هذا التغير ، وهل عملية التراكم ستطول ، وهل طبيعة التراكم تؤثر على صيرورة المتغير النوعي ؟! وفي اي اتجاه .
لا شك فان قرأت الإحداث ، تبين ان الحراك ليس موحد في البلدان العربية وان كان الإسلام السياسي له فيه مكانة متقدمة ، لكن الطموحات الشعبية لا تقف عند تلك النتائج الانتخابية التي تحققت بفعل واقع حضور تنظيم واسع، وغياب آليات مجتمعية طبقية أخرى لم تتبلور بعد ، وأنظمة أنفقت ميزانيات ضخمة على استخدام الدين كأداة لإطاعة ولي الأمر ، وتنافس مع الحركات الإسلامية أيهما أكثر ( اسلاموية )، ويمكن مشاهدة ذلك واضحاً اليوم في الخلاف بين حركتي فتح وحماس في فلسطين فالطرفين يتباريان في أمر الالتزام و الإلزام بالدين لدرجة لم يعد يشعر المواطن بالفرق بين تلك الحركتين ، سوى بالتحزب والتعصب لهذا الطرف او ذاك .
فالقضية الاجتماعية هي الأكثر أهمية ، في بلاد تعاني من الفقر والبطالة والاضطهاد ، فقد استخدمت الأنظمة العربية منذ سنوات الاستقلال او سنوات الموافقة على تقسيم الوطن ، عاملين لقمع شعبها الأولى كان الدين ، والثاني القضية الفلسطينية ، باعتبارها قضية العرب الأولى ، الدين كحالة إطاعة وضمان لعدم الخروج على ولي الأمر ، وعزاء للمظلومين ، فهم يرثون الأرض ، وينكلون الجنة والنساء!! ، فلسطين قضية تحتاج تحتاج إلى وحدة موقف وتقديمها على كل المطالب والأمنيات وتوفير الإمكانيات للوصول الى تحريرها عبر التوازن الاستراتجي الذي لم يتحقق ، وخلال سنوات الخمسينات والستينات كان في الأردن مثلاً قانون يدعى قانون / مكافحة الشيوعية / مثل مكافحة المخدرات !! ، ومصطفى الزهاوي قال يوما " إن أردت لقاء المثقفين العرب فابحث عنهم في السجون العربية " ، ومقابل هذا التعسف كان لا بد ان تطرح الأنظمة عقيدتها ، وهنا قدمت الإسلام بصيغة تلائمها عبر وعاظ مؤولين ، لدرجة ان وقعت خلافات تفسيرية بين البلدان العربية حول الأكثر التزاماً بالدين من الأنظمة والزعماء ، وابسط الأمثلة انه لم يكن يتصادف ان كان رمضان موحداً مطلقاً ، فليبيا في كل الحالات كان القذافي يختلف مع الآخرين وله تفسير ديني خاص به ، والأردن والمغرب من ال البيت ، والسعودية سدنه الكعبة ، ومصر منارة الأزهر ، وهكذا أصبح الإسلام ايديلوجية الأنظمة وحليفها ، تمردت على ذلك فرق تعددت حتى وصلت حد الإرهاب ، وحين جاء ربيع العرب لم يكن موجوداً حينها بشكل منظم غير الإسلام السياسي بفرقه ومكوناته وخطاباته المتعددة .
وفي السياق السياسي ، تم تقديم القضية الفلسطينية ، كحالة تحتاج الى كل القوى وان لا صوت يعلو فوقها ، بما في ذلك الوحدة العربية !! وتم تقديم القضية على أنها خيار عسكري فقط ، وان المهمة محصورة في استردادها ، في حين كانت الأنظمة تفاوض حول حل سياسي معين سواء عبر بريطانيا او أميركا او حتى بشكل مباشر!! ، وهو ما خلق حالة أزمة ي مواجهة سبل حل هذه القضية المركزية ، حتى ان منظمة التحرير عند انطلاقتها سجلت مطالبها في دولة ديمقراطية موحدة على كافة فلسطين ، ومع تطور الإحداث المعروفة ومحطتها الرئيسية كامب ديفيد ، وصلت الى شعار دولتين لشعبين ، ثم القرار المستقل ، حتى أصبحت فلسطين مثل دارفور وقد تصل مثل لواء الاسكندرون .
وبالعودة الى ما هو قائم في العالم العربي ، ربيعاً ، ام ثورة ، فانه لا يمكن ان يكون قد خرج عن تفاعلات المرحلة السابقة ، حتى وصل الأمر الى انفجار شعبي عارم ، تقدم لاحتوائه الإسلام السياسي ، من حيث هو موجود ، بالتربية وبالتعصب الديني ، وبالتنظيمات الإرهابية ، والسلفية وحتى الحضور الشعبي المتدين ، رغم انتماءاته الاجتماعية المختلفة الغير منظمة ، وغيرها من الصيغ التي كان لها حضور طارئ في السبعينات ، من جهيمان ، الى مصطفى شكري ، إلى التكفير والهجرة حتى ابن لادن ، ولكن الوضع تغير ألان وان لا زال جنينيا ، والأطروحات التي قدمتها مجموعات الإسلام السياسي ، لم تعد صالحة للقادم بعد ان تسلم السلطة وأصبح نظاماً ، فالمعارضة شيء والسلطة شيء أخر ، وقد بدأت بوادر ذلك مبكراً في تونس ، وتصريحات الغنوشي والمرزوقي ، حول الحرية الفردية والسياحة وغيرها ، وأيضا لدى مرسي من طبيعة ما تسرب من لقاءات له مع لكينتون إلى موقفه من حصار غزة ، الى تصريحات قيادات اخوانية عن السياحة ودخل مصر القومي وأمنها والالتزام بالمعاهدات الدولية وغيرها ، وتقدم السياسي العام والعلاقات الدولية على المطالب الاجتماعية التي هي أصل الثورة ومحركها ، والتي لن تقبل جماهيرها بان تكون شاهد زور، فيتحول التراكم هنا الى كيف ، وتستمر الثورات ، وقد تنتكس أحيانا ، لكنها ستحقق واقع أخر ينطلق نحو أفق أرحب إمام مجتمعاتنا العربية التي بثورتها ستعيد صياغة عقيدتها ، وتولد بهذا التفاعل الطليعة القادرة على المواصلة الطريق ويمكن قرأت استشرافية لذلك من ما نتجت عنه انتخابات ليبيا ، وأيضا من تلك التفاعلات بين إطراف المجلس الوطني السوري ، فلم يعد ممكناً تسير الناس بالمواعظ وبالخطب ، وما لم يتحقق شيء ملموس على الأرض لصالح الفقراء وكرامتهم ، فلن يستقر نظام وان توعد بالبطش ليعيد تجربة الآخرين ، فقد انطلق المارد من الزجاجة ، ولن يعود إليها فقد عرف انه وحده يستطيع أنزاع حقه في وطنه وبيته ، والاهم ان الفئات الاجتماعية المختلفة انتبهت بالتجربة لأهمية ان تنتظم ، وان الخطاب الديني ليس وصيا على علاقاتها بالسماء بقدر ما هو معني بالولاء والولاية على الأرض .
وهكذا يتم تدوير معادلة الدين وفلسطين لفهم واضح لطريق غير ملتوية ، فالدين ليس خصم الناس ولا أداة قمعها ولا وصاية لأحد عليها ، والتحرر الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية وهي خيار استراتيجي لإنهاء هيمنة قوى الاستعمار والفساد والتخريب والانقسام ستنتهي ، فقد بقيت هذه المنطقة غير محسوم الصراع فيها مع الامبريالية استراتجياً، وبقيت تسعى لمزيد من احتوائها ، وما انتصار القضية الفلسطينية الا حسم لذلك الصراع والسير نحو مستقبل آمن وسعيد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-