الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جذور المعنى في شعر حسب الشيخ جعفر

محمد الذهبي

2012 / 7 / 18
الادب والفن


جذور المعنى في شعر حسب الشيخ جعفر

الحمد لله انني توفرت على النظر في مجموعة آخر عنقود الشعراء المجيدين، والمتفردين، حسب الشيخ جعفر، عندما كلفت بقراءتها للتنقيح، تركت كل شيء وحلقت مع ابي نؤاس في( انا اقرأ البرق احتطابا)، نقلني الى بخارى وصباياها، والى شقراوات موسكو، لاكتشف عالما مملوءا باللغز والاحجية، عالما يمتزج فيه التأمل مع الواقعية التي تشربها حسب الشيخ، وهو في هذا يمزج بين عمرين وعصرين وعقليتين، وهو على رحيل دائم بين محطات القطارات والمطارات حيث يقول:
بعد اختفاءتها قرونا
طرقت عليّ الباب فالا
وانا الملم حاجتي العجلى ارتحالا
وهو في خضم الاغتراف من الموروث يحلق بعيدا ليمزج الكافور بالفودكا، ويلهو مع المفردات في تدويرات عجيبة، يضعك فيها امام فلاسفة كبار، ويعود طائر الجنوب الى الاغتراف من نبع عربي مشبع بالذكريات والتأملات التي لاتخلو من جذور المعنى الذي يعود به الى الطفولة، انا ارتجف وانا بحضرة شاعر كبير مثل حسب الشيخ جعفر، اعطى للغة الكثير الكثير، ومع هذا فحسب المرتبط بالمكان جعل من وجوده راكزا فيه، ليؤكد علاقته المتينة بالامكنة، وليطلع على اسرار الغيب فيضع ثيمة واحدة تجعلك تفكر مرارا بحجم العرى القوية التي تشد طائر الجنوب الى لغته، ومرابع طفولته:
انا كنت والمنشور محتربا مطيفا
وابي يطوّف وابن مالك
من كان منا القارىء النبه الطريفا
هناك شفافية فريدة لم يتوفر عليها سوى حسب الشيخ جعفر، وحتى الان ترن في اذني مقولة صديقي في السبعينيات: ان حسب الشيخ جعفر شاعر متفرد، اي انه خطط ليكون هكذا قامة كبيرة وشاهقة، استعار الحصير واسماء الفلاحين، ونباتات الارض، كم عبق في انفي رائحة شيخ اسما الله في شعر حسب الشيخ جعفر، كم منكم عاد الى رائحة الماء في الانهار حين وضع مقطوعة لطائر الجنوب امامه، هذا الارتباط الخرافي الذي لم تلغه شقراوات موسكو ولاصبايا براغ ولابخارى نابع من ارتباط عميق بالجذر وجذر المعنى على وجه الخصوص، هنالك صور من التراث تحضر مع حسب، الحكايات والامثال ، وهو يجهد بتوظيف هذا من اجل غاية سامية:
ياطائر المعنى المعاني
خزف وايدي الصحو فيلُ
في السكر مذ جبل الورى المعنى الصقيلُ
وهذا نوع من ارتباط موثق بين التصوف والمعنى او التأمل والمعنى، لتكون الالفاظ اردية للكلمات، يتلاعب بها حيث يكون المعنى الذي يبتغيه، ليكون رائدا في هذا المجال ومجددا في الوحدة الموضوعية للقصيدة والتي تتكون عنده من تهويمات عديدة، فالشاعر يضعك امام كيان حي نام، ونموه تدريجي عفوي، وهو في هذا ناتج من قوه مركزية في ذهن الشاعر، هنالك عدة الوان واجزاء تصطبغ بلون مشترك في نهاية الامر عندما يوقظك حسب الشيخ جعفر:
صخرا اعدني يا الهي
صخرا صقيلا
صخرا تزل الخمر عنه.... الى شفاهي
ووحدة القصيدة مصطلح وضحه ارسطو في كتابه فن الشعر، وعده معيارا لمنبع اللذة، لان القصيدة تتحرك وهي تثير غريزة الشاعر والقارىء معا، هو انتقاء لحدث مركزي، تتمحور حوله الاحداث الاخرى، ليست هناك مصادفات ساذجة، وانما هناك تصميم وخلق وارتباط وبنية في تطور عضوي لاواعي، ان القصيدة عند حسب الشيخ جعفر، كائن ينمو ويتكاثر ويتوالد ليطرح كما الارض غلته بعد سنين او ربما بعد دقائق حيث تنضج الفكرة في ذهن القارىء قبل ان يدع القصيدة تبتعد عن عينيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن عن أدائه في المناظرة: كدت أغفو على المسرح بسبب السفر


.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية




.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي


.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان




.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال