الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب ( الفكر الجذري - أطروحة موت الواقع - ) لجان بودريار

محمد بقوح

2012 / 7 / 19
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الواقع الذي يعيشه الإنسان المعاصر هو واقع مزيف. أي مشوه. واقع لا يمتّ بصلة للواقع الفعلي و الحقيقي، الذي عشناه قبل سقوط جدار برلين.. هذا الواقع، كان واقع الوضوح و التوازن الأيديولوجي بين الشرق و الغرب ( نظام القطبين الأمريكي و السوفياتي – سابقا.. الذي تحول عنوة إلى نظام القطب الأمريكي الواحد )، واقع النفي و الأطروحة و نقيضها، واقع تجاوز البنيات التقليدية الهشة و الصراع من أجل تجديد دماء الحياة، التي تعني حياة الثورة و التغيير و الحرية.. إنها المعطيات المبدئية الأساسية، التي تقوم على أساسها أطروحة المفكر و الفيلسوف و عالم إجتماع الفرنسي جان بودريار ( 1927- 2007 ) في كتابه ( الفكر الجذري – أطروحة موت الواقع - ) الذي ترجمه الأستاذ منير الحجوجي.

و حين يتم استحضار هذا النقد الجذري العميق، الذي وجهه بودريار لواقع العولمة – الذي هو على وزن "الأمركة" بتعبير محمد عابد الجابري، فهو استحضار يحمل في طياته نوعا من التأسيس الفلسفي الثوري المأمول و المرغوب فيه، و بالتالي فكتاب ( الفكر الجذري – أطروحة موت الواقع- ) الذي صدر سنة 2006 ( دار نشر توبقال ط1، 96 ص ) ليس كتابا عاديا يمجد ثقافة العدمية و التيئيس، كما يمكن أن يتبادر إلى الذهن من خلال عنوانه، بل على العكس، هو بمثابة رؤية نقدية جريئة لواقع بشري متحكم فيه، من طرف نظام آلة القوة العالمي الاستهلاكي، الشيء الذي يفرض علينا رفض هذا الواقع "المزيف"، المنتصر لفكر الأقوياء و الأغنياء على حساب فكر و حلم الضعفاء و الفقراء، و بالتالي فهو واقع مفروض و مهيمن و طاغ، يستدعي من الشعوب المنتمية إليه، نهج ثقافة تشديد الصراع و سلك أسلوب المقاومة بجميع تجلياتها، من أجل رد التوازن لمنطق التاريخ، و أيضا رد الاعتبار لما هو إنساني و قيمي في هذا الواقع "الإنساني" المفتقد في واقع اليوم..

لكن، ثمة سؤال يفرض علينا طرحه، و واقع عالم اليوم، خاصة ما شهدته و تشهده الساحة المغاربية و العربية، منشغل بأحداث الثورات المجيدة، التي انطلقت في بداية العام الماضي ( 2011 ) بنجاح ثورة الياسمين التونسية. سؤال يجعلنا نقول : ألم يكن جان بودريار، من خلال كتابه هذا و العديد من مواقفه الفكرية ذات البعد الفلسفي النقدي الجذري الراديكالي، يلمّح لاندلاع و "انفجار" واقع التغيير و الثورة، الذي كان من الضروري أن يطفو على سطح واقع تاريخي"أعرج"، كان دوما في صالح القلة البشرية المهيمنة الغنية القوية باقتصادها المحتكر، و سياساتها المجحفة، ضد الأغلبية من سكان العالم قاطبة، الرافضة لواقعها المعَولَم و المقصي لها ظلما..؟
ربما، حتى كلمة الموت التي وردت في عنوان كتاب بودريار أعلاه مقرونة بالواقع، قد تقرأ في نظرنا على الأقل، من منظور تفاعلي تاريخي مماثل، بكونها تعني جدل الصراع بين واقع متشبث بالحياة كمبدأ، و هو حتما واقع الشعوب المضاد، و واقع مصرّ على ممارسة فعل النفي و الموت على الواقع الأول.. الشيء الذي نتج عنه واقع مركب نوعي جديد - إلى حد ما - لم تكتمل صورته بعد حتى اللحظة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال