الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا والتنازلات السياسية

حميد المصباحي

2012 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


السياسة هي مجمل الجهود التي تبذلها الجماعات البشرية من أجل امتلاك أداة الحكم,أو التأثير على القرارات التي تتخذها,فالسياسة حاضرة باعتبارها حكما أو حتى معارضة,ومعنى ذلك,أنها نشاط فيه الكثير من الصراعات بين متنافسين يمثلون مصالح متعارضة,والدولة باعتبارها جهازا,عليه أن يشتغل وفق التوافقات القائمة بين القوى السياسية,يتحرك وفق قوانين,تحكم تحركاته الأمنية والعسكرية,بكل أصنافها,حتى لاتمارس القوة العمومية ضد هذا الطرف أو ذاك,وإلا اختلت التوازنات السياسية,باحتكام المتصارعين إلى القوة الجماعية,التي قد تنفلت من عقال القانون العام,لتؤسس لنفسها قانونها الخاص,قانون القوة,ومحاكم الشعب كما يحلو للبعض تسميتها أثناء لحظات الحسم العنيف مع الدول غير المنظبطة للشرعية المستمدة من سمو القوانين المتضمنة في الدساتير,التي هي عبارة عن حدود مؤطرة وفق الواجبات والحقوق المدنية والسياسية.
يحدث في زمن سوء تدبير الإختلافات,القائمة على تعارض المصالح,وإلحاح أحد الطرفين على الإستفراد بالقرارات المصيرية,أن تحتد المواجهات,والإستقطابات الجماعية,السياسية,التي سرعان ما تستعين,في المجتمعات غير العريقة ديمقراطيا,بما هو ديني أو عرقي,ومذهبي في حالات أخرى,مما تصير معه إمكانية التحكم في التحركات العنيفة صعبة,بتكلفتها وانزياحاتها نحو الحروب الصغيرة,التي سرعان ما تمتد,لتهدد السلم الإجتماعي وتعصف بكل التوافقات,لتصل إلى مرحلة الإستعانة بقوى خارجية,لها حساباتها الخاصة,والتي لاتراعي وحدة الأوطان,ولا سلامة المواطنين,وبقدر تخلف المتدخلين,ولا حضارية تدخلاتهم,ينشط العنف,ويزداد اشتعالا,وهي الحالة السورية,بحيث امتدت الصراعات,بفعل دعم معارضة من طرف قوى عتيقة في نمط حكمها,تريد الذهاب بثمن التغيير إلى أفدح النتائج,لتقصي من الخريطة العربية,أي نظام عربي,يحافظ على استقلالية قراراته السياسية والإقتصادية,فدول الخليج العربي,بنمط حكمها العتيق,واللا عقلاني,والسلفي المتخلف,يثيرها أي نظام مخالف حقق نسبة من النمو,والممانعة السياسية,لأنه سوف يشكل في زمن الثورات والتحولات,نموذجا لشعوبها التواقة للتقدم العلمي,والحرية بدل سياسة تبذير الثروات والإستعانة المهينة بالغرب والولايات المتحدة الأمريكية,والقبول بهيمنة إسرئيل بغية القبول من خلال قوتها العسكرية,بسيطرتها,بما يقتضيه ذلك من فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين,وحتى على لبنان نفسه,لتكتمل خطة تطويق الطموحات الإيرانية الصاعدة,والتي تعاديها الدول العشائرية العربية الخليجية,بميولاتها للمهادنة,والقبول بالخضوع لسادة العالم الحر,لنيل رضاهم والتهديد بقوتهم الجيران وحتى الإخوة العرب,هنا تجد سوريا نفسها مرغمة على عدم التنازل,فهي لم تعش احترابا داخليا,بين إيديولوجيتين وسياسيتين,بل هي أمام رهانين,القبول بما قبلت به دول الخليج,وفك الإرتباط بإيران والمقاومة اللبنانية والفلسطينية,أو التعرض للتدمير والسحق,من خلال دعم المسلحين,الذين حولوا الإحتجاجات المطالبة بالحرية والديمقراطية إلى مبرر ومخلب نمر لتصفية الحسابات السياسية مع نظام دعم,رغم كل عيوبه,المقاومة اللبنانية والفلسطينية,وفتح حدوده لكل القوى الوطنية والشعبية,وبقي رغم الحصار العربي والأجنبي,وفيا لما تبقى من حق نصرة المشردين والمحتلة أرضهم من طرف الإحتلال الإسرئيلي,ليلعب بمنطق التوازنات الدولية حماية لذاته وحلفائه,رغم أن منطق السياسة يفرض دائما التنازلات,التي هي جزء من السياسة,بل هي معترك سياسي,لابد من استحضاره,لكن,أين هو هذا التنازل,وما هي حدوده؟
إن التنازل الوحيد حاليا الممكن هو الإحتكام للديمقراطية,وإفساح المجال للتعددية الحزبية السياسية,وفق دستور متفق حوله,قابل للتعديل بعد الإنتخابات ووضوح التوجهات العامة في المجتمع السوري,بمختلف توجهاته السياسية والإيديولوجية,والتي لايمكن اعتبار المسلحين فيها حلا سياسيا,أما الإلحاح بضرورة انهيار النظام السياسي,لتعود سوريا كما العراق قرونا إلى الوراء,فلا يمكن اعتباره حلا,ولا ثورة,في ظل وجود البدائل الجهادية,الرافضة أصلا لفكرة الدساتير,والمتحفزة لبناء نمط سلطوي لاحس فيه للديمقراطية ,بل مجرد دولة لاهوتية لاتعترف لا بالحقوق ولا التوازنات المجتمعية,بل قد تشعل صراعات طائفية ربما أكثر اشتعالا من الحرب القائمة في سوريا حاليا,وتكون لها تداعيات غير محسوبة,على المقاومة والديمقراطية التي لازالت احتمالا قابلا للتحقق أو التطوير,وفق درجات الوعي العربي بأهميتها وضرورتها,لبناء الوطن العربي,وتأهيل بناه العلمية لاستعادة إشراقه العلمي والمعرفي بتخلصه من التبعية المهينة والتباكي على الماضي المهيب,في حلقات الذكر,واختزال الصراعات العربية فيما هو فقهي مذهبي,للتحريض على إيران والقوى الرافضة لخطط الإستكانة وإهدار الثروة العربية,في شكليات التباهي مما لانفع فيه لهذه الحضارة المكلومة,والتي عليها الخروج من عصرالظلمات,إلى عصر تملك المعرفة العلمية,بذل اعتماد استيرادها لتخويف الجيران والإخوة بها أو بعثها لمواطني الدول العربية,ليس غيرة عليها من الإحتلال,بل رغبة في التدمير والتخريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم