الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلا من مغيث يغيثنا ؟

جاسم محمد كاظم

2012 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية



سأبدأ قولي ببيت المتنبي الشهير وهو يوبخ فاقدي الضمائر ومعدمي الإحساس ومتبلديه والضاحكين على فقراء المساكين بكذب الوعود :
" وما انتفاع أخي الدنيا بناظرة ... إذا تساوت عنده الأنوار والظلمُ " ..
وفي العراق العظيم فقدنا تماما بريق الأنوار وحلت محلها سحب الظلم الداكنة التي سودت نهاراتنا المشرقة .
ربما لا يعرف البعض هول المأساة التي نعيش مأساة قد يذكرها القلم باغرب من خيال ولا احسب أكثر القنوات الفضائية من تلك التي تداعي وتطالب بالكهرباء المفقودة تقف على حقيقة ما يحدث في ارض الواقع وما هو مقدار الكهرباء الذي يحصل علية ما يسمى بالعراقيون حين وصلت درجة الحرارة بحر بصيف لاهب تجاوزت فيه الحرارة حد 55 مئوي.
سأذكر عينة من الإمراض التي أصابت أطفالي الصغار كان الربو والطفح الحراري أول الغيث تمزقت فيه جلودهم من هول الحرارة الهائلة التي تبدأ مستوياتها بالارتفاع من الساعة إل 11 الحادية عشر حتى إل 5 الخامسة مساءا بتوقيت تغادرنا فيه موجات الكهرباء إلى الأبد وتصبح أعمدة الكهرباء مجرد أشباح خاوية تفتقد إلى الروح .
تعفنت الأطعمة في وأصيب البعض بالتايفوئيد والصرع الحراري وانتشرت في جلود بعضهم الدمامل وعانى بعضهم من الاختناق وعجز الجهاز التنفسي وانسلخت جلودهم وظهرت مكانها جلود أخرى.
تغالط بعض الفضائيات المحلية الكاذبة أنفسها وتدفن عنقها في الرماد وتسافر بعيدا عن موقع الألم والمأساة وتبدى أكاذيبها المضللة بنشرات الأخبار وحدثها الأول بتسلية أنفسها بالحديث عن مجاعة أفريقيا وجفاف انهرها وهجرة بعض القاطنين من قبائلها المرتحلة .
وتتشدق الأخرى بنزوح 20 مليون باكستاني يعانون من موت بطئ بسبب الفيضانات وتفشي الإمراض ويتجاهل هذا الأعلام المغرض إن الساكنين في هذه البقعة الملتهبة بالنار تفوق ماساتهم كل معاناة أهل الأرض بعدم وجود تيار كهربائي يسير في أسلاك الأعمدة الخاوية تكون نتائجه السلبية فقدان كل الخدمات التي تعتمد على الكهرباء بدئا بالمستشفيات إلى كل مفاصل الحياة .
قد لا يصدق البعض هذا لكن الصورة تنطق بالقول صياحا تحمل معها حجم الكارثة حين ترتفع درجة الحرارة إلى 55 درجة مئوية تصبح معها جدران البيوت الحجرية مناطق مشعة للنار تحرق الجسد بصريخ الأطفال وأنات الشيوخ بدون سامع أو مجيب ويصبح تناول كاس من الماء البارد أمنية مستحيلة بوصول سعر " قالب الثلج " إلى 8000 ألاف دينار مع ازدحام هائل حول معمل الثلج يتطلب معه الأمر استخدام هراوات البوليس وتدخل قوات الدرك لفض الازدحام وتصل المأساة ذروتها حين يرى ويسمع الإنسان صريخ أبنائه الصغار وأناتهم وكيف تذوب أجسامهم الصغيرة من حر لا يطاق ولا يستطيع أن يفعل شيئا بوصول الأمل إلى حاجز اليأس بعد أن مل ما يسمى بالعراقيون كل الوعود الكاذبة حين خاب الظن بأقوال المتسلطين وسقطت كل نظريات الدين وسفسفاتة الكاذبة وأسفر وجهة الكالح بأنة أبشع صورة للاستغلال عرفناه في كل العصور بإشاعة نظرية تجهيل البشر واستغلاله لهم صم آذانه عن سماعهم شكواهم وجلس في عزلته بعيدا عنهم وسكت المسئول ذو الدرجة الخاصة النائم والجالس خلف "السبالت " والتبريد المركزي " لا يعلم ولا يريد أن يعلم إن الكهرباء موجودة أو غير موجودة في ارض "ميسوبوتاميا "لأنة ببساطة لا يشعر بالانقطاع ينتقل من التبريد إلى التبريد ومن الخط الحرج الخاص إلى المولد العملاق ذو التشغيل الذاتي " الاتوماتيكي " لا تتحسس خلايا جلدة الناعمة لحظة الانقطاع بينما يعاني 99% من هذا الشعب من لهب حر لا يطاق وانقطاع يصل إلى 20 ساعة في اليوم .
قد يظن البعض ان تكلفة رفد بيوت العراقيون بالكهرباء تحتاج إلى تكلفة هائلة ورقم خيالي لكن النظرة إلى الواقع تبدد كل تلك الأنظار ولا تحتاج إلى أكثر من (4.000.000.000) "أربعة مليار دولار أميركي " كحد أقصى تكون كافية لإنشاء محطات طاقة تستطيع الوصول إلى حالة الاكتفاء ب (5.000.000 ) ""ميكا واط"" تكون كافية مع الطاقة الحالية البالغة( 4.500.000 ) ميكا واط لرفد بيوت العراقيون بالكهرباء بدون انقطاع .
قد يكون ما ذكرناه نكتة حين يقرئه السعودي أو الكويتي أو ربما حتى الأردني الذي ترفده ميزانيته البالغة 10 مليار دولار أميركي بكهرباء لا تنقطع وهو يعرف إن العراق من دول الزيت الأسود والبئر الذي يتحكم زيته بحركة مفاصل العالم وتضيى زيوته المنقولة بالسفن شوارع الشانزليزية وحدائق الهايد بارك وملاهي مانهاتن وتصل أرصدته السنوية إلى أكثر من 120 مليار دولار .
عراق اليوم على ما يبدوا يخالف سير الزمن بقوانينه وتطوره الهائل حين عاد إلى الفوانيس النحاسية الخانقة بحكم الإسلاف الغارقين في غياهب الأبدية وغرق في سباتا عميق مغمضا عينية حاجبا عقلة المستقيل وكل نتاجات البشرية يحلم بالعفاريت والقصص الخارقة والابطال السرمديين القابعين خلف الغيوم البعيدة يغذى عقلة بكلمات الوعود المستقبلية غير عابئا بعذابات القاطنين في هذه الأرض وكيف يدفعون إتاوات ثقيلة من خلايا جلودهم المنسلخة بحر الصيف اللاهب الموبوء بالإمراض بعد أن توقف قلب ونبض كل الطاقات عن العمل وتشييع الكهرباء إلى مثواها الأخير بغير رجعة في عصر الظلام .
وأصبح تقييمنا لكل الوعود والتصريحات المنمقة بزيف الكلمات بسطر واحد يكون أجمل وقعا في أذن كل السامعين لو كان بصوت الممثل الكبير علي الشريف وهو يتفنن بإطالة نبرة مثله الجميل
" عيــــــــــش يحــــــــــــــــــــــــمار ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا
محمد جعفر ( 2012 / 7 / 19 - 23:11 )
الاخ العزيز
تحية طيبة
لا معين فمن لايعين نفسه لا معين له والحمار الذي ينتظر الربيع دون ان يصنعه
لا يستحق الحياة وان الحمار يأبى الانتظار ومن ينتظر هو الانسان الذي يتسول الحقوق وليس الذي ينتزعها

اخر الافلام

.. 67,1 بالمئة.. تقديرات نسبة المشاركة في الدورة الثانية للانتخ


.. الفرنسيون يختارون: -برلمان معلق- أو تعايش صعب بين الرئاسة وا




.. حزب الله يرد على اغتيال إسرائيل أحد مقاتليه بعشرات الصواريخ


.. ما أهمية خطاب أبو عبيدة للفلسطينيين قبل جولة جديدة من مفاوضا




.. شبكات | لماذا حظرت برلين المثلث الأحمر المقلوب؟