الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المبادرة هي السبب

جمال الهنداوي

2012 / 7 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


واقع جديد فرضه الفيتو الروسي-الصيني على معطيات المقاربة السياسية للاحتجاجات الشعبية السورية المطالبة بالتغيير والحرية والعدالة والكرامة الانسانية..وهذا الواقع يتلخص في انسداد الافق تماما امام مبادرة المبعوث الدولي كوفي عنان التي تفترض حل-او قد يكون تعقيد-المشهد المأساوي الذي تدور رحاه على الارض السورية والتي لم يكن هناك من كان يؤمن بنجاحها اصلا..فبعيدا عن الانسياق وراء البلاغة المفرطة التي صيغت بها المواقف السياسية لمندوبي الدول الاعضاء في مجلس الامن..فان الموقف الواقعي الذي يجب البناء عليه هو انه لم تكن هناك اي فرصة حقيقية امام المبادرة للحياة..
قد يكون مقتل المبادرة ومكمن الخطل فيها ليس في الفيتو المزدوج الذي كان فرصة لالتقاط الانفاس الى العديد من الاطراف,بل كان فيها نفسها,وفي منطلقاتها وفي المآلات التي ينتظر ان تفضي اليها,وبالاخص,في الشق العربي منها..فلو استثنينا صياغتها الانشائية المبهمة, وتقدمها الكبير غير الموفق على مواقف الدول الكبرى,وعدم استنادها على قراءة سليمة ومنطقية للاحداث..يبقى الخلل الاهم وهو في كونها بنيت على رؤية خليجية ملتبسة للحل دون العناية بكيف ومتى وتحت اي ظرف ستطبق وكم من الوقت تحتاج لكي تتحصل على الرضا في ظل كل هذا الانقسام الدولي حيالها,وكم من المؤتمرات سيحتاج "اصدقاء سوريا" لاقناع الوريث الحانق بالتعامل معها..
مسألة اخرى يبدو انها لم تكن في اعتبار المبادرة وهي ان الازمات لا تحل بالتموضع امام كاميرات الاعلام ولا في اطلاق العبارات المتذاكية في المؤتمرات الصحفية..ولا في التعمية على قوى الثورة الشعبية السلمية المناضلة المنددة بالنظام لصالح المسلحين الذين يدفعون الى عسكرة الثورة وتحولها الى حرب اهلية تقدم اكثر من غطاء لتصعيد النظام لآلته القمعية الوحشية ..وهي بالتأكيد لن تجد حلا ولا مخرجا في تكرار وضع الملتحين في مقدمة البرامج الحوارية التي تزدحم بها شاشات الرأي والرأي الآخر..
ان المبادرة لا تقدم الجواب الصحيح للسؤال الصعب عن الخطوة التالية التي ستلي انفضاض القوم وخروج الشيخ حمد من مؤتمراته الصحفية التي لا تكاد تنتهي..وما العمل لايقاف النظام عن ممارسة القتل وسط افتقاد المجتمع الدولي لاي رغبة في التدخل العسكري تجاه اسقاط النظام..كما ان الاسراف اللاهث في استرضاء روسيا من خلال التعديلات المتناسلة التي ساوت بين الضحية والجلاد قد تشي بان الهدف الرئيس من المبادرة لم يكن ايقاف نزيف الدم السوري او حماية المدنيين بقدر ضمان ايصال اطراف معينة الى الحكم وتأمين تقاسم السلطة ما بين النظام والاخوان مع فسحة للسلفيين وهو ما عرضته تركيا من قبل ورفضه الاسد..
ان المبادرات الحقيقية يجب ان لا تستهدف تسليك الطريق الى الحرب الاهلية ولا ضبط الصراع ضمن المعايير الطائفية الممزقة للنسيج الوطني السوري بقدر اشتراط كونها يجب ان تقدم حلولا وامنا للمواطنين المدنيين العزل،الناس العاديين المسفرين عن وجوههم وصدورهم تجاه الة النظام الهمجية في ثورتهم السلمية الصابرة والذين لا يحملون السلاح ولا يقدمون البيانات المنسوخة من ادبيات الحركات الجهادية التي تضفي مشروعية كاملة على خيارات النظام القمعية وتجيرها في خانة الجهد الامني الذي يستهدف ضبط السلم والاستقرار على الارض..اولئك المواطنين الذين يجاهرون برفضهم للنظام والمطالبة بحقوقهم السياسية والديمقراطية، والذين يملأون الساحات والشوارع هتافا وصراخا بان لا استبداد وديكتاتورية بعد الان,وبسلمية,دون ان يتعرضوا للممتلكات العامة والخاصة، وللمقار والأبنية الحكومية، بالحرق والتدمير والإتلاف، فهؤلاء هم الذين يجب ان تكتب من اجلهم المبادرات ولهم على الجامعة العربية ان تقدم الحلول التي تستهدف حمايتهم ..اما حصر الجهود العربية في تمهيد الطريق امام المسلحين لتصدر المشهد السياسي ومحاولة ادخال المجتمع الدولي كطرف في السباق الاخواني-السلفي لحجز المواقع على الارض استعدادا لخطبة القرضاوي في ساحة الامويين فهو لا يعد الا خسارة كبيرة للوقت والدم والكرامة السورية الجريحة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا