الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجال اكبر من المناصب

عمار طلال

2012 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


عالميا، اثبت جيفارا وسنغور، انهما اكبر من رئاسة دولة، وعربيا لنا في علي سالم البيض وسوار الذهب، قدوة في التخلي عن الحكم لصالح تاسيس دولة مثالية، ومحليا، لم يزهد واحد من رجال الحكم، في العراق بمنصب، سوى د. عادل عبد المهدي، الذي آثر التخلي عن منصب نائب رئيس الجمهورية، تفهما منه لمقتضيات الوضع السياسي المشحون؛ ولان الشعب.. حينها عبر عن استيائه من ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية، لا حاجة فعلية لهم، انما مجاملة لكياناتهم السياسية وايغالا في الفساد المالي والاداري.
فتشي جيفارا، الطبيب البلشفي المناضل، الذي قاتل في الادغال، الى ان اسهم في تحرير كوبا؛ ليتنصب عليها فيدل كاسترو رئيسا، وعرض على جيفارا منصب نائب الرئيس، فقال له بالحرف الواحد:
-لم نتبلشف.. شيوعيين لنمسك حكما ونتنعم برغده.
امسك كاسترو رقاب الكوبيين، حتى ازهق ارواحهم حوالى نصف قرن، وواصل جيفارا السعي لتحرير العالم، فلم يسعه تحرير فيتنام، انما اعدمته القوات الامريكية، في ادغالها من دون محاكمة.
وليوبولد سنغور، حرر دولة مالي من ربقة انهياراتها الاقتصادية والسياسية، الى ان استقرت، فعاد للشعر الذي شغلته الرئاسة عنه، مؤثرا القصائد على السياسة.
وكذا فعل سوار الذهب في السودان، اذ حقق سلاما ما فتأ ان انهار من بعده، مع الاسف.. لكن يكفي هذا الرجل عظمة، انه صبيحة تسلمه الحكم، جاءت الحكومة العراقية، بسيارة حديثة، مع سائق وجوقة حمايات، لنجله، وكان طالبا في كلية الفنون الجميلة / جامعة بغداد، فرفض.. يومها الزمته الخارجية العراقية بتثبيت رفضه لدى السفارة السودانية، اخلاءً لمسؤوليتها، ففعل، لانه وطني اصيل زاهد بالمظاهر، وابن وطني زهد بالرئاسة.
اما علي سالم البيض، فحكايته في التفاني الوطني تفوق الفلاسفة والانبياء وصفا.. الرجل ظن اليمن سائرة الى ديمقراطية انتخابية، فسمح بالتراجع نائبا لعلي عبد الله صالح، آملا بالتوحيد المثالي لليمنين.. الشمالي والجنوبي، لكن عندما آن موعد الانتخابات تنكر صالح للبيض، مستحوذا على الحكم بديكتاتورية، اذلت اليمنين اللذين باتت وحدتهما قهرا لكليهما، حتى جاء امر الله وانتفض اليمنيون على السفاح، لكن تنكره للبيض واجباره على اللجوء الى الامارات بعد حرب غير متكافئة، اسهمت فيها حتى طائرات صدام حسين الذي اقنع البيض بالوحدة الوطنية، ثم لم يكتف بالتنكر، انما قاتل الى جانب نظيره في الطغيان وصنوه في اذلال الشعب.. علي عبد الله طالح.
تضحية د. عادل عبد المهدي بمنصب تتقاتل الكتل السياسية من اجله، اكد فيها انه اكبر من منصب يستفز الشعب، لكن مع الاسف مجلس النواب رشح بديلا عنه، واعتبروه مستقيلا في محاولة لاحتواء البطولة والزهد، بدل ان يخجلوا من الشعب ويثمنوا ترفع عبد المهدي عن منصب تحفظ الشعب دونه.
مع الاسف لم تفلح اي من تجارب الايثار، لا في كوبا ولا السودان ولا اليمن ولا العراق؛ لأن نهازي الفرص ومغتنمي السحت الحرام، قفزوا على الامر وحولوا علو جناب جيفارا وسوار الذهب وعلي سالم البيض وعادل عبد المهدي، الى غفلة.. تشاطروا هم في نيلها.
لذا باتت هذه التجارب المثالية، انتكاسات واقعية في اقدار الشعوب؛ لكنها ظلت علامات خالدة في ذاكرة المنصفين.. تحترمها الشعوب وتقدس زهد رجال اكبر من المناصب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاخ عمار المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 7 / 21 - 18:03 )
تحيه
اعتقد ان سنغور كان في السنغال وليس مالي
اكرر التحية

اخر الافلام

.. بعد إقراره بالذنب.. القضاء الأمريكي يطلق سراح جوليان أسانج و


.. طفلان فلسطينيان يخرجان من بين نيران مدرسة قصفت من قبل الاحتل




.. غانتس: حماس فكرة لا يمكن تدميرها ولكن بإمكاننا القضاء على قد


.. أول مناظرة في فرنسا بين الكتل الانتخابية الرئيسية في خضم حمل




.. وساطة إماراتية تنجح بتبادل 180 أسيرا بين موسكو وكييف