الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسات العطش

أم الزين بنشيخة المسكيني

2012 / 7 / 21
كتابات ساخرة



لا أحد قادر على فهم ما يحصل اليوم مع حكايات التعطيش و التظليم و التهميش و التجويع و التعطيل ..لا الشعب الكريم و لا أذكياء البلد ..و حتى الحكومة تبدو غير مدركة بشكل دقيق ما يحدث وراء قطع الماء و الكهرباء في مدن كثيرة في البلاد ..من يتآمر على من ؟ لخبطة في الاجابات الحكومية و غموض و أحكام ..و توتّر ينتاب الجميع شتائم و خصومات ..كأنّنا في سوق سوداء لبيع قطع غيار قديمة..كل و نصبته ..كل و سلعته ..و الشعب بين النصب و النصّابين ..و السياسة بين السلع و الأثمان الباهضة ..من يشتري من ؟ و من يدفع الثمن لمن ؟ برنوغرافيا عامّة و كوميديا عملاقة ..و أين الشعب الكريم من هذه الأضحوكة السياسية البائسة ؟ مؤتمرات ضخمة و مضخّمات صوت في كل مكان و تجارة الدين على قدم و ساق ..و سياسات العدالة الانتقالية و تحقيق أهداف الثورة صارت بفعل فاعل ،علّه شيطان ماكر يكلكل بطيفه على البلاد،الى سياسات العطش و تجفيف المنابع ..هل هي لعنة الاهية أصابت هذا البلد أم مجرّد عطب تقني أصاب الحديد و النحاس فصار زنكا أسودا انصهر من فرط الحرارة ..و كل شيء أصابته الحرارة و حمّى الديمقراطية ..و لك أن تختار أيّها الشعب الكريم شكل موتتك اليومية ..امّا أن تموت جوعا أو أن تموت عطشا..و ان استطعت أن تجمع بينهما فلا حرج عليك ..و بوسعك أيضا أن تكون من المعطّلين عن العمل ..و ان رغبت في الزواج ..يا حبّذا ..ستبقى عانسا عن الزواج و عن العمل معا ..لا حرج عليك ..يسّر على نفسك ..ثمّة اجابة كسولة جهّزناها خصّيصا لك "ربّي يسهّل "...
و بعد أيام سيأتيك شهر تصومه نهارا و تتسكع فيه ليلا و تفقُر بين أضلعه بعد صلاة الظهر..و في أثناء ذلك سيعدّونك خصّيصا للانتخابات القادمة ..يأتونك حيثما أنت ..لن تميز حينها ان كنت مواطنا أو رعية أو مهدّدا في الشهرية ..ان كنت ذاتا أو بضاعة أو مسرحا للدمى المطاطية ..ههنا عليك أن تسأل نفسك بصوت مرتفع :"ماذا غنمت من الانتخابات السابقة ؟و من يوم طال فيه يومك و أنت تتمطّط وقوفا في طوابير العطش ؟ اسأل نفسك بصوت مرتفع أكثر قبل أن تقف في طابور الجوع ثانية..يا ابن العطش ..لا تلقي بصوتك سبهللا ..في صناديق الاقتراع فقد تداهمك القُمامة ثانية ..سينقطع عنك الهواء هذه المرّة من تراكم مزبلة الخطابات الفارغة ..و مرة أخرى سيحدثونك عن الكرامة و الحرية و مقاومة الفساد
القديم ..ماذا عن الفساد الجديد ؟ ستداهمك المفاهيم الطنانة من كل صوب :"هذا سيحقق العدالة ..و الآخر سيعطيك الكرامة ..و من المرّيخ وعد بالتشغيل ..و من المشتري اعلان بيع بالجملة لما تبقى من الخيول و القصور ..و سيكون سوقك حافل يا ابن العطش.. كل جمعة .."
حذار يا هذا ..يا أولئك ..يا هؤلاء ..يا أبناء العطش و الجوع و الظلام المخيم ..و انقطاع الهواء ...ففي كل خطوة تخطوها في هذا الطابور الكبير من الخوف و الفجيعة ..قد تجد حتفك ..أو قد تظفر بليلة القدر ..لا أحد يدري ..لكن حذار من انتصاب القمامة في كل أركان بيتك ..
و في كل الحالات ..ستبقى هنا صامدا حتى لو جوّعوك ..حتى لو عطّشوك ..حتى لو همّشوك ..حتى لو كنت معارضا ..لن تموت ..حتى لو سجنوك في صفر مكعب أو في دائرة مربّعة ..كُن ما تريد ..أنت ما أنت ..أنت ما تريد ..يا ابن العطش أنت ههنا بالمرصاد لكل من يخطئ في حق الشعوب ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل