الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبلة رمضان وذكريات من الطفولة

عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)

2012 / 7 / 22
الادب والفن



لا نوم ليلة ثبوت رمضان، كما انه لا نوم ليلة العيد، اذ ان القلوب كانت تظل معلقة بصوت الطبل الذي سيأتي من الخارج، ويظل ذلك الصوت حديث لاحدنا اذا سمحت له يقظته بسماعه، كثيرة هي المرات التي حاولت فيها ان ابقي على عيوني مفتوحة بانتظار ذلك المسحراتي الذي لا يأتي الا ليلا، وكثيرة هي الصور التي رسمت بخيالي عن مسحراتي الحي عندما كنت صغيرة، هل تراه كان يسير ملثما بالشارع حتى لا يعرفه احد، ام تراه كان ضخما حتى يسير بالليل دون خوف، وهل تراه سيأتي كل ليلة من ليالي رمضان، وغالبا ما كان ينتهي رمضان دون معرفة حقيقية من يكون ذلك الصوت الليلي.
تظل صور رمضان حية في ذاكرتنا صغارا، حيث القسم باللسان على ان الصيام صحيحا بمده الى الخارج ابيضا من أي شبهة تشي بتذوق الطعام، المشكلة اننا كنا نحتاج بين ساعة واخرى الى اثبات هذا القسم ونحن نتنقل بين ازقة الحي نبحث باللعب عن متعة تنسينا ساعات الصيام الطويلة.
كانت عيوني لا تخفي دهشتها وانا اسمع الجارات يسألن بعضهن ذات السؤال: ان كن صائمات، وكنت ارى بأن مثل هذا السؤال لسيدات بعمر الامومة لا يحتاج الى اثبات الصيام بقسم اللسان فالصيام امر عادي لمن هن في عمرهن ولكن سؤالهن بحسب تفكيري وقتها هو الامر غير العادي.
في الذاكرة كيس صغير كان يسمى كيس رمضان نضع فيه ما لذ من طيب الحلويات وما جرى عليها اللعاب، طوال النهار نطيل النظر على كنوز الطفولة وكنوز الكيس وننتظر ساعة الوعيد بالتهام ما ادخرنا، وكما قيل ان في تعلم الصبر يكمن سرّ الطبيعة، كم كان يغلبنا النعاس فنغفل عن كنوزنا وننسىاها، هل ترانا ما زلنا على ذلك العهد لا ندري أي الكنوز نمتلك وكم سنحسن استخدام ثروات فرحتنا ورعايتها، فالحياة تمضي سريعة وقد لا تحتاج منا الى لحظة تردد.
رمضان هذا العام يأتي حزينا، والاسباب ابشع من ان نستحضرها في هذه المقالة التي حاولت فيها ان اغمض العين عن جريان الدم واعداد القتلى والمشردين ومن هجروا بيوتهم الى الشوارع او الخيام واختاروا التراكم الجماعي في بيت واحد ظنا منهم بالامان على نفوسهم واحبتهم من الة الحرب العمياء التي لا تفرق بين صغير وعاجز وامرأة وشيخ، فكم دمعة جرت على الخد لفقدان الاحبة في حرب باردة لا يمكن ان نسميها الا حرب ابادة للنفس والروح والامل بالمستقبل.
فهل ترانا نستطيع ان نغض الطرف ونصرف النظر عن دمعة طفلة لا تقنع بالاسباب التي جعلت والدها يموت بين يديها، او ام ثكلى كانت ترجو ان يواريها ابنها الثرى بدل من رؤيته هو تحت الثرى.
لماذا ذهب رمضان وغادرنا بطبلته وطلته الكريمة، كم بيوت كانت تنتعش بروح رمضان والزكاة التي تدفع في بهاءه بقصد الاجر.
يتراكم الغضب بالنفوس وتضيع ايام الطفولة وذكريات الكبار عنها تحت عجلات الحرب والفقر وشظف العيش، أي رمضان صرنا ننتظره! اخشى ان اقول بأن رمضان ما عاد يأتي الا لنستذكر فيه دموعنا واوجاعنا.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماجينة ياماجينة
Aghsan Mostafa ( 2012 / 7 / 22 - 17:40 )
ما أجملك عبلة؟....رمضان كريم ومبارك عليكم عزيزتي، نتمنى ان يعاد على الجميع براحة البال ....لم يبق لنا عزيزتي من رمضان غير ذكريات من الزمن الجميل، زمن الطفولة! انا وغيري من أبناء جيلي كنا آخر معاصريه!!! ....الطفولة بعد تلك الفترة اصبحت شيخوخة مبكرة!!!،،، حزينة حزينة انا

من ذكريات رمضان العراق
https://www.youtube.com/watch?v=oYGI0mR0PYM

محبتي عبلة


2 - الأستاذة عبلة عبد الرحمن المحترمة
ليندا كبرييل ( 2012 / 7 / 22 - 18:00 )
لي ذكريات دافئة جداً مع قدوم رمضان ، بل كنا ننتظره كما ينتظره المسلمون ، نحتفل به ونحن نعلم أنه ليس عيدنا ، نقف على سطح جارنا أبو ياسين لاستطلاع الهلال ، فإن أعلن عنه في الراديو بادرنا للتهنئة ، كان الدور في تحضير الطعام يدور علينا جميعاً في الحارة، وما أن يؤذن حتى ترانا نصرخ بصوت واحد : سفرة مقبولة وصيام مبارك
ونتناول مع الأهل المسلمين الطعام بفرح ، ونسهر معهم ما كنا نعرف برامج التلفزيون الصاخبة ، كنا لوحدنا نعمل البرامج والسهرات والمسرحيات ، ونعمل مسحراتي أيضاً .. آه~ ما أجملها من أيام ، هيا نتذكر أحبابنا الذين نفتقدهم في هذه المناسبة ، ونطلب السلام لمن في قلبه حقد ، ونرجو الوئام لكل البشر
أهنئك وكل عام وأنتم بخير،


3 - ماجينة يا ماجينة
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 7 / 22 - 20:59 )
تحياتي صديقتي الجميلة اغصان اشكرك على الاطراء الجميل
جميل ان نستعيد ذكريات الطفولة عندما يصبح الواقع حزينا
غاليتي اغصان سلامتك من الحزن
مشاعرك الرقيقة غمرتني بالفرح
اشكرك على الاغنية الرمضانية الجميلة ماجينة ماجينة فكي الكيس واعطينا لسحر طه
احببتها جدا
سعيدة جدا بصداقتك


4 - بطاقة فرح
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 7 / 22 - 21:10 )
تحياتي استاذة ليندا
كلامك واضافتك احسهما بطاقة فرح تعكسان روحك الجميلة
حقا ليس اجمل من ذكريات الماضي
ناس زمان وحكايا زمان كما قلت ما اجملها من ايام
غاليتي ليندا اسعدت جدا بذكريات رمضان الخاصة بك لا دين يفرقنا جميعنا قلب واحد
شكري وتقديري كل عام وانت بألف خير


5 - أخلاقنا أو عدمها هي الوجه الذي نختاره بملأ إرادتنا
الحكيم البابلي ( 2012 / 7 / 23 - 07:38 )
لا زلتُ أذكر تلك القصة الغربية عن الطفل الذي سأل جده
لماذا هناك ناس طيبين وناس شريرين ؟
أجاب الجد : في داخل كل مِنا حملٌ مسالم بريء ، وذئبٌ عاتي حاد المخالب والأنياب ، وبعض الناس يتغلب فيهم الذئب على الحمل ، والعكس بالعكس
سأل الطفل مرة أخرى : ومن سيتغلب على الآخر في النهاية ، الحمل أم الذئب ؟
قال الجد العجوز بهدوء : سيتغلب في دواخلنا من نطعمه أكثر ونتبناه أكثر

هو نفس الرمضان الكريم يا عبلة ، ولكن بعضنا للأسف الشديد راحوا يُغذون من خلاله ذئبهم العاتي المتوحش ، لذلك حصدوا ما زرعوه ، أما الطيبين فرمضان سيبقى بالنسبة لهم الشهر الذي فيه الفرح والخير ومساعدة المحاويج ، وتذكري ... الخل لا يخرج من كورة العسل ، ولا الورد ينبت في عمق الحجر
رمضان كريم لكل الشعب المسلم الذي إختار التعايش السلمي مع نفسه ومع كل الآخرين
تحياتي ... مقال رقيق وأنيق كالعادة


6 - حكيمنا البابلي كل الاحترام
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 7 / 23 - 09:25 )
الاستاذ المبدع الحكيم البابلي
يكون حظ مقالتي جميلا اذا تلونت بحكمة حكيمنا البابلي والا ستكون مقالة بائسة تشكو حظها العاثر كرمضان ايامنا
الاستاذ المبدع الحكيم البابلي كما قلت رمضان لم يتغير ما زال يحلم بمساعدة المحاويج لكن الناس هم الذين تغيروا لذلك هم يحصدون ما زرعوا
الاستاذ الحكيم البابلي اذا كانت المقالة رقيقة فذلك لانني اتعلم الرقة من قلوب رائعة لا تصنع الا الامل بنفوس الاخرين


7 - الدين البسيط
فادي يوسف الجبلي ( 2012 / 7 / 23 - 10:40 )
من الممكن ان يتحول الدين في حدود ضيقة الى عنصر يساعد على الالفة والمحبة وهذا ما اسميه الدين الوراثي او الفطري البعيد عن كل التعقيدات وهو ما يتجلى في ما ذكرته الاخت ليندا في تعليقها رقم 2 ..والملاحظ ان غالبية الشعوب الاسلامية الغير عربية تدين بهذا الدين البسيط
وبمرور الايام
وبعد اجتياح عصر الفتاوى في العالم العربي
فأن لغة التسامح التي اشارت اليها ليندنا قد اندثرت وحلت محلها قاعدة
صوموا عن الطعام والشراب
وافطروا على الدماء البشرية


8 - الاستاذ فادي يوسف الجبلي المحترم
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 7 / 23 - 13:58 )
تحياتي استاذ فادي الجبلي شرفتني برأيك الكريم
يبقى جمال الصورة لالفة الدين والفة الحياة من الاشياء التي تشكل وازعنا الداخلي
وابتسامتنا المسكونة
جميل ان نكون احياء بما فينا من خير وجميل ان نستعيد بهاء الصورة وجميل ان يجعنا رمضان حتى لو كان رمضان زمان بعيدا عن حزن الصورة واسباب حزنها
جزيل الشكر


9 - الأستاذ فادي يوسف الجبلي المحترم
ليندا كبرييل ( 2012 / 7 / 23 - 15:08 )
أعتقد أن ملاحظتك صحيحة، وأصبح من الساذج فعلاً اليوم مع التغيرات والتطورات الرهيبة التي حصلت في الحياة العربية أن نفعل هذا ، إن من كنت ألعب معها في ذلك الوقت قد ( اهتدت ) وأصبحت غريبة عليها لا تخلع الحجاب من على رأسها كيلا أرى شعرها وأصفه للغريب
أي زمن أصبحنا فيه
تحياتي لحضرتك وللمعلقين الكرام


10 - هي الذكريات ...
علاء علان ( 2012 / 7 / 24 - 23:54 )
ذكريات جميلة ، و ما أجملها عندما تكون خالية من رائحة الدم، و النشرات الاخبارية المدمرة، كما حالنا الان .
غياب التسامح و المحبة بين الناس في رمضان ، هو غياب لحقيقة رمضان .


11 - الصديق علاء علان
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 7 / 25 - 21:40 )
تحياتي صديقي علاء علان
نشتاق فعلا ان تبقى الذكريات خالية من الدم ، نحتاج لتسامح الناس مع بعضهم البعض
نحتاج ان نشعر بأنسانيتنا في هذا العالم الذي يغص بجثثه
تحياتي صديقي المبدع علاء

اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?