الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر بين ثورتين

شهدي عطية

2012 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة تناقض غريب بين ثورتي مصر 23يوليو و25يناير ، فالأولى بدأت بإسم حركة الجيش أو الحركة المباركة وانتهت بثورة بكل معانيها اللغوية والفعلية والثانية بدأت بإسم ثورة فقد كانت بالفعل ثورة شعبية بكل معانيها وانتهت بما يشبه مجرد انتفاضة لتحقيق مطالب ما أو إصلاحات مع بقاء البنية التحتية للنظام قائمة كما هى حتى بأفراده، المشترك في الثورتين هو الجيش ولكن الغريب أنه في الأولى حولها من حركة إلى ثورة والثانية حولها من ثورة إلى ثورة مضادة .وهنا تأتي المقارنة بين الثورتين ونحن نحتفل بالذكرى الستين لثورة يوليو المجيدة التي تواجه هجوما شديدا منذ إندلاع ثورة يناير سواء أكان هذا الهجوم من قِبل الإعلاميين أو من جماعة الإخوان والسلفين حتى كان التعبير الشائع حتى الآن وهو " يسقط يسقط حكم العسكر " على لسان غالبية المتظاهرين وهى عبارة مضللة وتحوي على أكثر من معنى ومعظم من يرددها يقصد حكم ستون عاماً متغافلين أن الـستين عاما لم تحكمهم سياسة واحدة بل عدة سياسات فتلك الفترة تقسم على مراحل من 52 حتى 73ومن 1973 حتى 2011 ، اذن ليست هناك بالنسبة لي ثمة خلاف مع عسكر ولكنه خلاف حول قيم ثورية وتصرفات ومشاريع سياسية وهنا نأتي للإشكالية الأخرى التي ينزلق فيها البعضوتروج لها قنوات فضائية وصحف وهى أننا في الجمهورية الثانية وهنا نأتي أيضا لخلط الأوراق والسياسات ومفاهيم الحكم والتاريخ ، وفق السياسة نحن الان أمام الجمهورية الثالثة وليست الثانية كما يروجون كي يضعون حكم العسكر كله في سلة واحدة والحاصل أن سياسات الدولة واجهت تحولات جوهرية وانقلابات اقتصادية يجعلنا الآن أمام الجمهورية الثالثة فالأولى بدأت من عام 52 حتى 73 والثانية من 73 حتى 2011 حتى وإن اختلف البعض عن بدء الجمهورية الثانية والتي يعتبرها البعض بدأت منذ الإنقلاب الساداتي على رجال عبدالناصر عام 71 ولكنه من وجهة نظري لم يكن ذلك صراعا حول أفكار ومبادئ لكنه كان صراعا بين أشخاص ولم يكن من أجل إستمرار خط وخطى عبدالناصر ولكنه كان من أجل الإستيلاء على الكرسي لذلك فالجمهورية الثانية لم تبدأ إلا اثناء إدارة السادات لحرب أكتوبر سياسيا وعسكريا وتحول مصر الكامل سياسيا وإقتصاديا للغرب وأمريكا منذ عام 1974.فلا يمكن مقارنة عسكر 52 اللذين بدأوا بتنفيذ مبادئ الثورة بعد أقل من شهرين بقوانين الإصلاح الزراعي ثم قادوا الدولة لأكبر عملية تحرر إقتصادي وسياسي في التاريخ الحديث حتى أنهم بهروا ثورا العالم وقتها لا يمكن مقارنتهم بمن يحكمون منذ عام ونصف ولم يتغير شئ في الدولة ولم يشعر المواطن البسيط بأي جديد سوى رؤيته لبعض أفراد النظام السابق في قفص الإتهام في محاكمات جنائية هزلية لا تتناسب مع الروح الثورية وقيمة ومعنى الثورة كما لا تتناسب مع الكم الهائل من الفساد السياسي والمالي الذي طال البلاد على مدار ثلاثة عقود .والغريب أن من يتشدوق بعبارة " ستون عاما من حكم العسكر " لا يتحدثون عن أوضاع مصر قبل العسكر وكأنهم يتحسرون على أيام الملكية حتى أن بعضهم يتشدق بما كان يسمى مجازا وقتها بالليبرالية وهذا جهل مدقع بمفهوم الليبرالية السليم وكذلك بالتاريخ فقد كانت مصر وقتها بها دستورا هو دستور 23 منسوخا من أرقى دساتير اوروبا في ذلك الوقت وكانت هناك أحزابا ليبرالية مباحة وايضا ترشيحات وانتخابات ومجالس نواب وشيوخ ولكن شكليا فكم من مرة تم خرق الدستور ونسفه من الملك فؤاد ثم فاروق ثم أهدر بشكل مذل على أيدي الإنجليز كل ذلك والمواطن المطحون لا يملك شيئا من ثروات بلاده حتى أصبح المجتمع المصري يعرف وقتها بمجتمع النصف بالمئة فأين هى الليبرالية الحقة التي يتحدثون عنها ؟ وما هو مفهومهم السليم للحرية والديمقراطية ؟ فكانت ثورة يوليو العظيمة وحررنا بلادنا من جيوش المستعمرين ومناديبهم الساميين وتلاشى الإقطاع وأصبح الفلاح يملك أرضه التي نزف عرقه ودمه فيها وأصبح العامل مالكا لمصنعه وبدأت الصناعات تتطور حتى حلمنا بالمشروع النووي العربي وشعر المواطن أنه شريك فعليا في وطنه يملك حقوقه ويشارك في خيراته واصبح المواطن بحق يشعر أنه يعيش على أرض وطنه وما أن ورحل عبدالناصر حتى بدأ التاريخ في الوطن العربي يستدير للخلف على يد الأنظمه المتعاونة مع المستعمر التي ترى مستقبلها في الخارج وعدوها هو شعبها الذي في الداخل فأصبح من كان بالأمس عدوا لوجودنا أصبح اليوم صديقا لنا وما بيننا مجرد حاجز نفسي وأصبحت 99% من أوراق اللعبة ــ وكأن مصير أوطاننا مجرد لعبة ــ في يد خصمنا التاريخي الذي يتبنى العدو الصهيوني على طول الخط ، فكيف يكون عبدالناصر بعد ذلك هو المسئول عمن جاء من بعده ؟ لا يمكن وفق التحليل السياسي والمنطقي السليم الحكم على شخص إلا بما فعله في حياته أو بما أبقاه مؤثرا بعد حياته ولم يبقى عبدالناصر إلا جيشا يستعد لمعركة تحرير لا بديل لا مناص منها وشعب تحرر من العبودة وأصبح يمتلك أرضه وثرواته ورجال ظن أنهم أوفياء بعهده ومبادئه بما عاهدهم عليه في حياته فكيف نحمله مسؤلية تقلب الأمور والسياسات بعد وفاته .
ستظل ثورة 23 يوليو هى أم الثورات العربية وشوكة في حلق كل من يريد لهذا الشعب الإستمرار على نهج التبعية والهوان الذي كرسته السياسات الخاطئة منذ عام 1974 حتى الآن وسيظل الشعب العربي الثائر يحتفل بذكراها حتى لو حاول البعض تضليلهم بسياسة خلط الأوراق والأسماء وسنهتف نحن " يسقط المجلس العسكري " فهى عبارة محددة ودالة بدلالة الزمن والشخصيات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة