الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الميليشيا والأحزاب السياسية

جاسم المطير

2012 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



توالت منذ نيسان 2003 مطالبة القوى الديمقراطية العراقية بضرورة صياغة وإقرار قانون خاص بتأسيس الأحزاب السياسية في العراق كي تتخلص الساحة العراقية من دزينة مشاكل وعرة متلاحقة ، تتعلق بالكثير من تنظيمات سياسية لم تكن في حدودها وفعالياتها غير دواوين عشائرية أو دكاكين طائفية، أو تجمعات غير مبتعدة عن حسابات الربح والخسارة . مثل هكذا أحزاب(دكاكين) تدور في أفلاكها المذهبية والدينية خزعبلات وأحابيل لا علاقة لها بأنين الفقراء المظلومين في جوف المجتمع المظلم . مهمتها نشر الكذب والنفاق والفساد والمحرمات في العملية السياسية. لا تملك من أدوات الوعي غير ورقة وقلم وصرماية مالية تمكـّنها من امتلاك فضائية تلفزيونية لا تعرف الدولة من أين دخلت هذه الصرماية والى أين تخرج.
صحيح أن هناك العديد من الأحزاب الوطنية والديمقراطية يلمع نورها في نفس الساحة، لكن السنوات التسع الماضية برهنت أن الفعل الأقوى في العملية السياسية اعتمد على عنصرين أساسيين في الصعود إلى شمس الدولة والبرلمان وذراها حين وقعت معمعمة الطائفية السياسية ودوخة المحاصصة وقع الصاعقة على المجتمع العراقي كله، هذين العنصرين هما:
العنصر الأول: هو وفرة المال السياسي لدى بعض الأحزاب الكبيرة والدكاكين السياسية الصغيرة، وهو المال الوفير، المجهول المصدر والجنسية.
العنصر الثاني: هو تلازم بعض النشاط السياسي الحزبي مع تنظيمات الميليشيا السرية المسلحة وراء الأبواب الخلفية لتحويل ابتسامة العمل السياسي الوطني إلى ارتعاشة غادرة وقت اللزوم.
مع تنامي دور هذين العنصرين فأن (الديمقراطية) التي أراد نشرها الديمقراطيون العراقيون الأصليون لم تكن قابلة للحياة في المجتمع العراقي، بعدُ، حيث الأغلبية الأمية من أبناء الشعب وحيث الفقر والعطالة وتديين السياسية وتسييس الدين فجرت العمليات الإرهابية في الشوارع العراقية بواسطة العنصرين الآنفين (المال السياسي والميلشيا). ومنذ سقوط دكتاتورية صدام حسين فأن الإرهاب ما زال يستلقي على فراش العملية السياسية ينطفئ اليوم مستريحا ليتجدد في اليوم التالي. المال السياسي ينتقل في عتمة الليل من خارج العراق إلى داخله أو العكس ، حسب الطلب والحاجة، كي تقوم سيولته بالعمليات الإرهابية أو بتقوية وتعظيم نفوذ الأحزاب الطائفية في مراحل غياب دور الدولة والقانون عن اتخاذ الاحتياطات الأمنية اللازمة لمنع انتشار الغبار السرطاني الخبيث في العملية السياسية المتفاقمة داخل ظروف الاحتقان السياسي الحلزوني الملتف حول عنق الديمقراطية العراقية والعملية السياسية كلها ، مما جعل غالبية الشعب العراقي والنخب النيرة يرون أن لا مخرج ملحاً ولا أمل في الخروج من هذه العتمة غير الإسراع بتشريع قانون الأحزاب السياسية المنتظر بفارغ الصبر بزوغه من عتمة البرلمان العراقي السائر نائماً في ليل السياسة العراقية الحالية المحفوفة بكثير من المخاطر.
ما زال قانون الأحزاب السياسية واقفا أمام الأبواب البرلمانية المغلقة بينما ظلت أحزاب دكاكينية وميليشيا مسلحة هما النزيلين الوحيدين في فنادق السياسة العراقية يتصرفان بها حسب المنفعة وضرورات الطائفية والطبقية. في ذات الوقت نجد القيود المرئية وغير المرئية تكبـّل التيارات الديمقراطية والتقدمية العراقية كلها في محاولة لتحطيم قدرتها السياسية والثقافية أو إجبارها على الصمت الثقيل فيستغلها الإرهابيون واللصوص والأشرار ليواصلوا أعمالهم المعادية لآمال الشعب العراقي والاستفادة من الأحزاب الطائفية الانتهازية بالميليشيا، السرية والعلنية وشبه العلنية، بتحويلها إلى أوكار لا تهدد الكيان الفردي للإنسان العراقي حسب، بل تهدد كيان الدولة العراقية وهي في أول تكويناتها بعد انهدامها بقوات الاحتلال الأمريكي عام 2003 . صرنا نسمع أن الأحزاب التي نمت في بلادنا بعد 2003 هي أحزاب أفراد وعائلات، ملكيتها للفرد وليس للطبقة الاجتماعية أو الجماعة المتوحدة، سواءً منها الأحزاب المشاركة بالحكم أو خارجه حتى صار المواطنون يطلقون عليها أسماء مثل : حزب الجلبي، حزب الحكيم ،حزب علاوي، حزب البارزاني ، حزب الطالباني ، حزب الهاشمي، حزب مقتدى ..ألخ . إن شخصية (القائد) التي زرعها صدام حسين من قبل صارت صفة مميزة ، مهيمنة، بعد التغيير أيضاً، لا يمكن فصلها عن الحزب مثلما لا يمكن الفصل في المحلات الشعبية بين الدكان ومالكه في سوق الشورجة والشعلة وبغداد الجديدة ( دكان مجيد أبو الفافون، دكان خليل أبو الطرشي، حلويات الشكرجي، دكان رسول أبو القماش وغيرها) لأن حقيقة وواقع السلطة الحزبية العليا هي في غالبية الأحزاب العراقية الحالية بيد (فرد) لا يتبدل في العراق المتخلف.
المفترض الآن أن يكون في مقدمة مهمات التيار الديمقراطي العراقي عدم الوقوف موثوق اليدين أمام محاولات تضييع قانون الأحزاب السياسية أو خنق بعض بنوده أو تمييعه في ظلمات الطائفية وغيرها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حكمة:
مصباح الديمقراطية لن يغدو رمزا من دون إضاءة..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 18 – 7 - 2012
عن جريدة التيار الديمقراطي - العدد 12 بغداد في 23 - 7 - 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال يلقي مناشير في معسكر جباليا تطالب السكان بالإخلاء ا


.. مظاهرة في العاصمة الإسبانية مدريد تطالب الدول الأوروبية بالا




.. لحظة استهداف إسرائيلي بمنطقة جباليا في غزة أثناء تغطية صحفيي


.. مظاهرة لعشرات الإسرائيليين بالجليل تطالب بتنحي الحكومة لتخلي




.. أمريكا تعرض على إسرائيل معلومات استخباراتية لتحديد موقع قادة