الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضاء نظام الأسد

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2012 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


إحدى تهريجات النظام الأخيرة أنه أوعز إلى ذراعه القضائية بالدخول في معركته مع المعارضة, في سياق الأزمة السورية القائمة منذ خمسة عشر شهراً, ليصدر قاضي التحقيق الأول بدمشق مئات مذكرات الإحضار بحق معارضين سوريين خارج البلاد بتهم الخيانة العظمى وتهم أخرى تصل عقوباتها إلى الإعدام والسجن المؤبد.

طيلة عقود لم يكن القضاء السوري بعيداً عن النظام وبمنأى عنه, بل تحول إلى أحد أذرعته العديدة المروضة بإحكام, والمنطلقة من توجيهات أمنية سلطوية, وصار واجهة النظام القانونية للبطش والتنكيل بمعارضيه, وإغداق الأحكام المتعسفة عليهم, بغية استئصال أوجه الحراك السياسي في البلاد التي ترزح في نفق معتم من فقدان الحريات والحقوق.

بدلاً من إحقاق الحق وتطبيق سيادة القانون, تحول القضاء السوري إلى مطية لحزب البعث والأجهزة الأمنية والسلطة المتغولة, ممعناً في نحر الحريات بناء على تعليمات أمنية متخلياً عن الأساسات الفكرية والأخلاقية لوجوده, لأنه تحول إلى أداة بيد السلطة التنفيذية في ترتيبها فضاء البلاد وفاقاً لمشيئتها المتعالية والوصائية, بذا فقد القضاء السوري بكارة استقلاليته وأصبح يتنفس من هواء السلطة الفاسد.

لا استقلال للقضاء في سوريا الأمنية البعثية, وهذا يعني أن لا قضاء في سوريا, لأنه مختبىء في فروة النظام الحاكم وأجهزته الأمنية التي تديره بالريموت كونترول, إنه قضاء الدولة الريعية ( دولة المكاسب والامتيازات والولاءات ) حيث تختزل السلطة الأمنية المتغولة كل مرافق البلاد في أدراجها الخاصة ولا تتيح لها إمكانية النطق أو التنفس خارج الحدود المرسومة, لهذا لا نستغرب تنطح القضاء السوري المهجن أو المدجن لخصوم النظام ومعارضيه بين الفينة والأخرى, فالنظام لديه هو المركز وما تبقى مجرد هامش عابر لا يعول عليه ولا يستحق الرحمة.

يحتاج القضاء السوري إلى التصالح مع نفسه ومع المواطنين, ولن يتم ذلك إلا بتحليقه خارج سرب السلطة التنفيذية التي أفرغته خلال عقود من محتواه ومضمونه وحولته إلى مجرد فزاعة تنهر المواطنين, أي أن القضاء في سوريا الجديدة يحتاج إلى التمثل كسلطة حقيقية مستقلة قائمة بذاتها, لا البقاء مجرد وظيفة إدارية تابعة للسلطة التنفيذية.

وإذا كانت الدساتير السابقة في سوريا تشير إلى استقلالية القضاء ودوره, إلا أن المواد المتعلقة بالقضاء لا تعدو أن تكون مجرد إنشائيات وعبارات خاوية على عروشها وسفسطات نظرية غير مترجمة واقعياً, لذا فالمنتظر من الدستور القادم في سوريا ما بعد رحيل النظام هو التأكيد على مكانة واستقلالية القضاء وإعادة هيكلته وتحديثه وتمكينه من لعب دوره دون وصاية من الجهات السيادية في البلاد.

القضاء المستقل والفعال والحقيقي والحيوي نعثر عليه في البلدان الديمقراطية الليبرالية فقط, أما بلدان الاستبداد والتسلطية السياسية والأمنية فإنها تكون مقبرة للحريات ومقبرة للمؤسسات الحقيقية, وبالتالي فإن القضاء فيها يكون سقط متاع سلطوي وعبارة عن مؤسسة صورية إضافية.

بانتظار سوريا حرة ما بعد الطاغية بشار, حيث يعاد الاعتبار إلى مؤسسات الدولة ومنها مؤسسة القضاء المستقل السيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سوريا حرة بالجيش الحر صناعة المخابرات السي اي اي
سعدي الهر ( 2012 / 7 / 24 - 09:18 )
سوريا حرة سوريا ينتظرها وضع اسوى من وضع مصر ايام السادات حيث حتمية صعود الطبقات الطفيلية الانتهازية التي تبيع البلد لمن هب ودب


2 - القضاء
فرج الله عبد الحق ( 2012 / 7 / 24 - 09:38 )
عزيزي الكاتب
سؤال بريء ان توجد دولة القضاء فيها معزول عن القيادة السياسية، وهل القشاء في النظام المزمع قيامه في سورية سيكون معزول عن القيادة السياسية التي ستحكم بعد الاطاحة بالنظام الحالي؟
مجرد سؤال


3 - سوريا حرة بالجيش الحر صناعة المخابرات السي اي اي
سعدي الهر ( 2012 / 7 / 24 - 10:36 )
سوريا حرة سوريا ينتظرها وضع اسوى من وضع مصر ايام السادات حيث حتمية صعود الطبقات الطفيلية الانتهازية التي تبيع البلد لمن هب ودب


4 - العلقم والمر
عبد العزيز ججو ( 2012 / 7 / 24 - 17:29 )
اذا كان النظام الحالي هو كما تقول فليس هناك خلاف عليه من قبل الاغلبية ممن يعرف سوريا. لكن المصيبة اننا لا نتعلم من اخطاءنا او اخطاء عصرنا. وندخل في نفق ليس له نهاية فلا نقدر على تكملة المسيرة للامام او العودة للوراء. وننسى اننا لسنا وحدنا بل الكل يتربص بنا ويتصيد ويصطاد وان قال غير ذلك

اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا