الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظاما السادات ومبارك عدوان لدودان لثورة 23 يوليو ومبادئها

عليان عليان

2012 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



نعيش هذه الأيام الذكرى الستين لثورة 23 يوليو المجيدة التي خطط لها ونفذها الضباط الأحرار بعد حرب 1948 وضياع فلسطين – التي لم ترق بها نقطة دم واحدة – ارتباطاً بعاملين رئيسيين هما:
أولاً: أن هؤلاء الضباط كشفوا بالملموس ومن واقع مرابطتهم في جنوب فلسطين ، وتصديهم للعصابات اليهودية حقيقة المؤامرة التي حيكت ضد الشعب الفلسطيني، ودور النظام العربي آنذاك في ضياع فلسطين.
ثانياً: أن هؤلاء الضباط – كطليعة متقدمة وواعية في الجيش المصري آنذاك - اكتشفوا هزالة الأحزاب وبؤسها وفسادها المرتبط ببنيتها الإقطاعية ، وعدم قيامها بالدور المطلوب على صعيد التغيير الداخلي وبقائها رهينة لألاعيب القصر المرتهن لبريطانيا .
تلك الثورة -التي وكما يؤكد الأعداء قبل الأصدقاء - كانت علامة فارقة ليس في التاريخ المصري فحسب بل علامة فارقة في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية ، وفي تاريخ شعوب العالم الثالث بوصفها حركة تحرر وطني بالبعدين الوطني الاجتماعي والأممي الإنساني ، حيث لم تنحصر مفاعيلها في حدود القطر المصري بل امتدت لتشمل شعوباً وقارات عديدة.
ومن التجني المتعمد ، ومجافاة الحقائق الموضوعية ، أن يحسب البعض في التيارين الإسلامي والليبرالي ، نظامي السادات ومبارك على ثورة 23 يوليو ، وأنهما امتداد لها ، فهم يعرفون قبل غيرهم أن نظام السادات شكل انقلاباً جذرياً على مبادئ ثورة 23 يوليو الستة وبرامجها .
فبعد انقلاب 15 مايو 1971 عمل نظاما السادات ومبارك على تصفية القطاع العام وخصخصته ، وسارا في طريق الانفتاح المشبوه الذي فرخ " القطط السمان " وعملا على ضرب القطاعات الإنتاجية وإلغاء الإصلاح الزراعي وإعادة الأراضي للإقطاعيين ، واندغما في نهج الليبرالية الاقتصادية ، وأقاما منظومة كاملة للفساد والإستبداد.
وشهدت مصر حالة غير مسبوقة من الفقر والبطالة ، وعمل نظاما كامب ديفيد بشكل ممنهج على تدمير الدور القومي والإقليمي لمصر وحولاها في ضوء المعاهدة المصرية الإسرائيلية إلى أداة لخدمة أمن الكيان الصهيوني ، لدرجة وصف فيها الوزير الصهيوني السابق مبارك " بأنه كنز استراتيجي ( لإسرائيل ) " ورثى مدير المخابرات المصري السابق عمر سليمان بقوله : لقد فقدنا شخصاً قدم خدمات لا تحصى لإسرائيل وأمنها وعمل على تقويض حركة حماس ".
وكان السادات قد مهد لكل ما تقدم عبر زج معظم القيادات الناصرية في السجون والتراجع عن مباديء الثورة الستة ، وعبر فك التحالف مع الاتحاد السوفييتي، لصالح التحالف مع الولايات المتحدة الذي انتهى به إلى التوقيع على معاهدة الصلح مع الكيان الصهيوني في كامب ديفيد التي حولت في عهده وعهد خليفته مبارك مصر إلى مجرد أداة وتابع ذليل ، لكل من واشنطن ( وإسرائيل ) وحولت النظام من " إقليم قاعدة لدعم حركات التحرر العربية وإفشال المشاريع الاستعمارية " إلى نظام مهمته التآمر على حركات التحرر العربية والمقاومة.
في ظل ثورة 23 يوليو انتهجت مصر طريق التنمية المستقلة كمدخل وشرط للتخلص من التبعية ، فكان أن تم بناء السد العالي الذي تمكنت مصر من خلاله من استصلاح ما يزيد عن مليوني فدان ، وتمكنت من خلاله من تزويد مصر بالطاقة الكهربائية التي شكلت رافعة للتصنيع والتصنيع الثقيل في مصر في مرحلة الستينات من القرن العشرين.
في ظل ثورة 23 يوليو تم إنجاز الإصلاح الزراعي في مصر الذي أنهى نفوذ الإقطاع ، والذي بموجبه تم توزيع الأراضي على الفلاحين ليتحولوا في ضوئه من عبيد وأقنان إلى فلاحين حقيقيين وأسياداً لأنفسهم بعد مئات السنين من القهر والاستعباد .
في ظل ثورة 23 يوليو ازدهر القطاع العام وفقاً لقوانين يوليو الاشتراكية حيث بالغ هذا القطاع في تقديم الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية المجانية ، موفرا للشعب المصري دخلاً حقيقياً يحقق إشباعاً لحاجاته ، ما يفوق الدخل النقدي المتحقق لشعوب أخرى لكن دونما إلغاء للقطاع الخاص الذي جرى ضبطه بضوابط لا تحول دون تحقيق مصالحه ، بل تحول دون تحوله إلى قطاع مستغل للشعب وحاجاته.
في ظل ثورة 23 يوليو دخلت مصر في دائرة تحالفات - وبخاصة تحالفها مع الاتحاد السوفييتي - تخدم برنامجها في التنمية المستقلة وفي التصدي للمشاريع الصهيونية والاستعمارية ، ولعبت دوراً رائداً ومؤسساً لحركة عدم الانحياز " الحياد الإيجابي " ناهيك أنها وجهت ضربة قاصمة للاستعمارين البريطاني والفرنسي عبر تأميم قناة السويس ، ونجحت عقب ذلك في إفشال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 .
وفي ظل الثورة وقائدها جمال عبد الناصر قامت الوحدة السورية المصرية كنواة للوحدة العربية (1958 – 1962 ) التي تكالبت عليها القوى الإمبريالية والرجعية لإجهاضها.
لكن البعض يسجل بعض السلبيات للثورة دون أن يقرنها بخصوصية المرحلة ، وأنه لم يكن ورائها حزب قائد أو ائتلاف سياسي ، ناهيك أنها اعتمدت أسلوب التجريب في صياغة سياساتها وتكتيكاتها ومن هذه السلبيات :
أولاً: أن الثورة أعطت الأولوية لتحقيق الديمقراطية الاجتماعية على حساب الديمقراطية السياسية ، ومبررها في ذلك أنها أرادت تحقيق العدالة الاجتماعية أولاً ، وأرادت قطع الطريق على الأحزاب المهترئة في حقبة فاروق ، وفي التقدير الموضوعي أنها مبررات صحيحة في مرحلة محددة وليس في كل المراحل.
لكن يظل موقف قيادة ثورة 33 يوليو من الشيوعيين والأخوان المسلمين اللذين تعرضا للسجن والاعتقال والتعذيب على يد المخابرات المصرية آنذاك محل تساؤل وجدل ، خاصة وأن هذين الفصيلين شاركا عبر ضباط ينتمون لهما في ثورة 23 يوليو .
وإذا كان مبرر قيادة الثورة بشأن الأخوان المسلمين ارتبط بحادث المنشية في الاسكندرية عام 1954 ،عندما أطلق أحد أعضاء التنظيم السري للأخوان المسلمين النار ، على الرئيس جمال عبد الناصر .. ذلك المبرر الذي لقى قبولاً واسعاً في إطار التيار القومي ، لكن مطاردة الشيوعيين واعتقالهم لم تستند إلى مبرر مقنع خاصةً وأنهم لم يمارسوا أي دور تآمري ضد الثورة وأهدافها.
ثانياً: أن نظام ثورة 23 يوليو اختبأ في إطاره بعض القوى المضادة للثورة وبعض القوى التي أرادت توظيف الثورة لخدمة مصالحها سواء في " الإتحاد الاشتراكي العربي " ، أو في مؤسستي الجيش والمخابرات.
وتحضرني في هذه المناسبة حادثة رواها لنا القيادي والمفكر الشيوعي المصري البارز محمود أمين العالم حيث قال : عندما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر عن قوانين يوليو الاشتراكية في مطلع ستينات القرن العشرين ، نظمت مع رفاقي الشيوعيين المعتقلين في سجن طرة مظاهرة تأييد لعبد الناصر ولقوانين يوليو الاشتراكية ، وتوقعنا إفراجاً قريباً عنا ، كون الهوة بيننا وبين النظام ستنحسر في ظل توجهه الاشتراكي ، لكن فوجئنا بعصي الأمن تنهمر على رؤوسنا عقاباً لنا على تأييدنا لعبد الناصر ، وضربنا ضرباً لا تقوى على حمله الإبل ، وحينها أدركنا بوجود ثورة مضادة مختبئة في جسم الثورة".
ثالثاً: هزيمة 1967 التي أطلق عليها مصطلح " نكسة " والتي نجد تفسيراً لها في العاملين السابقين .
لقد عمل خالد الذكر الرئيس جمال عبد الناصر على الاستفادة من تجربة النكسة ومن تجربة المرحلة السابقة، عبر إقصاء رموز مراكز القوى في الجيش والمخابرات ، وعبر إصلاح جذري تبدى في بيان 30 مارس وعبر الشروع في بناء تنظيم سياسي جديد " التنظيم الطليعي ".
كما عمل بجد على إعادة بناء القوات المسلحة التي خاضت حرب الاستنزاف ضد العدو الصهيوني ، وأوقعت في صفوفه خسائر فادحة وأعاد الاعتبار للجيش المصري ولثقته بنفسه ، ناهيك أنه وأركان قواته المسلحة وضع الخطط التي في ضوئها تم اقتحام خط بارليف في حرب تشرين 1973 .
وبعد انقلاب 15 مايو 1971 عمل نظاما السادات ومبارك على تصفية القطاع العام وخصخصته ، وسارا في طريق الانفتاح المشبوه الذي فرخ " القطط السمان " وعملا على ضرب القطاعات الإنتاجية وعملا على تصفية الإصلاح الزراعي، واندغما في نهج الليبرالية الاقتصادية ، وأقاما منظومة كاملة للفساد والإستبداد وشهدت مصر حالة غير مسبوقة من الفقر والبطالة ، وعملا بشكل ممنهج على تدمير الدور القومي والإقليمي لمصر ، وحولاها في ضوء كامب ديفيد إلى أداة لخدمة أمن الكيان الصهيوني ، لدرجة وصف فيها الوزير الصهيوني السابق بنيامين اليعازر نظام مبارك " بأنه كنز استراتيجي ( لإسرائيل ) " ورثى مدير المخابرات المصري السابق عمر سليمان بقوله : لقد فقدنا شخصاً قدم خدمات لا تحصى لإسرائيل وأمنها ، وعمل على تقويض حركة حماس ".
في ضوء ما تقدم يمكن الجزم بأن نظامي السادات ومبارك عدوان لدودان لثورة 23 يوليو ومبادئها ، ممثلة بالقضاء على الإقطاع والقضاء على الاستعمار ، والقضاء على سيطرة رأس المال ، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة وجيش وطني قوي ، وإقامة عدالة اجتماعية.
وإذا كانت ثورة 23 يوليو ثورة للضباط الأحرار فإن ثورة 25 يناير – وعلى حد تعبير رئيس حركة كفاية عبد الحليم قنديل – هي ثورة للناس الأحرار ، ولا تتناقض في شعاراتها حول الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية مع ثورة 23 يوليو ، لكنها تشكل إضافة حقيقية في مسألة الديمقراطية السياسية ، رغم المعوقات التي لا زالت تعترضها من قبل قوى الثورة المضادة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عزوف واسع عن التصويت في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية ال


.. من وراء تسريب بيانات ملايين السوريين في تركيا؟




.. وزارة الداخلية الإيرانية: نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاس


.. نافذة خاصة من إيران ترصد جولة الحسم من الانتخابات الرئاسية




.. تسريب بيانات 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا.. والمتورط في الواق