الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة لفهم نهج تحالف القوى الوطنية الليبية

فريد يحي

2012 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


فاز تحالف القوى الوطنية،أو بالأحرى "محمود جبريل"بــ39 مقعد في الانتخابات الليبية ،مقابل 17 مقعد لأقرب منافسيه"حزب العدالة والبناء"الذراع السياسي لحركة "الاخوان المسلمين"،إلا أن هذا السبق،لربما...بل من المؤكد انه لن يكون حدث كبير ذو شأن،خاصة متى عرفنا ان الاغلبية البرلمانية ، ممسوكة بيد المستقلين،أو لنقل اشباه المستقلين...لغرض تحري الدقة.

وبما أن فكر"حزب العدالة والبناء"يكاد يكون واضحا للعديد منا،حتى في ظل غياب البرنامج الانتخابي،نتيجة تشربه من نفس المنبع،الذي يورد منه اشقائه الاخرين في العالم العربي، تبقى أفكار "التحالف" شيء من المجهول عند هولاء العديدين،خاصة وانه يضم العديد من الاطياف والرؤى السياسية،التي اجتمعت على مبادئ المواطنة والديمقراطية وحقوق الانسان"(مشروع الميثاق) ،وهي تقريبا ما امنت به كل الافكار والأحزاب السياسية،بعد 17 فبراير،بل لعلني لا ابالغ ان قلت،بأن هذه المبادئ،هي مبادئ جميع حركات الربيع العرب،في ظل اختلاف الاهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، باختلاف اطياف هذا التحالف،حتى وان كانت هناك مؤشرات اتضحت من خلال "مشروع الميثاق للتحالف".

من خلال البحث بين سطور "المشروع"،لمحاولة لملمة النقاط،بغرض توصيل خطوط،حتى تتضح امامي وامامكم استراتيجية هذا التحالف الفائز،وذلك بغاية تصنيفه ،ووضعه في قالب من ضمن القوالب السياسية،والموجودة في العالم.خاصة في وجود التعميم ،بالابتعاد عن التخصيص، في كل الملصقات الانتخابية ،الذي مرده ربما "لغاية في نفس يعقوب".توصلت الي أن مشروع"التحالف"،ما هو إلا حركة سياسية منظمة ،حاولت أن تكون لها أهداف اجتماعية واقتصادية وسياسية محددة،يضعها ضمن اطار تيار وطني "شعبوي"،يعتمد على الاقتصاد، والرفاه المادي والاجتماعي (مشروع الميثاق).

المطلع على نتائج الاقتراع ،لن يحتاج لكثير من التفكير،حتى يصل الي قناعة مفادها،ان الاصوات التي تحصل عليها "التحالف "،كانت من الصعوبة بما كان،أن تدخل جعبته،لو أن "محمود جبريل"،لم يكن على راس الحزب،حتى ان العديد من الناخبين،لم يتعرفوا على المرشحين طرف هذا التحالف،وحتى لم يتذكروا اسمائهم،ولا أسم التحالف الكامل،فهم عندما توجهوا مسرعين الي صناديق الاقتراع،لم تكن غايتهم إلا ورقة تمت بصلة الي "محمود جبريل"، توضع في صندوق ،لتحقق له الفوز،ولا غرابة في ذلك فلكل حركة "شعبوية"،قائد كاريزمي،يلتف حوله الشعب ،خاصة وان هذا "القائد"،قد خبرته الجماهير،فوجدته سياسيا من طراز رفيع،كان له دور كبير وخالد في نجاح ما هم عليه الان،استطاع أن يخطف أنظار سياسيو وقادة العالم،بالإضافة الي عدسات الكاميرا،والتي اظهرته مبتعدا الي الامام بمسافات ،عن أقرب زملائه ،الذين كان لهم دورا أيضا لا ينكر في الحركة،هذا الرجل الذي أمتلك فصاحة اللسان،واختيار الكلمات بدقة،عبر صوت،كان ولا زال له صدى،بالإضافة الي ذكاء ،يمكن أن يصنف أنه حاد الي درجة الدهاء،وصاحب عقلية متفتحة،تقدمية...عرفت من قبل مناوئه،على انها ليبرالية،مع ان هذا الوصف يحتاج الي كثيرا من التدقيق حسب اعتقادي. فالحقيقة التي لابد أن تقال،يبقى هو صاحب السبق في هذا التأييد الشعبي الذي حصل عليه "التحالف"،لتحقق هذه النتائج برهان صحة نظرية "القائد الكاريزما".

كل الاحزاب في العالم تفرز اما الي اليسار،أو الي اليمين،ليذهب هذان الاتجاهان الي الوسط،فيكون اما "يسار وسط"،أو "يمين وسط"،ولكن معظم وربما كل الكيانات والأحزاب الليبية،حتى الافراد،تسابقوا خلال الانتخابات السابقة،في الحصول على التذاكر التي تؤمن لهم مقاعد الوسط،لاستذكر ازاء هذه الحالة ،مقولة "جون كينيدي"والتي يقول فيها (ان أي سياسي يطمح الي النجاح،عليه أن يتخذ المواقف الوسط،وأن يراوغ دون أن يربط نفسه بموقف ثابت)،ولكي أحاول أن أفهم وأياكم،اية هذه الاتجاهات يسلكها التحالف،بعد أن تيقنت بأنه حركة وطنية ، فأني رجعت الي "مشروع ميثاق التحالف"،لكي أقف عند هذه النقاط
• اولا في الاطار العام للدولة ونظام الحكم،ومن خلال البنود التالية
- الاسلام دين المجتمع.
- ضمان وحدة الوطن وسيادته.
- معارضة كافة أشكال الهيمنة والتبعية والولاء لغير الوطن.
- اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة.
- الولاء للوطن يعلو على ما دونه من الولاءات القبلية والجهوية والمذهبية والحزبية.
هنا أستطيع أن اجزم بأن التحالف،تتفق مع الحركات الوطنية ،القائمة على تحالف طبقات المجتمع ،والميالة الي منع سيطرة أقلية النخبة على مقاليد السلطة،والمناهضة للامبريالية الساعية الي السيطرة على الموارد الطبيعية والاقتصادية واستغلالها.

• ثانيا في الاطار الاقتصادي
- يحرص التحالف على جعل التعليم والمعرفة والرعاية الصحية والاجتماعية مجاني.
- العمل حق أساسي لكل الليبيين والليبيات.
- الدولة تسعى الي توفير فرص العمل،والحد من البطالة.
- السكن حق للجميع،بتشجيع برامج الاسكان العام.
- كفالة وحماية ذوي الاعاقة،والفئات المهمشة من الفقراء والمعوزين.
- استهداف الفقراء والطبقات المتوسطة من خلال مبادرات فردية،لبدء مشروعات اقتصادية صغيرة ومتوسطة.
- ملكية خاصة وفردية وعامة مقدسة.
- الثروات الطبيعية والبيئية ملكية عامة.
من خلال النقاط السالفة الذكر في الميثاق،فأننا لن نجد كبير عناء حتى نتحسس بأن خط التحالف الاقتصادي،هو مزيج اشتراكي ،رأسمالي ،يرسم خط يساري اجتماعي،قريب الي الوسط،فهو يسعى لدولة الرفاه،بحمل اليات الحماية الاجتماعية التي تضعها الدولة قيد التطبيق لحماية رعاياها من غوائل الدهر،في الوقت الذي يشجع فيه الشركات الخاصة،واستثمارات القطاع الخاص .

* ثالثا في اطار الحريات والحقوق
- الليبيون والليبيات متساوون
- احترام وتفعيل المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان.
- لا يجوز اسقاط الجنسية إلا بحكم قضائي،فهي حق أساسي من حقوق المواطنة.
في النقاط الثلاثة السابقة،يؤكد "التحالف" على سلوك طريق ليبرالي، في مجال الحقوق والحريات.

ببساطة،أو بصعوبة فأن التحالف يمكن أن يصنف على أنه حركة وطنية،ذات واجهة يسارية "وسط"في الشأن الاقتصادي والاجتماعي،وواجهة ليبرالية في الشأن الانساني الحقوقي،هذا التحالف يسعى الي إرساء ايديولوجية لها هيكل فكري متجانس،قائم على اعتبار الشعب هو المحرك الاساسي والمخول بتحقيق أي تحول في بنية المجتمع السياسية والاقتصادية،بالإضافة الي حرصه على زيادة المشاركة السياسية من الطبقات الفقيرة والوسطى ،كي لا تنحصر دوائر العمل السياسي في طبقة بعينها.

ولكن يبقى السؤال ،الي متى سيدوم هذا الود بين أعضاء التحالف،ورئيسه،وهل سيتم الاستغناء ، عن دور" التحالف المزيج"،باعتباره مؤسسة حزبية وسيطة بين الرئيس والشعب؟،فهذا الرئيس الذي لن يوفر جهدا لكسب تأييد طبقات الشعب الاجتماعية المختلفة ،من خلال اتباع الحنكة السياسية،حتى يتم الاستعانة بهم في مواجهة معارضيه مستقبلا،لغاية دفع العجلة الي الأمام لن يقف مكتوف الأيدي أمام عصي العديد من الاراء والاتجاهات المنصهرة في داخل هذا "التحالف"،والتي ترى خطط منهجية،وطرق سير مختلفة،لدفع هذه العجلة،فدغدغة مشاعر الجماهير، ستنتهي بمجرد اصطدامها بالأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية،والتي تحتاج حلول لا خطب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل محكم
محمد عبعوب - ليبيا ( 2012 / 7 / 25 - 01:50 )
تحليل محكم لهذا التحالف ودور جبريل في بلورته، خاصة تأثيره الشخصي على الجمهور، فمثلا غالبية الذين صوتوا لصالح هذا التحالف لا يعرفون شيء عنه سوى ان جبريل هو من يقوده، وهذه معضلة مثيرة للقلق.. فرغم الحاجة لكارزما القائد في هذه المرحلة التي يمثلها جبريل بامتياز، إلا أنه يعطيي مؤشرا على مشروع صناعة دكتاتور جديد، خاصة وان الشعب لازال مرتهنا نفسيا للدكتاتورية التي عايشها على مدى اربعة عقود ولم يتخلص منها في وعيه، ولا زلت اتذكر مشهدا جرى بعيد التحرير وخلال قيادة جبريل للمجلس التنفيذي حين عرض جبريل امام تجمع شعبي فكرة تنحيه عن قيادة المنصب وتفرغه لمهام توعية الناس حيث قوبل بعاصفة من الهتاف والتمجيد والمطالبة ببقائه لقيادة ليبييا.. ذكرني هذا المشهد بمسرحيات القذافي بعد استيلائه على السلطة عام 69 وهي المسرحية التي اسست لأربعة عقود من الدكتاتورية.. وهذا ما نخشى تكرره مرة أخرى، فالقذافي الدكتاتور هو نتاج لشعب كسول آثر الاستسلام والرضوخ والقبول بالقليل على التضحية والمواجهة طيلة هذه الفترة.. نتمنى ألا يسقط جبريل في هذا المنزلق الخطير .


2 - مشروع دكتاتور
حسان ( 2012 / 8 / 3 - 16:12 )
الذي اراه ان جبريل مشروع دكتاتور سيحكم ليبيا كالمالكي في العراق ولذا فإنني انصح الشعب الليبي بالحذر منه ،واضافة الى ذلك فلا ينبغي ان ننسى ان جبريل مقرب لامريكا ودوائر صنع القرار في الدول الغربيةفالحذر الحذر من عودة الدكتاتورية من جديد


3 - مشروع دكتاتور
حسان ( 2012 / 8 / 3 - 16:15 )
الذي اراه ان جبريل مشروع دكتاتور سيحكم ليبيا كالمالكي في العراق ولذا فإنني انصح الشعب الليبي بالحذر منه ،واضافة الى ذلك فلا ينبغي ان ننسى ان جبريل مقرب لامريكا ودوائر صنع القرار في الدول الغربيةفالحذر الحذر من عودة الدكتاتورية من جديد


4 - السيد محمد عبعوب،والسيد حسان
فريد يحي ( 2012 / 8 / 3 - 19:00 )
السيد محمد عبعوب
بعد التحية
بقدر ما هناك تعليقات ترتقي الي مستوى النقاش،حتى نصل في بعض الاحيان بأن من المؤكد هناك سوء فهم بين الكاتب والقارئ،فأننا نجد بالمقابل من يثري النقاش،ويضيف اضافات الي الكاتب،يشعره بأنه تحصل على معلومة جديدة،مفيدة،أو رأي له دلالة،يكون انعكاسا للزاد الثقافي لديه،وهذا ما رأيته واضحا وجليا في تعليقك سيد محمد
شكرا على الاضافة
السيد حسان تهيأت... نعم كل انسان يمكن ان يتحول الي ديكتاتور،متى الظروف،فعلينا بتجارب الذين سبقونا...شكرا

اخر الافلام

.. -علموا أولادكم البرمجة-..جدل في مصر بعد تصريحات السيسي


.. قافلة مساعدات إنسانية من الأردن إلى قطاع غزة • فرانس 24




.. الشرطة الأمريكية تداهم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب


.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24




.. بلينكن يلتقي من جديد مع نتنياهو.. ما أهداف اللقاء المعلنة؟