الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملائكة النرد / كائنات القيح

فاطمة الشيدي

2005 / 2 / 14
الادب والفن


(1)
ملائكة النرد

قلوب من ياسمين ، قديسون يستحمون في برك الله المائجة بالفضة ، يستجمعون قلوبهم في كفوفهم وربما في شفاههم البنفسجية .يعبرونك بخفة وبثقل فوق ما تحتمل روحك الفائضة ، أياديهم الخضراء تخلع أصابعها في يدك لتهبك العشق ، مكتنزون بالبياض كامرأة في شهرها التاسع ، وبخفة ساحر يندلقون إلى داخلك دفقة واحدة حتى تسكر بهم ، الشموع التي تهب لهم جغرافية الولع تنير طرقاتهم الواضحة .
يعبرون ولايعبرون ، يخلفون وراءهم ظل ، يضعون قدم على قدم في ذاكرتك ، يشفقون على الدروب من رائحة الفراق ، فيتركون قلوبهم الملائكية تحضر تمائم اللقاء القادم ، لهم كبرياء الصمت ، ورائحة الشرق التي تستل دخانها من رئة الكون .
أنبياء لا يخطبون ود ، انكسار الضوء الملاصق لبيت قديم يسكنه قلب هو ما يعنيهم ، وجوه مصبوغة بلفحة الشمس ، آذان تبهجها زغاريد الفرح، ببساطة الطيبين يحققون معادلة العشق الصعبة ، يرسلون قافلة من العشق والشعر تشد رحالها مع ترنح الحداة إليك .
وزعوا قلوبهم في لمعان عيونهم ، وفي رائحة تسبق البحر إليك وفي أعشاش اللقالق الحائرة في حرقة الرمل ، فليس من الصعب أن تتصل برحلتهم الأزلية لأن قلوبهم تمنحك تأشيرة دخول من أول لحظة .
يشعلون حكة في ذاكرة التاريخ بطراوة اللغة المدهشة التي تمد أسرابها خارج الأطر ، وطيورها خارج أعشاش الشعر ، مدن من الفوضى ولذة من الجنون الذي يفضي بك لحكمة مغلفة بالفرح ، قلوب متورمة بالأصالة تهديك إقامة جبرية في العوالم المزدحمة بالرؤيا ، يحيون خارج أطر الكلام / قلوب من الياسمين ، بياض له لثغة
اللغة البكر /وارتباكة الضوء عند الشروق .


(2)

كائنات القيح
هكذا يأتون ، سواد برائحة جورب قديم ، أشياء تسبب الصداع ، سوط يلهب الرأس المثقل ، رحم مفتوح في جمجمة فارغة يقذف الأشباح والفوضى والحزن ، هكذا هم ، في هياكل ليست لهم ، يقفون بمحاذاتك ، يحسدونك على لحظة تأمل قصوى تأخذك للبعيد ،على أشياء مهملة لاتعنيك، وجوه تتحاذى على أبواب المجد المؤقت ، تتفحص العابرون واحدا واحدا.
ينتعلون فوضى اللغات وحرقة الداخل الملتهب ، يتقدمون نحوك مزنرون بململة تشد خصر الجهات إليهم ، أوتفرد أجنحتها على يباس الحقول، مرتبكون كحالة من الهستيريا المنجلية التي تحرك سواكن الحروف في زوابع الفناجين الخرافية ، لهم أصابع تتساقط وهي تفتش عن ثيمة معنى حية، خرق عتيقة وأن00 ( تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ) .
يأتون كالفضيحة أوكارتباكة مخجلة لأصص الضوء وهي تغازل الفتنة ،مساحات تصلح لحوز لقب أو قناع، مشاجب فارغة يعلق البعض عليها قمصانهم المتسخة بالحبر وربما بالزيت ، فراغ بحجم غياب ، بالونات تحاول الرقي للسماء ، خيالات مآته تضع الشارات على الصدور وتعبر منتفخة بالوهم ، أورام تتدحرج على قدمين .
هكذا يأتون ، يعلكون الفوضى ، ويدسون أياديهم في جيوبهم لتخرج سوداء من غير سوء ، يراودون الكلمة عن معناها ويجمعون الحروف إلى الحروف لتصب في مصايد اللغة ، اللغة تدلك وتدللك وتدل عليك 0
كرات منتفخة تخرج من أفواهم ، قيح أصفر ، لعاب وردي ، وأشياء أخرى بلون قوس قزح ، ورائحة شواء منبعثة من هياكل القديسين والأنبياء الذين يتبعون بقايا آثار خطوهم ،والغربال يتفنن في إعداد مراسم الدفن .
يطرون الأرواح بالغناء الميت ، أو بالنباح الجدير ، يتقمصون دور التجار والبضاعة مسجاة ، سلاحف وعناكب سامة ، باعة ضجيج متسخون بالوهم ،ينثرون لعابهم اللزج في قوالب مزركشة معجونة باليباب والفوضى ، ويتشدقون بالحكمة .
الروح الحافية تمشي على الغياب تخترقها شظايا زجاجات الدهشة ، فيما علب المساحيق تنتشر كالسرطان ، الطبل يحاذي الحرباء، وطرقات الأحذية والرؤوس تحدث ضجيجا ملفتا ، شارات موسومة أو مسمومة تصدر لعنة الكلام غير بعيد
يخرون من مكان علي ، طبولهم العارية تسمح لهم أن يقسطروا الضوء في الأكباد وينتعلون خرقة الوهن المشاع ، السواد اللون الأنقى ، والنفى مهيأ سلفا للتدثر من الجديد فالدبابيس مخيفة تفضح الأشياء المنفوخة ، الحذر الحذر من الأشياء الحادة، الخرج وسع اليم .
الجمهور يرفع قبعاته وربما أحذيته ، يبارك جحافل الوهن- فلعبة العرائس مغرية - ويهب الجوازات وأحذية العبور الرسمية للموتى ، لسدنة المفازات الذين لاتنجب أصابعهم المطر ولاتملك مهارة حقن زهرة نرجس بلثغة طفولة ، والأسطح الجافة تحفز على الانزلاق التام ،وتسند الأحلام الشحيحة ، واللهفة تمصمص شفتيها
والسهول العمياء تسوق الجبال.
الحكة مزمنة، واجتماع الفصول وانقضائها تحت سقف رأس واحد يهب الاحتمال مساحاته الحقيقية ، الجمال المشوه منشق عن قبائل الحسن المعلن تمرده على حيثيات الأشياء ، ووفرته الكثيفة التصنع ، جلد أجرب يجاهر بأمنية احتكاك لا تنجب الحرائق.
كمينية الصنعة تصدر كمية الشك المقلقة في حدائق الغياب المبكرة، البراءة منشطرة بسيف الوصاية ، والأجنحة لا تبارك الزغب ، أفران الرؤيا تمد خيوطها السرطانية زحفا حتى الموت المشتبه بالزيف،و أكثر القلاقل هي أولى دروس العشق .
قناصو اللحظات العامرة بالفرح هم هم ، ومصدرو الأحلام المعشوشبة هم هم ، والنفاثون في العقد ، وأكلة الملح هم هم ، والمجد للصمت وللنسيان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال