الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتب في العالم العربي

حميد المصباحي

2012 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


الكاتب في العالم العربي,يعيش الكثير من الرجات,والهزات تجاه المجتمع والسلطة معا,فهو يشعر بحيف وتحامل عليه من طرف الكل,خصوصا إن كان من ذوي الإـجاهات المتنورة,فقد صار في نظر المجتمع مسؤولا عن كل ما يلحق بناه من تدهور أخلاقي,وانحطاط على مستوى القيم والعلاقات,ولا يستطيع رفع صوته في وجه الكل,ليخبرهم بأنه ليس فقيها كما يعتقد الكل,وأن صورة المثقف حاليا تختلف عن صورته القديمة,فهو لا يحرس القيم,حتى تلك التي هو مقتنع بها,إنه ينتج الأدلة على صحة ما يبدو له,فهو لايؤسس بل أيضا يهدم,البنيات القديمة ويمهد لما ينسجم معه روح العصر والحضارة الإنسانية,لكن هل له القدرة على قول كل ذلك
وهل تسعفه شجاعاته وجماعاته على مواجهة الفكر السائد مجتتمعيا؟إنها متاهات يستشعرها دون أن يجد لها جوابا حاسما ونهائيا,وكأننا أمام الإشكالات القديمة,إذ سبق للفكر العربي أن عاش مثل هذه المواجهات الخاسرة ,ففي الوقت الذي انشغل فيه,بالهموم النظرية,كان الحس المشترك,أو فكر اليومي,وانشغالات الناس البسطاء تتسع ويزداد الإهتمام بها,فظهر من لهم القدرة على حسن إدارة هذه الهموم,فاختار العالم العربي الفقهاء,الذين تحولوا إلى نعالجين نفسانيين,ومفتين حتى في الأمور التجارية والحياتية,كما اختارت مجتمعات أخرى,نمطا آخر من التفكير,أسطوريا أو سحريا,خرافيا,أو علميا محضا في حالة مجتمعات أخرى,مغايرة ومختلفة كليا عن النماذج السابقة,معاناة الكاتب في العالم العربي,ليست خاصة به,غير أنها أكثر تعقيدا مقارنة بمثقفين في آخرين في بقاع أخرى من العالم,فهو يعيش حصارا مزدوجا,من طرف المجتمعات التي يعيش فيها,بما تعرفه من تحاملات عليه,فهو رجل الكتابة,وهي تعتبر الأمية حارسة لما هو شفاهي,لأن الحكمة والمعرفة الحقيقية مصدرها الله والوحي وليس الكتب,والمخطوطات,ما عدا القرآن,المعتبر معرفة ربانية,كافية بذاتها وهي علاج للروح والجسد,فكيف ينال الكاتب احترام الناس وهم يعتبرونه دخيلا على ثقافتها وتاريخها الشفاهي,المقدس لكل ما يناقض الكتابة,إلا إن كانت سحرا,يشرب بعد إذابته في الماء,لينتقل سمقه السحري للروح العليلة,التي تتلقفه وتنتعش به,هنا معاناة الكاتب العربي,المحاصرة كتبه,بدرجة أمية المجتمعات العربية,وقلة قرائها على مداومة القراءة,التي صارت عادة سيئة بالنسبة حتى للفئات الوسطى,الرافضة هي نفسها لفكرة التعلم,فهي تعتبر نفسها مصدرا لكل معرفة,مصدرا لكل تقدم بدون تعلم,ربما إيمانا بأن العلم نور,منبعه الروح وليس الكتب والمقرءات,لكن ما الذي تفعله السلطة في العالم العربي لتغير هذا المنظور المتخلف للكاتب والكتابة والقراءة أيضا؟؟
هنا السلطة تخضع للمجتمع,وتبحث عن المزيد من المبررات لتظل فيما تسميه بحيادها,وشماتها في الكتاب,إذ تعتبرهم المسؤولين عن محاولة بعث الخطابات المتعالمة,التي طالما حذرت منها كل سلط ودول العالم العربي,التي كانت تنظر للعامة,نظرة ارتياب,وكانت تعتبر العلم بالنسبة إليهم سلاح,يضر بها أكثر مما ينفعها,والكاتب عندما يحاول تنوير المجتمعات,فإنه يجد نفسه ضرورة ضد اختيارات الدول العربية,إلا عندما يتعالى ويكتب ما لن تفهمه,حينها تتركه الدولة في مواجهة المجتمع,وتكتفي بتحذيره مما يمس الجهل العام,أو ما يعتبر حسا عاما,احتراما للوعي الحسي للجماهير والشعوب والمجتمعات العربية,لكن الحقيقة أن وضع الكاتب في العالم العربي,وضع مختلف ومحير ومحبط,لدرجة أن الكتابة,لم تعد حافزا على المزيد من التفكير,بل غدت معاناة حقيقية,تجاه الذات والثقافة والمعرفة الإنسانية,تعج بالمخاوف من الآتي وعليه في الوقت نفسه,فلا يجد الكاتب,إلا صرخته الأخيرة,في وجه الجهل,لقد قلت ما كان علي قوله,وعلى الكل تحمل مسؤولياته تجاه التاريخ والأجيال القادمة,وهذه رسالته الأخيرة,وشهادته وربما وصيته قبل موته الرمزي والفزيولوجي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم