الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لو لم تكن الديمقراطية، هل تكون الخلافة الحرة؟

محمد الحمّار

2012 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


لو لم يكن هنالك النظام الذي اسمه الديمقراطية، كيف سنكون وما هو نظام الحكم الذي سنتبعه كعرب وكمسلمين؟ إنّ المعروف عن الديمقراطية أنها لم تنشأ في المجتمعات الغربية بالقوة وإنما تأسست من داخل التربة الثقافية فيها ثم تجذرت كثمرة آن أوان قطفها بعدما نمى عودها كشعور وكسلوك وكموقف لدى شعوب هذه المجتمعات. ولم يكن لا الشعور ولا السلوك ولا الموقف إفرازا لبذرة مستوردة من خارج التربة الثقافية الغربية. بل كانت البذرة خليطا منصهرا من أفكار التنوير، مع أنها على عكس ما كان يروج متصلة بالخلفية الدينية والعقدية للمجتمعات الرائدة للديمقراطية وهي أوروبا والولايات ، ومن الفوائد الحاصلة من التحولات العميقة التي حدثت بعدما تم القضاء على المنوال المجتمعي الإقطاعي، ومن آثار الانتصارات في الحروب، بدءً بالحروب الصليبية وانتهاءً إلى سقوط جدار برلين في سنة 1989 وانبلاج فجر الديمقراطية الأوروبية الشرقية. لكن المتأمل في المسيرة المعاصرة للشعب العربي سوف يلاحظ أن ليست هنالك بذرة سوى تلك التي تجسدت في نيله للاستقلال الترابي عن دول الاستعمار المباشر. عدا ذلك ماذا جنينا من نصف قرن أو يزيد من الاستقلال؟ هل تم سقي البذرة حتى ينشأ عودُها ويشتدّ؟ أية زهرة أينعت من ذلك العود وتفتحت حتى أمكن لنا أن نقول:"ها نحن نجني ثمار ما زرعته أيادينا"؟ لا شيء يستحق الذكر بخصوص نظام الحكم.

وقد يفسِّر هذا الجمود الفكري الذي انعكس سلبا على السياسة بروزَ نداءات للخلافة كنظام حكم مستقبلي في ظل الدولة الإسلامية. وهذا ما نشهد على إرهاصاته في بلدان مثل تونس ومصر أين توجد أغلبية إسلامية حاكمة. والذي يزيد المشكلة تعقيدا أن لم يعد هنالك فرق بين مَن ينادي بالخلافة الإسلامية ومَن ينادي بالديمقراطية. فكلاهما يعتزم استئصال الثمرة من محيطها الأصلي: واحدٌ من الوجدان ومن التاريخ وكتبه ومن مصادر التشريع الإسلامي، والآخر من واقع الغربيين وكتبهم. ولا أحد يفكر في الزرع ولا في الريّ ولا في التسميد ولا في المتابعة.

في هاته الحالة من التصحر قد تكون الخلافة الحرة نبتة تزرع فتُتابَع ثم تثمر فتقطف ثمارها. ويكون الشرط أن لا أحد مُخول له أن يحصر الشكل الذي ستأخذه ثمار الخلافة الحرة. بل يكون واجب المواطن متمثلا في العمل على مزاوجة مبدأ الاستخلاف القرآني مع المبادئ المعاصرة بدءً بالحريات الأساسية ومرورا بحقوق المرأة والإنسان وانتهاءً إلى ما لا نهاية له. وللتربية والتعليم الشأن الأكبر في المساعدة على مواراة هذه النبتة تراب الذات الفردية والجماعية حتى تتعلق بالأعماق وتُنبت جذورا. فبفضل تعليم عصري ومتأصل من الممكن التأسيس لدولة الغد ولنظام الحكم فيها. وليست المقاربات هي التي تعوزنا لكي نحقق هذه الغاية. هنالك على الأخص منهجية النمذجة اللغوية وهي التي جربناها بخصوص تنظير السلوك الديني مع السلوك اللغوي وقد أغدقت علينا بفضل الله بالعديد من الطروحات في مجالات التربية والتعليم والاجتماع والسياسة، وفي مستوى العلاقة بين هاته المجالات. وقد توجنا العمل بهذه المقاربة بملف يحتوي على مشروع للإصلاح العام والمتمحور حول إصلاح المنظومة اللغوية عموما والمنظومة التعليمية على وجه الخصوص.

بالمحصلة يتوجب التأكيد على أنّ الثورة والإصلاح توأمان لا ينبغي التفريق بينهما إن نحن أردنا لهذا البلد مسارا تقدميا متأصلا في ثقافتنا ومتفتحا على العالم. ثم إنّ شعار الأصالة والتفتح لا يتحوّل إلى واقع إلا في صورة تجسيد المكونَين الاثنين في عنصر واحد مندمج ومتحد. حينئذ يمكن الحديث عن زهرة دولة الخلافة الحرة.

محمد الحمّار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختتام مناورات الأسد الإفريقي بسيناريو افتراضي استخدمت فيه م


.. بعد ضربات أمريكية على اليمن.. يمني يعبر عن دعمه لفلسطين




.. فرق الإنقاذ تنتشل جثمانين لمقاومين استشهدوا في جباليا


.. واشنطن: بلينكن دعا نظراءه في السعودية وتركيا والأردن للضغط ع




.. فرق الإسعاف تنتشل جثامين مقاتلين فوق سطح منزل بمخيم جباليا