الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحمقى الذين يسهرون في كهولتهم

نصيف الناصري

2012 / 7 / 25
الادب والفن



مرثاة

نمشي بين النجوع المهجورة للزمن بلا تجارب ولا الهامات ،
ونبحث بين الأبنية المتصدّعة للتاريخ ، عن شرارات لحيواتنا
المعارة للحروب المصلصلة بمدننا الخالية من ضفائر الأشجار .
لدينا الآن في الواح شرائعنا التي عصفت فيها التوحشات ، الكثير
من الحمق ، ومن المجاعات الهائلة ، ونحن نقرفص في ساعات
يأسنا ، ونحلم بالميتة الهانئة . امكانيات عظيمة أضعناها تحت
رماد أمجادنا الطنّانة ، وبين كوارث
صلواتنا في الجسارات المحبوبة
للرغبة . يدهمنا الزمن الآن في شغفنا بالنوم بين
التأنيبات الشديدة للابادات التي قمنا بها في الماضي ، واللحظة
تتصلب في شحنتها ، وتهدّم فوق رؤوسنا الأعمال الفاسدة و
والنعومات . تستفز الميتة المتريثة عند الباب المرتعد لبركان الزمن ،
التلميحات المضطربة لجرائمنا في الظلال الحانية على الأصياف ،
وتفرُّ منِّا القناديل العظيمة للنجوم . هل كانت لمذابحنا في الهاوية
المغردة للتاريخ ، قيمة ما ؟
هل كانت لتحالفاتنا الفضائحية مع الأسياد
الحمقى ، جماليات تعين البروق في السهر
على اليأس المحفوظ للانسان ؟




كلّ لحظة لها ميتة جذّابة




منقاداً الى الهواء المسموم للثكنات التي مكثت بين أنقاضها
في الماضي ، أنصت الى الرنّات الطقوسية لمرضي العضال ،
وأدير الرقّاص المصعوق للساعة . لا تراودني فكرة الانتحار
في تجربة الحبّ الفاشل ، ولا آملُ بحياة أطول من حياة سلحفاة .
يعلو الموت السقف العالي ليومي ، وأشياء العالم لا تتضامن معي
في عجزي عن التنفس في حديقة النهار . كلّ لحظة لها ميتة
جذّابة ، وبين اللحظة واللحظة ، يتهدم حاضري من دون تعزية
في الهاوية التي تسيّج الزمان . التحرّر من الذكرى المتأرجحة
في ميزان المستقبل ، يحتّم عليّ أن أتخلص من أغلال كثيرة ،
وأغوص في دفء أبوّة المرض .
التجرد من النار الكاملة للفضائل ،
يقوّض كل مسعى لنا في النوم تحت
الشرارات التي تتلاقى في الديمومة .






جهامة العالم



الى محمد مظلوم




يحمل الانسان ذخيرته المتربة منذ البدء ، بلا رغبة
وفي يده حزمة تعفّناته . مناحات متشابهة
محمولة فوق الباب المتخلّع لحياتنا التي تبهظنا
في كل حين . تعوّضنا سهام العدم المنطلقة صوبنا ،
عن النسيم المعصوم من كراهياتنا للعفن في جهامة
العالم ، لكنّ تنفساتنا المنقبضة في وعود الأسلحة
التي تطهر الأشجار من النجوم ، لا تعيننا على
رمي جثث الذين نحبهم تحت الحجارة ، ولا تذكرّنا
بلم الشمل في معركة ما . ما نسرّ به ، لحظة سرور
تخاصم نيراننا المشدودة الى الخرائب المهيبة . نحيّي
العيد وشمسه المعانقة تمائم نعوش أجدادنا الذين
يبللهم الندى بين ثغاء قبورهم ، ونركن ما حلمنا به
الى جانب الحائط المتصدع لسهادنا . أولئك الذين
وصلوا قبلنا وانطمروا في ليل الوادي
الأخير لرغباتهم التي تنهشم ،
لا يتردّدون في العوم بهياكلهم العظمية في رماد غيابهم .



أدوار



الى جابر السوداني



نتخلّى في صدّنا للحظات اللئيمة لضعفنا في تعثراتنا
بين الجثث الفاحشة ، عن مناقب عظّمناها كثيراً في
الماضي . ترويضنا لإثم جرائمنا التي تهدّم البهاء الطاهر
للعالم ، في النفاية المحتقنة لزريبة علم السياسة ، يحفظ
لنا في أيّامنا المسرنمة ، نبل ما نطمح للانفلات من
شعائره في الراسخ ، وفي العابر . هاهي الأدوار الآن ،
ترّنحت فيها الموازين ، ولم تبق في طقوسها الحائلة ، إلاّ
التعاويذ الطفولية الهازئة بالأسرار . لا نقاوة رعوية في
الربيع السلمي لآلهتنا المغطاة بالديون ، ولا نضارة غفران
تخترق الظلال المريضة لصدى صلواتنا في الشُعل المنشدة
على مرارة الفجر . مباخرنا المتّقدة في الشواطىء المردومة
للفجر ، أطفأتها المدافع الوراثية لأسيادنا اللصوص الحمقى ،
واقتلعت آخر قوانين أسلافنا في العقم الذي يغطسنا مع الوعود .








قرابين




الى ناجي ابراهيم



قرابين موشومة بصموغ ترّنحاتنا بين الغمغمة الهزيلة للأيّام ،
نحملها بكسل ونتقدّم في الطقس الرائق صوب كهوف آلهتنا
الجائعة . خلاء لا حدود له ، نغطس في ظلمته ونستريح في
اهانات تتوارى عن القناديل الملحدة للرأفة ، والوعظ في الحدائق
المدّنسة للبيوت ، لا يرسل لنا اشارات تعيننا على الخلاص من
السلطة . ما يتضمّخ في عبير الخرابات ، يصوب أسلحته نحو
الابرة المتناغمة للشمس ، ويقتلنا في اكراه طويل للسأم . صخور
صلدة تتفجّر في أسرّتنا التي يدفئها الفرو الجافّ للزمن ، نتوسد
فيها اللحظة المجفّفة ، ونلوح للموتى على الشاطىء المتهدم للماضي .







في تخفّي مرضهم




الى أحمد يعقوب




تحجب الأشواك المخضلّة لجروحنا في نوافذ النهار ،
الحاضر المرهق والمثقل بظلمته .
ملامح متشابهة للأزل الذي ينفجر فيه النبض السَّخي للطبيعة .
المسافرون في الأتربة الى حتفهم ، يتخلّون في تخّفي مرضهم
عن الكثير من نذورهم ، ويقلّدون الحشرات في رحلتهم التطبيعية .
وقت الفقدان ، لا تنطلي عليه الحيلة ، والإله الذي نخترعه في
خوفنا ، وفي ضعفنا أمام المجهول ، يستيقظ بوضوح في ثوبه
العدمي ، ولا يعرفنا . أوهام يصنعها البشر الحزانى ويتلّطخون
بعفن ضراطها . التحديق في الغروب ببئر نجمة ، يصيب العين
بالانتفاخ . مدّمراً طقوس كلّ العبادات التي ترّسخ مصائبنا ،
يتقدم موتنا المرضوض في شدّوه ، ويغدق علينا نعمته العظيمة .
موت عنصري . لا أحد يضبط إيقاع صواعقه التي تفصلنا عن
انسانيتنا المهزومة في كل الأزمنة والأمكنة . يصعد بجرّافاته
الملوّثة ، شباب الجميل والخيّر والمتألق ، وينسى الحمقى الذين
يسهرون في كهولتهم للتحريض ضدّ فراشات أحلامنا ، وذهب
غزلياتنا للحياة التي نبغي .


24 / 7 / 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو


.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق




.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب