الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم (ما تيجي نرقص)

نافذ الشاعر

2012 / 7 / 27
الادب والفن


فيلم (ما تيجي نرقص)، من الأفلام غير الجادة الكثيرة التي تعرضها قناة روتانا سينما في الآونة الأخيرة..
يحكي هذا الفيلم قصة زوجة محترمة مخلصة لزوجها تعمل كمحامية، يغص مكتبها دوما بالعملاء المشاكسين، والأشخاص المختلفين، التي كانت تضيق بهم ذرعا، في كثير من الأحوال، وكما كانت الزوجة محترمة وقورة كان الزوج كذلك، تخيم الرتابة على حياته، ويشعر بأن قطار العمر قد بدأ يقترب من نهايته الطبيعية، وبالتالي يجب عليه أن يتصرف مع زوجته على هذا الأساس، لا رقص، ولا فسح، ولا كلام حب، أو غزل.. وإن كانا لم يتعودا على ذلك أصلا.

إذن، تلك هي خيوط المأساة التي بدأت تتشابك حول الزوج وزوجته، وكانت الزوجة صابرة راضية بحياتها، حتى تصادف أن رأت شيئا عارضا غير تفكيرها وقلب حياتها رأسا على عقب، وهذا الحدث هو رؤيتها بالصدفة، في نفس العمارة التي تعمل فيها، شقة اتخذت كمعهد لتعليم الرقص الغربي الذي يشبه الباليه، فأخذت تنظر من باب الشقة بخجل ووجل، ويغمرها شعور بالاندهاش والفرح بما تشاهده من رقص الأولاد مع البنات، الذي بدأ يذكرها بشبابها الذي ولى وزوى، وخطوة إثر خطوة وبعد عدة مشاهدات، تدخل الشقة لتلتحق بدورة لتعليم الرقص.

وكان المدرب ذلك الشاب الوسيم الرشيق أحمد، الذي لمع في عينيه بريق الزهو والانتصار، لأنه كسب إلى جانبه امرأة محتشمة ذات مكانة مرموقة، وهذا إرهاص بأنه، عاجلا أم آجلا، سيكسب معركته ضد المجتمع المحافظ المحتشم كذلك!
وبدأت الزوجة تختلس الأوقات للتدريب، وهي تخفي ذلك عن زوجها وابنها، ولما عرف الزوج ذلك بطريق الصدفة، ثار وغضب وانتهى الأمر بالطلاق!

لكن الزوجة، بتشجيع من المدرب الشاب المتفائل دائما، بدأت تتدرب وتعد نفسها لدخول مسابقة دولية للرقص، وفي ميعاد المسابقة تفاجأ الزوجة بأن الذي سيراقصها هو الزوج نفسه، الذي اقتنع بتأثير الرقص هو الآخر، فبدأ يتدرب خفية عند ذلك المدرب الشاب، وهكذا يفلح الرقص في إعادة الزوجين إلى عش الزوجية في حين فشلت جميع المحاولات الأخرى لإعادتهما!

هذه هي فكرة الفيلم باختصار شديد، ولا شك أن هذا الفيلم يطرح فكرة غريبة وافدة على مجمتعنا لا يمكن أن يتقبلها الناس المحافظين بحال من الأحوال، لأن هذه الفكرة نفسها يعارضها كثير من العقلاء حتى في الغرب نفسه.

وفي الحقيقة لم يكن مخرج الفيلم، أو مخرجته إيناس الدغيدي، محايدة في عرض الفكرة كل الحيادية، وإنما كان تنحاز إلى الفكرة وتشجعها، وهذا الانحياز بدأ واضحا من خلال افتعال بعض المواقف التي تمهد لترويج هذه الفكرة، ومن هذه المواقف:
أولا:أن الفيلم لم يظهر الشاب الوسيم شابا منحرفا يستجيب للغريزة والإغراء بسهولة، وذلك من خلال رفضه الاستجابة لمديرة المدرسة سوزي عندما طلبته لنفسها.
ثانيا: عدم تعدي حدوده والذهاب أكثر من اللازم مع المحامية التي كان لديها على ما يبدو القبول والاستعداد لذلك لو أراد!
ثالثا: أن هذا الشاب الوسيم جعل قسما خاصا لتعليم المحجبات وجعل المدربة امرأة، ولم يحاول التلصص على تلك المحجبات، كما لم يحاول اقتحام خصوصياتهن، أو التدخل في شئونهن..
رابعا: أن هذا الشاب الوسيم سعى جاهدا لإرجاع المحامية إلى زوجها وتقبل في سبيل ذلك إهانات كثيرة من زوجها.

إذن، هذه المشاهد كلها كانت تسعى لتوصيل فكرة مفادها أن الرقص ليس بالضرورة أن يكون سببا للزيغ والانحراف، وإنما يكون سببا للخير والإصلاح، وليس كل من يمارس الرقص هم بالضرورة فجرة منحرفون!

أما فكرة أن الشاب لم يكن يستجيب للإغراء فلا يمكن أن نسلم بها، لأن ذلك المدرب كان يشبع شهوته وغريزته على طريقته، بسبب ظروف خاصة مر بها، وهي انتماؤه إلى طبقة فقيرة كادحة، ولذلك لم يكن لديه القدرة على تحمل أعباء الزواج، بالإضافة إلى تخلي حبيبته عنه، وكانت تنتمي إلى الطبقة الثرية، ولم يكن يعرف أن حبهما كان من طرف واحد إلا يوم أن جاءته تدعوه إلى حضور عقد قرانها!
لقد كان هذا المدرب إذا أعجبته فتاة جديدة تأتي لتتعلم الرقص، كان هو الذي يباشر تعليمها، وكان هذا التعليم يتم من خلال التصاق جسده بجسدها، فيمس كل الأماكن الحساسة في جسدها، وهو يراقب البهجة والسرور على الفتاة، ويتنهي الأمر بأن تتهاوى مقاومة الفتاة وممانعتها، وتتقبل ذلك راضية مسرورة، وهنا يبدأ هو من يقاوم ويمتنع، ويضع لنفسه خطوطا حمراء لا يتجاوزها، خوفا من أن يلزم نفسه بشيء يعرف سلفا أن لا يمكنه الوفاء به، وكان على ما يبدو يؤمن بالمثل القائل (مئة رافق ولا واحد لازق)! وهذا السلوك بحد ذاته هو قضاء لوطر النفس وشهوتها، مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (كٌتب على كل نفس ابن آدم حظه من الزنى: فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها اللمس، والرجل تزني وزناها المشي، واللسان يزني وزناه الكلام، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه) رواه الإمام أحمد.

أما فكرة أن الرقص قد يكون سببا لتخليص الشباب من الانفعالات الزائدة وإخراجهم من حالة الإحباط التي يعانون منها، فإن هذه الفكرة لا يمكن التسليم بها وخصوصا في مجتمعاتنا، لأن فكرة الرقص هذه تقوم على فكرة رئيسية وهي انفتاح الشخص على الآخرين ومشاركتهم هوياتهم وتبادل المشاعر الوجدانية معهم، وأيضا إعادة التقدير للذات من خلال لفت الأنظار إلى الرشاقة وجمال الأداء. وكذلك الزعم بأن الرقص رياضة، يؤدي إلى التخلص من التوتر النفسي المتراكم داخل الشخص من طول الجلوس وقلة الحركة. ولا أدري لماذا لم يذكر الفيلم أن تلك الأمور يمكنها أن تتحقق في هوايات أخرى كثيرة نافعة وآمنة، كلعبة التنس أو غيرها من الأنشطة الرياضية والثقافية التي تغص بها النوادي.

هذه الايجابيات التي يطرحها المتحمسون لهذا الفن إن جاز لنا أن نسميه فنا، أما السلبيات فلم يتطرق إليها الفيلم، والتي منها ذوبان الحدود كليا بين الفتي والفتاة، وانتهاء رسالة الفتاة في الحياة إلا أن تكون جسدا للأغراء وإلهاب الغرائز، وتأجيج المشاعر، وعرض المفاتن.. فإذا فقدت الفتاة، بفعل الزمن والعمر تلك الجاذبية والإغراء، أصبحت كما مهملا لا مكان له إلا المكان الذي توضع به الأشياء التالفة بعد استعمالها، وانتهاء صلاحيتها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأملات - كيف نشأت اللغة؟ وما الفرق بين السب والشتم؟


.. انطلاق مهرجان -سماع- الدولي للإنشاد والموسيقي الروحية




.. الفنانة أنغام تشعل مسرح مركز البحرين العالمي بأمسية غنائية ا


.. أون سيت - ‏احنا عايزين نتكلم عن شيريهان ..الملحن إيهاب عبد ا




.. سرقة على طريقة أفلام الآكشن.. شرطة أتلانتا تبحث عن لصين سرقا