الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورات طائفية؟

سمير طاهر

2012 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


حضور الطائفية والسلفية الدينية في الثورات العربية الجارية حالياً هو محور جدل ساخن بلغ من الأهمية حد أنه بات العامل الرئيسي الذي بنى عليه مثقفون بارزون مواقفهم من بعض هذه الثورات. من ناحية، ليس ثمة فائدة في إنكار هذا الحضور الطائفي. من ناحية ثانية، لا يقدر الضمير أن ينكر على الشعوب حقها في الثورة على الظلم بداعي هذه العلة. في رأيي يتوجب تصحيح منهجنا، وبدلاً من محاكمة الثورة بسبب العناصر الرجعية التي تندرج ضمن مكوناتها تنبغي محاكمة هذه العناصر لوحدها فنفصل – بذلك – الثورة ونتعامل معها، كمفهوم وكحالة واقعية على الأرض، باعتبارها قضية قائمة بذاتها.
طالما أردنا الحفاظ على شعور عال بالمسؤولية فلا خلاف في أن نرفض تسليم بلداننا وشعوبنا الى تيارات رجعية أو متشددة حتى ولو كانت لها شعبية. لكن لننتبه الى إن هذا يتعلق بما بعد نجاح الثورة، بصراع صناديق الانتخاب؛ أما قبل ذلك فلماذا يتعارض وجود هذه التيارات ضمن قوى الثورة مع شرعية الثورة نفسها وواجب المشاركة فيها؟ إذا كان المرء يعتقد أن للاسلاميين أجنداتهم اللا ديمقراطية التي تكمن وراء ثورتهم على نظام لا ديمقراطي هو الآخر فهذا ليس دافعاً لنكوص الاشتراكيين والليبراليين والديمقراطيين عن المشاركة في الثورة (كما يدفع كثير منهم) وإنما بالعكس ينبغي أن يكون دافعاً قوياً لهم للمشاركة فيها وذلك ليُثْبتوا بالفعل (وليس بالادعاء فقط) أنهم الأتباع الأصليون للحرية والديمقراطية والعدالة، الأتباع الأنقياء لهذه المبادئ حيث إنهم يعملون من أجلها بذاتها وليس لاستخدامها مطية لأجنداتهم.
حين نعود بالتحليل خطوة الى الوراء نتساءل: من أين جاءت فكرة الثورة لدى الاسلاميين متشددين وطائفيين؟ الجواب إنه لا ثورة من غير ظلم. فالذي خلق مشاعر الثورة لدى الاسلاميين هو الاضطهاد الذي تعرضوا له. والذي خلق هذه المشاعر لدى الطائفيين هو التمييز الطائفي للأنظمة الحاكمة. بذلك، فان العدالة ليست هي الانتقام من الطائفة الظالمة وانتقال سوط القمع من يدها الى يد الطائفة الثائرة، كما يفكر قطاع عريض من أبناء الطوائف المضطهَدة، وإنما هي انعدام التمييز بين المواطنين على نحو مطلق. هذه هي رسالة الديمقراطيين التربوية الى بقية صنوف الثوار، وفحوى الحوار معهم أثناء الكفاح المشترك. أما رفض الحوار والثورة كلياً بسبب وجود التيارات المتشددة فيها فليس أقل من تسليم البلاد عمداً إليها. أتمنى أن يدرك بعض من مثقفينا أن عدم تأييدهم ثورات الشعوب العربية لن يخدم الديمقراطية ولا الحداثة وإنما على العكس يترك الساحة لأعداء الديمقراطية والحداثة ليستبدلوا الطغيان القديم بطغيانهم هم.
الثورات يقوم بها المتضررون من نظام الحكم؛ وإذن فمن الطبيعي أن نجد الطوائف المهمشة جزءاً منهم. لنعد التفحص في هذه الثورات سنرى أنها ضمت تيارات ومجاميع عديدة: مثقفين، ناشطين مدنيين، شباباً، قوميات مهمشة داخل الوطن.. أي كل الناس المتضررين من الحكم الأوليغاركي أو الديكتاتوري. فما الغريب في مشاركة الطائفة المهمشة وهي من ضمن هؤلاء المتضررين؟ إن مشاركة هؤلاء في الثورة ليست مبرراً لتخطئتها ولا لوصفها بالطائفية. وحتى سعي "الطائفة الثائرة" الى تسيّد المشهد أو فرض نفسهاعلى المستقبل السياسي للبلد لا يبرر للديمقراطيين رفض الثورة ككل. ان العمل التربوي هنا هو ثاني أهم الجهود بعد جهد إنجاح الثورة. إنه تنوير الجمهور بأن علة الاضطهاد ليست هوية المضطهِد وطائفته ولا هوية المضطهَد وطائفته وإنما هو الاضطهاد نفسه وبأية حجة كانت. العدل ليس أن تستولي الطائفة المظلومة على الحكم وإنما هو انعدام التمييز بين المواطنين.
أود أن أسأل مثقفينا رافضي الثورة بوصفه رفضاً للمشاركة في تأسيس دولة قمع ديني مستقبلاً: هل الحل إذن هو دوام النظام الحالي رغم إن أقل ما يقال عنه هو إن عقيدته في الحكم هي السبب في هذا الذي يجري؟ ومثلما قاوم سياسيون ومثقفون وناشطون طغيان هذا النظام لعقود فما المانع من تغييره الآن ومن ثم مقاومة أي نظام طاغ يأتي بعده سواء بشعارات دينية أو بغيرها؟ بمعنى إنني لم أعن بالعمل التربوي أن نكون ناصحين للأطراف المتعصبة طائفياً فقط وإنما وقبل هذا أن نكون ناصحين لأنفسنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطائفية ؟
هوزان خورمالى ( 2012 / 7 / 28 - 00:17 )
اخي الكريم نعم هناك ثورات ملونة بلون طائفي في البلدان العربية والاسلامية ,السوال الذي يطرح نفسة لماذا تحولت تلك الثورات الى ثورات طائفية هل لان الطائفية اصبحت قضية اقليمية ام ان طبع الثورات هي كذالك ؟طبعا الجواب يكون كاالتالى الثورات العربية مصبوغة بلون طائفي بحت لان الصراع الطائفي الان يدور بين قطبين القطب ايراني وغيرة من الدول الداعمة لها والقطب السعودي القطري ,بنظري حتى بعد سقوط الاصنام سوف يغذي كل من القطبين الصراع الطائفي لاثبات وتوسيع نفوذ السلطة لكلا القطبين ومحاولة السيطرة على مقاليد الحكم وبتالى الانتقام التاريخي والثائر ,العراق اقرب مثل وخير ديل على ذالك فمثلا في البحرين هناك صراع او مايسمى بثورة ذات طابع طائفي ومدعومة من قبل الملالى في ايران وفي سورية العكس تماما لذا على الديمقراطين وليبرالين ان يشهدوا دور المنقذ لتك الثورات التى يجب ان تستمر وتنجح في نهاية المطاف لان فشلها سوف يؤدي الى كارثة حتمية بمعنى اخر الثورات مخطط لها وتدعم لوجستيا وعسكريا من قبل القطبين تارة من يؤيد النظام الشيعي وتارة من ويؤيد النظام السني ,والطائفئة مرض لابد علاجة حتى لو بموت الرحيم

اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج