الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات العراقية لها مقال مع کل مقام

نزار جاف

2005 / 2 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إنتهت الانتخابات و خرج من مولدها الشيعة و الکورد بمعظم الحمص فيما نأت الفئة التي کانت مستأثرة بالسلطة في العراق لعقود طويلة بنفسها جانبا و هي ترى فيئها يتقاسمه خصومها السابقين . هکذا تترائى الصورة الاجمالية لعراق مابعد الانتخابات لدى الاعلام العربي و ترکيا وهي صورة قد لاتکون وفق المقاسات المطابقة للواقع لکنها منسجمة و مطابقة للحسابات السياسية و الفئوية بإتجاهات معينة . وقد يکون منبع التخوف العربي مرده الاساسي الى التوجس من المزاعم المتعلقة بالهلال الشيعي الذي کثر الحديث عنه بعد سقوط نظام البعث في العراق وهو مايعني أن اليد الايرانية سوف تکون أطول من اللازم و سيکون بمقدورها أن تعبث بالکثير من الحسابات التقليدية و المألوفة للمنطقة . في حين يميل البعض من المراقبين و المحللين السياسيين الى النظر الى هذه المسألة من زاوية أخرى لها علاقة بالجذور التأريخية من حيث تلک الحزازة التأريخية التي تمثلت في کون المذهب الرسمي للدول الاسلامية الاساسية المتعاقبة على حکم المسلمين هو المذهب السني، وعلى هذا الاساس تمت صياغة معظم الرؤى الفقهية و الفکرية وفق مبادئ هذا المبدأ . في حين بقي الشيعة منزوون عن السلطة و بعيدون عنها " ماخلا فترة إستحواذ الفاطميين على مقاليد الامور في مصر" وهذا الامر بحد ذاته ولد نوعا من الاحساس لدى الاکثرية السنية بحقها التأريخي في تولي الحکم و تمشية أمور البلاد و الناس ومن المفيد أن نشير الى أن الشيعة قد تعرضوا على مر العصور الى إظطهاد و ظلم تأريخيين نادري المثال من قبل معظم الدول التي تولت الحکم في مراحل التأريخ المختلفة و صوروا على أساس أنهم فئة ضالة خارجة عن الاسلام سيما حين کانوا يدعون الى فترات قريبة بالرافضة. ومن هنا فإن سيطرة العرب الشيعة على مقاليد الحکم في بغداد قد لاتکون موضع ترحيب من سائر العرب، خصوصا وأن غالبية العرب من السنة " وفق مذاهبها الاربعة المعروفة" في حين أن هناک أقلية من العرب تترکز غالبيتها في العراق مع تواجد محدود في جنوب لبنان و قلة آخرين في السعودية و البحرين . إلا أن الرؤيا الترکية رغم إلتقاءها المذهبي مع العرب " ذلک أن الغالبية العظمى للاتراک من المذهب السني مع أقلية " علوية" تختلف في جوهرها و تتخذ سياقا آخرا يصب في منحنيات ثلاث مهمة بالنسبة لترکيا هي :
1 ـ الاطماع التأريخية لترکيا في جزء حيوي من العراق " کان في السابق ما أصطلح عليه بولاية الموصل" وخصوصا وأن الجزء الذي تطمع فيه ترکيا بذرائع واهية غني بالبترول .
2 ـ الزعم بحماية الترکمان من الکورد وهو زعم قد يکون بعيدا عن الحقيقة سيما وأن الکورد و الترکمان قد عاشوا الى جنب بعضهم البعض لفترات تأريخية طويلة .
3 ـ الخوف من زحف الوعي القومي التحرري الکوردي بإتجاه المناطق الشرقية و الجنوبية الشرقية منها ذات الغالبية الکوردية .
وقد يکون المنحني الاخير هو الاهم بالنسبة لترکيا من حيث خطورته الفعلية على الخارطة السياسية لترکيا نفسها ، ومن هنا کانت الدعوة الترکية الملحة لإعادة النظر في نتائج الانتخابات بإعتبار إنها لاتعکس الواقع ! وربما تکون هذه الدعوة محقة لو نظرنا اليها من زاوية عدم مشارکة العرب السنة في الانتخابات لکن المشکلة في أن الاتراک لايعنون ذلک تحديدا و إنما يهمهم و يشغلهم کرکوک التي باتت مثل الکابوس لهم خصوصا وأن النتائج التي أحرزها الکورد فيها جاءت مقلقة و مثيرة بالنسبة لهم . وبين العرب و ترکيا تأتي إيران بصمتها المطبق نوعا ما تجاه النتائج المعلنة و هي تنظر بشئ من الترقب الذي يشوبه الحذر نحو آفاق و تداعيات المحصلة النهائية للعملية الانتخابية التي جرت بمبارکة و " مراقبة دقيقة" منها ورغم أن هناک تيار واسع من الشيعة العراقيين الذين يرغبون في نيل حقوقهم الديمقراطية بعيدا عن کل التأثيرات الجانبية " ولاسيما المتعلق منها بطهران" لکن إيران متلهفة کي تجعل من نفوذها داخل شيعة العراق ورقة ضغط قد تحتاجها في مواجهتها المحتملة مع الغرب " أمريکا على وجه التحديد"بالاضافة الى أحلامها الاستراتيجية بخصوص مستقبل المنطقة و لعبة التوازنات فيها . أما سوريا المهمومة بأکثر من معضلة عويصة ، فرغم عدم رضاها الضمني عن النتائج المعلنة إلا أنها في نفس الوقت لاتملک أدنى قدرة للتأثير فيها ، و لذا فهي تحبذ السکوت و مراقبة الاحداث عن کثب . والحقيقة أن القوى الشيعية العراقية تدرک جيدا أن الولايات المتحدة الامريکية لم تقطع کل تلک المسافات و لم تنفق کل تلک الاموال الطائلة کي تحقق أحلام الحاکمين في حسينية جماران وإنما يعون أن الکيل الامريکي قد يطفح لو تجاوزوا الخطوط الامريکية المسموحة في اللعبة و بالاخص في مدى و إتجاه علاقتهم بإيران . وقد تکون الاشادة الامريکية بالسيد السيستاني من حيث الدور الايجابي الذي لعبه قبل الانتخابات و دعوته للعب نفس الدور بعد الانتخابات هو بمثابة تنبيه للقوى الشيعية أن يسيروا على نفس النمط السابق " المحافظ في علاقته مع إيران" وأن لايدفعهم غرور تملک السلطة و النفوذ للذهاب الى أبعد من ماهو محدد لهم . وقد تکون الورقة الافضل للشيعة لعبور حاجز الاختبار الصعب هو إقامة تحالف قوي لهم مع ثاني قوة منتخبة على صعيد العراق وهم الکورد . وتأتي أهمية الکورد من حيث أنهم قد يکونون صمام الامان و التوازن في إتجاه و ماهية الدولة العراقية الجديدة " التي لايريدها الغرب و دول المنطقة عموما بإستثناء إيران أن تکون إسلامية" ولعل بعض الاشارات القوية من الکونکرس الامريکي بخصوص أهمية الکورد من حيث کونهم عامل توازن و أمان في اللعبة السياسية بالعراق هي أکثر من إشارة ذات مغزى لقائمة الائتلاف الشيعية الفائزة .

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة يرصد توافد حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى ل


.. مقترح لحظر بيع السجاي?ر للمولودين بعد عام 2009 في تركيا مدى




.. مناسك الحج.. الجزيرة ترصد توافد الحجاج لرمي جمرة العقبة في أ


.. تفاصيل عملية اغتيال القيادي في حزب الله -أبوطالب- في مدينة ج




.. تقرير استخباراتي أميركي يكشف حجم الخسائر المادية بالبحر الأح