الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرفة الباردة

هناء شوقي

2012 / 7 / 27
الادب والفن


جدران صامتة تعانق أرضًا حبلى وَلَدت للتو ثلاث أسرةٍ من غير مخاض،
كيف تتماشى الولادات كهبات من الله؟
ولادة هذه الأسرة كالزنى بحق الشرع غير المشروع، وحكم الزنى في الولادة سجن ظالم للوليد بالمؤبد.

السرير الأول

يدي ترتعش في تأرجحها وهي تكتب إثم الأبرياء. كيف تُعلقين يا سهام في لثامِ ظالم وتجرجرين حتى ينسلخ شرفك عن أسمك؟
عروس بالألوان واللبوس، بيضاء البشرة، شفيفة القلب، ملائكية الخيال.
هو: مستلق يعانق أرض الرغبة.
سهام: بالطهر! تهشم الظهر العاري من أسرار صمت اللاتي مررن قبلها.
هو: ملثمٌ، يحوطه إلحاح الغواية.
سهام: بداخلها حلم عذب.
هو: يحتشد برأسه إنغماس دائري.
صخب المكان بالزغاريد، استسلمت سهام لتقاسيم الأيام، صار لونها بلا لون، ومذاقها طيوبًا تُسحر"هو" وكأنها زيت قدسي لا يشح من سراج اللذة.
أخذ انغماس"هو" الدائري يشكل منحنيات إلى أن ارتسم خللاً في الإنقسام.
آنست" هو" طفرة جنون في ذهنٍ مجنون: كيف تقطر سهام كل هذه الطيوب وهي بغير لون؟
بهتت حياته من دسِّ الظنون، انطفأ لمعان لدغاته، لمعت طيوب سهام في عنان الأنوثة، أخذت أسوار"هو" تنهار وأطراف سهام تتشرنق من جديد حتى أكل"هو" طُعم الشيطان.
هو مراوغ! يعاشر النساء، يعود مثقلا لإمرأة نبيهة، غاب عنها لونها لكشفها سر خيانته وتلألؤ طيبها ليطوّح "هو" نحو ظنّ مرتقب.
تفكر سهام في خلوتها، تضع أولويات إدراجات خصوصياتها: إلى متى هذه الشروخ؟ لقد تجذرت بكبريائي فخدشته! لنعود زمننا الغابر، بذاتي ولوني وطيوبي، وليسكب ملذات أنهاره كما شاء، فلا تحسب من نصيبي خيانتة.
لأنه جائر، ممزق المبدأ، مهترئ الإنسانية، جلجل صوته جوانب البيت، ملأ جنبات صدرها خوفًا ورعبًا، ولأنها جريحة، مكللة بالشوك، ترنحت بين كبريائها وتغليف مسام أوجاعها لتعاود المطلب في حضرة الرفض، حدق وصرخ، صال وجال إلى ان شكك سهام في أرضها، أمطر بغزارة جعل سهام تلوذ اختباء بقابض روحها. فتر المقال بحضرة المقام وأخذ الخدر لبوس العروس. شريط بالذاكرة مرّ لبرهات، عروس تحت القُبل تجتاح ارض العذراوات وتنهدات تضرب صولجاناتها قروع طريقها لتصير بحرف النون من النسوة، فتسقط بمستنقع ملوث، لا ينتشلها كلبٌ يلهث كان زاده لحمًا نيئًا.

السرير الثاني

يزيد وراوي: صنفان من صنوف البشر حميمان مختلفان في آن.
كل الأبواب تُطرق إلا غرفة يزيد نوافذها محكمة الإغلاق بستائر مهترئة وظلال لا تدخل الغرفة دون إستئذان.
يزيد يقضي وقته أنصاف حاجات، وقتًا في دروسه ووقتًا في المعصيات، لقد أوصل الوقت بأولادنا لأن يصبح الواجب فرضًا مؤلمًا ويستعير المتعة إعارة دائمة، فما عاد يجيد الفصلَ بين الحاجة والغاية.
راوي يطيل السجود في الركعات، يطلق إلى الله صافرات الدعاء خوفا وطوعا من سموم المجريات. كان يميل للعزلة تحسبًا من الوقوع في حُفر الغوايات( كثرٌمن يخافون الخوض في الجديد كي لا تُفتح أعينهم على دروب قد توصد المسالك الاولى بصخر فيصيرون لا يعرفون أنفسهم).
أكل الملل أيام يزيد، أخذ يبحث عن الإثارة، طفر في عقله لقاء الذين إسترضوه قبل أسابيع معدودة.. كانوا يتحلقون حول النار في أطراف البلدة يتآنسون، يُمزَجون بتجارب ليست آمنة يمتلئون غرابة فتصير أبوابهم مشرعة إلى بيت واحد يدعى الضلال. يحرقون الملل بفتيل الإنقسام فتتزاوج مخيلاتهم بتجاربهم فتنطمر أوراقهم بوحل الحرام.
كدّ راوي في الإقناع، غرق يزيد في المزيد. القامة والهامة والشباب صاروا خرابًا، فانقلب المتحمس متخاذلا حتى أكل الخوف صدر راوي على يزيد...
لَحِقَ به ذات إختفاءٍ مسائي التحولق. مؤشرات جعلته يلاحق أقدام المنفلت ليردهُ عن الضياع.
البلدة نائمة مستسلمون أهلها في خدر، الشبان جياع يستنيرون باللهب ليطفئوا العقل بترّاهات اللذة! وأي لذة في فراق العقل إذا آنسته حبوب مخدرات.
أدمن يزيد الهروب فصار موطن ضعف وراوي يحاول إعادة البواقي فيه ليستجمعها فيصيرا موطن قوة لكن! الدماغ المثقل والجيوب رخوة ومن لا يدفع ثمن ثِقل دماغه موطنه القبر( قانون التعاطي) اليقظ بقي يقظـًا يصارع الحرب فيقف جدارا ً واقيًا من الرصاص والرصاص غزير حتى الممات...
راوي ويزيد يجاوران سهام في السرير البارد في الغرفة الباردة.

السرير الثالث

خافتوا النور شياطين مرسلون من رحم يزني بإسم الحق.
"هو"! زوج سهام في السرير الأول، ما ولد ظالمًا ولا حرًا أتعبته الوحدة وحشرته الظلمة حتى أَظلم.
كان زاده في الليالي الحالكات ذعرًا وخيبات، شرب الويلات وهو فتي حتى أسقاها الجرعات الكالحات.
واصل"هو" العهر في حضن عاهرته فكان فأر المصيدة ليُكشف اللثام عنه.
أأنصفك الرب يا سهام حيث ترقدين على سريرك البارد فيشاركك الغرفة المكحل بالغبن المشوه بالضلال، أم الموت يبقى موتًا؟
ذنبك صار ذيلاً يلتف حول عنق الغابرين، والأسرة الباردة في إكتظاظ وما من معين، صار الحق بلا أرجل مشوهًا في الإستقامة.
ملاك الليل زار سهام ليدغدغ جوانبها المتيبسة، ألقى في سرها إغفاء "هو" إلى جانب جانبها.
: طافت نحوه مخترقة العزلة محدقة في وجهه المختنق، سكن الشيطان تفاصيله فتوعك وجهه صار أسود مزرقا، كل بقعة تفسر أذيته..
قبل أن يحتضن القبر ضلوع سهام أمعنت النظر بتقزز إلى"هو" المزرق، سقطت بصقة من شدة اللوعة على فراقها جسدها والبصقة على الميت حرام مهما إتسم بالعار ومضت لدفء غفوتها ...

:
الليل طويل هذا المساء
انا المسافرة
أسلك درب الرب
لا أخاف الرحيل
لا اخشى الموت
أويت إلى ترابي
والتراب حميم
لطخني العبد
فطهرني المسير
مسافرة بحقيبتين في يدي
يميني فراق أحبتي
يساري نواقص مسيرتي
أكملوها ولا تقضوا مضجع نومتي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب