الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حب يحيه صمت القنابل - قصة قصيرة

سالم وريوش الحميد

2012 / 7 / 27
الادب والفن


حب يحيه صمت القنابل - 2-
قصة قصيرة
أعواد القصب تمتد وامتداد ذلك النهر الجاري الذي تتهادى فيه المياه بتكاسل غريب .. يتلاشى عند خط الأفق البعيد ، تتكاثف زهرة النيل على سطح الماء كأنها سجادة خضراء مزدانة بورود أرجوانية ، كيف له أن يعبر إلى الضفة الأخرى والقرار يحتار في داخله ، لازالت عيون الأطفال الفضولية تتابع حركاته بارتياب ، كان ينوء بثقل جسده المنهك ، يتوكأ على عصاه ، التي راحت تحفر في الأرض الهشة علامات عودته من جديد، الجو يختزن كم من المفاجئات ، فهناك نذر من شر مستطير دائمة التوقع كبركان لا تؤتمن ثورته ، وهناك عالم تختزل فيه الأعوام تبيض فيها رؤوس الولدان
حاول أن يخرج نفسه من دائرة الشك ألتي أحيط بها ، أي حركة يجب أن يحسب لها حسابا ، لابد له أن يبعد الأطفال عن طريقه ، فقد أعدو عدتهم من الحصى للهجوم عليه ، وباتوا ينتهزون أي فرصة كي يحصبونه بها ، الحذر يسود المكان ...أسراب الجراد تغزو الحقول ، تركوها تعيث بالأرض فسادا ، والغمامات السود تغزو الفضاء , الأرض لن تعطي نتاجها لزراعها ، النخلة بائسة مذ أن داست جذورها الخنازير البرية .. وذلك الغمام الجزل العطاء ما عاد خراجه للفقراء
الأطفال تجمعوا حوله ، أحاطوه من كل مكان ، دار دورة كاملة ليجدهم على أهبة الاستعداد ..يتبادلون الأماكن بحذر وترقب ..
( محسن المخبل . لابس عباة أمه ، وسلامة لتطمه )* بدت الكلمات بإيقاع بسيط ثم ما لبثت ، أن تنوعت النغمات وتعالت الأصوات ،ألقوا بالحجارة عليه من باب التجريب لردات فعله، وتعالى هرجهم وصياحهم ، فيما راح الشيخ محسن يتقى الحصى بيده ، وهو يصرخ أولاد الكلب أصوات تداخلت في ارتباك محير توقف الجميع سكون لف المكان ، مع صوت انفجار أصاب أحدى المدرعات ، التي راحت تنطلق بكل سرعتها والنيران تعلو منها ، أنطلق الرصاص بلا تعيين ، رشقات متعاقبة راح تخترق أعواد القصب فتقصف رؤوسها الخاوية ، سقط طفل هنا .. وهناك آخر مخضب بدمائه ، الوجوه غادرها الابتسام ، الصراخ تعالى ، قرص الشمس خجل من تأريخ موءود اختالوا نوره وكبلوسنينه ، ذبحوا القمر في دروب موحشة
الدماء تنز من الشيخ الذي ألقى بنفسه قرب حافة النهر الممتقع لونه ، نسيمات باردة ينتشي لها ، ورائحة تضوع.
غسل وجهه بماء النهر المخضب برائحة الموت ، أحس ببرودة تدب في أوصاله وهو يلقي بجسده فيه ، ثمة خدر يسلمه إلى غفوة كادت تنسيه آلامه ،وأحلامه
هو ذا بيته الطيني ، الذي كاد أن يلقى فيه حتفه ، عام طويل من النفي الاضطراري دار دورته في أرض الله الواسعة وشده الحنين إلى ذات المكان ، عاد يشده شوقا لحبيب لم يراه ، لصومعته القديمة، التي لعبت بها رياح التغيير ، فهدت أركانها ، ودمرت قنبلة طائشة معالمه , لا يعرف سرا لهذه العودة المحفوفة بالمخاطر , لا يعرف لم يشعر باشتياق لهذا المكان ....؟ ففي زمن الحرب يبطل الحنين وتتجمد العواطف وتموت الأشواق ، سلامة لازالت لغزا عصي الحل ... من تكون تلك المرأة .. أهي استثناء من عالم جفت أوراق الحياة فيه
الحواس خادعة دوما ، لازال هناك أمل بأن يلقاها ، بأن يعرف شيئا عن سرها المكنون ، أن يرى في عينيها حبا لم يألفه ، الحمامات دائما تفر من كل خطر محيق ، ربما هي حمامة لاذت بالموت من الموت ، ربما هالها أن ترى جثثا تتوسد عتمة الطريق ، تمتد على أرصفة مفجوعة دوما بحماقات من استباح حرمة الأرض والإنسان ..
الله أكبر ...تدفن في جوف الليل المحمل بالأسى أشجار زرعت
تحولت إلى شدوف و أشباح ، تلتهم كل بصيص من نور
لازال أبو سلامة يأكل خبزا مدافا بالعار ..منذ أن غابت سلامه والبيت منكسرة أعمدته ،
مهدودة أركانه والناس ينظرون إليهم بارتياب مشوب بالحذر ، تسافر في أحداقهم ألاف الظنون ، وتحاك سرا آلاف القصص , لم سلامة الوحيدة التي اختفت ، لم لم تترك أثرا ، ربما ابتلعها النهر الجارف ، ربما أكلتها الوحوش ، أو هربت مع حبيب ,ربما غرر بها أحدا فهربت لتداري ارتفاع هضاب بطنها الممشوق
فقد
تهاوت مدن الفضيلة ، وأصبحت أسواق النخاسة تبيع الإنسان الحر للعبيد ..
الشيخ محسن يحمل أكواما من القمامة ويلقي بها خارج البيت العتيق الذي أصبح مكبا للنفايات ، يشعل في تلك القاذورات نار حقده ، ويصب جام غضبه لعنات على من جعله غريبا في داره ، غير آمن ، يقتات على القلق والهموم ، ويجتر عذاباته وينفث همومه كمرجل بخاري
لا أحد يعد له الفطور ، لا ماء يثلج صدره المحتقن بحزن غريب ، لا طفل يناديه بابا ، لا امرأة تسند رأسها على كتفه ،
_ لقد عاد الشيخ محسن
قال أخو سلامة الصغير .. فاحتقنت الوجوه بالغضب .. واشرأبت الأعناق ، وتدفقت دماء الغيرة ، تكاد أن تخرج من الأوداج ، وكفت الأفواه عن مضغ الطعام ، وحلقت العيون حول البنادق المعلقة على الجدران
( سبحان ربي الأعلى وبحمده ) أطال السجود
أحس بحشرجة البنادق ، لم يأبه لذلك ، هزه أباها بقوة ، جذبه من ثوبه أحس أنه يكاد أن يختنق ، تركه وهو لا ه عنهم في عالم آخر ، يهم لأن يسجد مرة أخرى ، إلا أن أخو سلامه عالجه بضربة بقدمه ألقت به بعيدا عن سجادة الصلاة ، فأحس بألم كبير، لكنه لم يتأوه
_ أين سلامه ...
ولم يجدوا لديه غير الصمت من جواب
_ يا عالم يا من تسمعون صوتي لقد عادت سلامة . ..عادت سلامة من جديد
أتى صوت أمها من بعيد كأنه نواح ، يتصادى و نعيق الغرابيب ،, كأنه نذير شؤم ، لم يكن نواحا بل كان شرارة
للأ خذ بالثار فالأرض حبلى بالرجال ، ولم تكن عاقرا في يوما ما ،
- سلامة عادت يا ليتها لم تعود ....
توزع النبأ على أهل القرية ، فتحت كل الكوى خرج الناس ، يتطلعون في ذهول إلى ذلك القادم من البعيد ....
اخترقت الحشود الدروب الضيقة ، نباح الكلاب يستفز بقية السكون
المشاعل تتقدمهم ،سرف الدبابات ،وهدير محركاتها ، يعلو على كل صوت ، الطائرات تستكشف المكان ..الشيخ رأى نفسه يسير مع ركب السائرين يغذون الطريق نحو بيت أبو سلامه .. الليل ستار لكنه مليء بالأخطار .. الجموع تتحلق حول سلامة
شفتاها تقطر دما ، عيناها يذوب فيها الجمال ، الحزن مرسوما على الخدود ..
_ سلامه .:. هل نالوا منك .. هل ذبحوا عذريتك .. هل قتلوا جنين براءتك
لا كلام ، الصمت طلقة تخترق الرؤوس ، فتحنيها رغم أنها لم تنحني لعصف الريح الهصور
_ سلامة من ... الذي وشى بك وألبسك تلك القيود ....؟ ، أطرق الجميع رؤوسهم ...حيث يحتار السؤال والجواب
جربوا أن تغسلوا عاركم ، جربوا أن تمزقوا ذلك الجسد المثخن بالجراح ، قال الأب وهو يهوي عند عتبة الباب خائر القوى مذبوح من الوريد إلى الوريد
جثت سلامة على ركبتيها باستسلام غريب
استل أخوها الكبير خنجره من غمده ... تلظى رغم عتمة الليل ،
_لابد من أن نغسل عارنا ..في سجن بوكا لا يعتقون النساء
-هل غادرت الرحمة قلوبكم .. أتقتلون الأرض بعد اغتصاب
حمت الأم ابنتها بجسدها وشرعت ذراعيها في الهواء .. وراح بكاء سلامة يفتت صخر القلوب ،
_ أنا ... سأكون زوجا لها ...لن تجهزوا بثانية على المقتول
قال الشيخ محسن ذلك .. وفي عينيه تحد للجميع
أصوات الطائرات تقترب من المكان ، تلتمع السماء بالبريق ، هدير محركات الدبابات يقترب .. الأضواء الفسفورية تتوزع على تلك الأجسام الهلعة الفارة من الجحيم ، تقتنص فوهات الرشاشات من تريد
الكل اختفى ، البيوت تغص بالهاربين من أجلهم.... الانفجارات تحاول أن تقتل النخيل ، أن تذعر الطيور لتفر من أوكارها ..
الانفجارات تتوالى برتابة مقصودة ،
الله أكبر
آذان الفجر ، يحفز الجميع للخروج إلى تلك الحقول التي غزتها أسراب الجراد ، وتناسوا رجوم الشياطين، تناسوا حمم الغضب الملقاة ، في غمرة التشبث بأردان الحياة عادت الطيور لأعشاشها
الشيخ محسن يسند بجسده ساق النخلة الآيل للسقوط ، سقى التربة من دماءه ، شحب لونه ، وعلت صفرة الموت وجهه
فمات كما تموت الأشجار واقفة ... أسندوا الرجال النخلة بأجسادهم فلن تموت النخيل من الفولاذ والنار ..
سلامة كل يوم تأتي إلى ذات المكان تحمل الطعام والماء للشيخ محسن ، ولكن دون أن يصيب منه شيئا .. لأنه ما عاد بحاجة للطعام ...
----------------------------------------------------------------
(المخبل ) بالعامية المجنون ، عباة ... عباءة .. التطمه ..تواريه الثرى
أهزوجة يتغنى بها الأطفال حين يرون مجنونا لإغاظته وأثارت

حب يحييه صمت القنابل _1_
قصة قصيرة
الله اكبر ، كبرت المآذن ، سلامة يلفها الخوف بردائه تتأمل الأزقة
المظلمة أصوات سرف الدبابات ، وأزيز الطائرات تملأ المكان رهبه
يتوزع الخوف كظل . صوت المسحراتيه يطرقون بالصفيح الصدئ
الشوارع أو يقرعون على أعمدة الكهرباء ،لإيقاظ من يروم الصيام ،
يحتمون بالجدران خوفا من قناص راصد متربص يحيلهم إلى رفاة .
لا توقظوا النيام، هذه مسؤوليتنا هكذا قال بوش قي خطابه الأخير ،
امتزجت قرقعة القدور، مع هدير القنابل و دمدمة الرعود ،
وضعت الصحون بتناغم وقصف الطائرات، تنتظر أن تمتلئ بالطعام لتفرغها البطون ،
كل شىء يشيع في المكان الرهبة ،
يشتعل الجو ببريق الانفجارات قال أبو سلامه وهو
يدس الطعام في جوفه : كلوا لن يموت أحد إلا بيومه..!
يأكل الجميع إلا سلامه تأخذ طعامها وتندس في غرفتها بصمت،
لم يفهم أبوها سر عزوفها عن الأكل معهم ،مط شفتيه ،
رمقها بنظرة دون أن ينبس بكلمه ولكنها فهمت أنه مرتاب من شىء ما .
كل يوم تسرق بقايا من شجاعة وتهرب بها تستر بجنح الليل ،
تهرول ، أقدامها تمزق صمت الحشائش المتيبسة والنائمة على جنبات الطريق
تجده في صومعته يصلي يبتهل لله منقطعا عن هذا العالم في تهدج
تتثاقل منه الدموع فتسقط دون عناء . تسائل نفسها ترى هل يشعر بوجودي..؟ ،
هل يتحسس تلك الأنفاس اللاهثة ،
وذلك الشوق المسافر في تلك العيون..؟
فتاة تحدت كل شىء لتأتي إليه ،
تمر الساعات تجهض آلاف الحسرات ،
وهو لاه عنها، ترقب قيامه وقعوده لا تعرف السر الذي جذبها إليه ،
ولا سر هذا الخشوع المريب فيه ،
ترى أهو إنسان أم ملاك، أهو مجذوب كما يقول عنه الناس ،
أم متستر بلباس الطهر لغاية في نفسه ، جاء من المجهول
يتصدق الناس عليه ببعض ما عندهم ولم يجرؤ أحد على
سؤاله من أين أتيت ..؟ وإلى أين يقصد..؟، الكل أعطوه لوجه الله
تصدقا ، إلا سلامه فقد أعطته قلبا لم يمسه عشق ولم يؤرقه شوق .
سقته من طهر حنانها دون أن يدري أن حبا له في حنايا
الضلوع يكفيها أن تنظر إليه .. حين تعود مع انبلاج الفجر.
تنظر إلى النهر تحاذيه في المسير ، تنظر إلى مويجاته
الجذلى تقف على حجر الانعتاق من هذه الحياة ،تنظر إلى الماء،
تدخل الغرفة متسللة وترخي جسدها على فراشها الذي ما عانقه
طيلة هذه الليلة ،يحسدونها على نومها المخملي على أريكة الرضا
والاستكانة (أكلت حتى التخمة ولازلت نائمة )
تقول أمها ثم تضيف( لمن ترمين عظمك . ألهذا المجذوب ..؟ )
أمها الوحيدة التي تعرف قصتها مع هذا الغريب ...لكن السر دونه الموت
تسترت بجلبابها وغادرت المكان خفيه ..مثل كل ليلة
انتصف النهار ولم تعد سلامه ، ما عادت حتى المساء ،
فأولوا الكلام و كثرت الأقاويل ما تركوا مكان إلا
وسألوا عنها فيه. ثم ذهبوا للشيخ في صومعته ضربوه
تعاونوا على سومه سوء العذاب ،( نعم هذه أوانينا )قال قائل منهم ،
دمروا كل شىء في كوخه علقوه كذبيحة، هو لا يعرف
شيئا عنها قالها مرارا ،حلف بأغلظ الأيمان
( أنا لم أرها لم أسمع عنها شيئا ...؟!)،
تركوا له بقية من حياة، نفسا يعلو وجسدا أثخنوا فيه الجراح ،
فجأة سمعوا زمجرة سرف الدبابات انتشروا جميعا
متأهبين أحاطوا المكان بشبح الموت في عتمة الليل ،
من يكون عليه الدور ،من سيفوز ملك الموت بروحه هذا اليوم
ليرجع منتصرا بصيده ، قرروا اصطياد دبابة ،
انطلق صاروخ القاذفة يئز يخترق الهواء ،
ضرب الفراغ ،راحوا يبحثون عن سلامه ،تساءلوا :
هل أصيب الهدف ،كلهم غادر المكان إلا الشيخ محسن
ظل متوسداَ جراحه ينظر بعين مثقلة بالدمع إلى حماره
الذي أزت رصاصة فيه فتشظى رأسه وسقط دون أن
يكمل اجتراره لبرسيمه.الرصاص ينهمر ينثر كحلوى في عرس
سلامه أصبحت لغز القرية الذي لم تفك طلاسمه ....!
لم يرًّ الشيخ بعد ذلك ...!
هرب من القرية مثلما أتى عاد حاء لغزا ورحل
لغزا كل طرقات القرية موصدة من أين خرج لا أحد يعرف.....!
ظل هو المتهم الوحيد في القضية هكذا قالوا ..
سلامه انتحرت أسلمت نفسها للشيخ ، فأسلمها للنهر لتكون قرباناَ وضحيه ..
سلامه عند الأمريكان في سجن بوكا لأن الشيخ هو الذي وشى بها ،
سلامه هربت معه .. فهذا سر مجيئه
كان يسير بتثاقل يقطع الأحراش وهو يتوكأ على عصاه ،
سأل نفسه وهو في قمة حيرته وخوفه
( من تكون سلامه هذه....ما شكلها..؟ أنا ما جئت من أجل امرأة )
· ----------------------------------------------
-------------------------------------------------------------------
------------------------------------
هذه القصة كتبت في رمضان قبل أربع سنوات عندما
كان الأمريكان يوزعون علينا الموت في علب
حلوى مغلفه بسليفون كتب عليها هدية عمكم بوش .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو




.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد