الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في التضامن مع نضالات الشعب السوري

وديع السرغيني

2012 / 7 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



في سياق الحراك الشعبي العربي والمغاربي الذي انطلقت شرارته الأولى من مدينة سيدي بوزيد التونسية، لينتشر كالنار في الهشيم في مدن وقرى تونسية ومصرية وليبية ومغربية وجزائرية وسورية ويمنية وبحرينية وأردنية..الخ بعضها حقق الشق الكبير من الشعارات التي أطرت الحراك، وبعضها أخفق في منتصف الطريق، وبعضها الآخر تراجع واستكان، والقليل منها ما زال يقاوم بشراسة كما هو الشأن بالنسبة للشعب السوري.
وإذا كانت الانتفاضة السورية كما هو الشأن بالنسبة لجميع الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية قد انطلقت في شكل احتجاجي، مدني، مطالب بالحرية والديمقراطية والكرامة..الخ من الشعارات التي وحّدت قوى سياسية عديدة تقدمية وديمقراطية معارضة، إلى جانب ووسط الفئات والطبقات الشعبية الكادحة والمحرومة والمضطهدة..الخ من أجل تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. فإن الأوضاع في الميدان اتخذت اتجاها آخر، يلزم جميع التقدميين بإصدار الموقف دون تبرير أو تردد.
ونظرا لأهمية الموقع الجيوستراتيجي الذي تحتله سوريا في منطقة ملتهبة ومعرضة في أية لحظة من اللحظات لأن تكون مسرحا لحروب مدمرة طويلة الأمد.. كان طبيعيا أن يكون التردد من طرف بعض التقدميين أو أنصاف الديمقراطيين، في اتخاذ الموقف نحو هذه الانتفاضة المستمرة، بل التهرب أحيانا من إصدار موقف مساند لشهداء هذه الثورة المنتفضة ضد الاستبداد والطغيان والدكتاتورية الدموية التي يمثلها نظام بشار البرجوازي الفاسد.
وكان طبيعيا، في ظل هذه المعطيات أن تكون جمعية أطاك لمناهضة العولمة الرأسمالية، سبّاقة لاتخاذ الموقف المنسجم مع طبيعتها كحركة احتجاجية، ومع مبادئها كجمعية تقدمية يسارية تعتبر أن الرأسمالية، هي أصل الشرور والحروب والاضطهادات والحرمانات والمآسي..الخ إذ تعتبر ما يقع في سوريا كارثة ضمن كوارث القرن العشرين، وأسبابها داخلية مرتبطة بالنظام الرأسمالي الامبريالي الذي اتخذ الشعب السوري ومطالبه، مطيّة وفرصة ذهبية لإعادة ترتيب أوراقه في المنطقة كما هو الشأن في اليمن ومصر وليبيا وتونس..الخ
بهذا، كان الموقف الأصلي والأصيل، هو المناهضة للاستغلال والاستبداد السوري من منطلقات طبقية تقدمية متجاوزة لكل أنظمة التبعية الرأسمالية.. حيث سجلنا ومنذ البداية مناصرتنا للحركات الاحتجاجية السلمية والمدنية المطالبة بتوسيع الحريات، قبل أن تتحول الأمور إلى العنف والدموية الوحشية تجاه هذه الحركات التي وجدت نفسها محاطة بالعديد من الفاعلين الجدد الذين لم يترددوا في حمل السلاح دفاعا عن أنفسهم وعن حركتهم.
حينها اختلط الأمر على العديد من التقدميين الذين كانوا في حالة انتظار لمعرفة قادة المتمردين المسلحين، ولمعرفة انتماءاتهم الإيديولوجية وولاءاتهم السياسية.. في حين اتخذ مناضلو أطاك نفس الموقف المبدئي المناهض للنظام السوري وحملته التقتيلية ضد الشعب السوري الأعزل، أولا وأخيرا.. وهو ما لم يرق لبعض المناضلين أو بعض كتاب الفايسبوك، حين وصفونا بطريقة متجنية بـ"ثوار الناتو"، مفضلين الدفاع عن النظام السوري المتهاوي، بذريعة أن المعركة هي معركة إمبريالية صهيونية رجعية!!
وفي هذا سطحية وتبخيس واضح للدم السوري ولتضحيات الشعب السوري المطالب بالحرية والديمقراطية.. صحيح جدا أن المعركة بالغة التعقيد بالنظر للموقع الذي تحتله سوريا، والذي احتلته على مدى عقود من أجل فرض توازن في المنطقة، عبر دور معين لم يتجاوز في أقسى حدوده التهديد والتسويف وليس إلاّ.. ابتداءا من حرب 67 التي كرّست خسارة الجولان ومنطقة شبعة، إلى حرب جنوب لبنان والحرب على غزة، مرورا بالحرب الأهلية اللبنانية وحصار بيروت والحرب العراقية.. حين كانت القيادة السورية في أوضاع المتفرج، وأحيانا المتواطئ مع قوى العدوان الرجعية والصهيونية الامبريالية ضد شعوب المنطقة.
لكن، ألا يجب والحالة هذه، أن نعترف أن للشعب السوري حقوق ومطالب؟ وإذا كان جزء من المعارضة السورية أوقعته هذه الحسابات بين خياري الأبيض والأسود التي تريد منه أن يختار بين نظام بشار أو نظام بديل آخر، قريب أو حليف للسعودية وقطر وأمريكا.. فليس الذنب ذنب الشعب السوري المغلوب على أمره، وليست مسؤوليتنا كحركات تقدمية تبدي الرأي من مواقع بعيدة، ومن وراء شاشة الكمبيوتر.. أن نقدم الفتوى للشعب السوري ولقادته في حركة التمرد والعصيان والكفاح المسلح.. ليست من مسؤوليتنا الإشارة عليه في الأشكال التي يجب اتخاذها نضاله، ولا في التحالفات التكتيكية الضرورية التي يجب عليه عقدها خلال جميع مراحل نضاله.
نحن أبعد من هذا، ولا نتصور أنفسنا أساتذة ومنجمين لحركات النضال والتحرر، وبشكل متواضع نقول ونقرّ بأن معطياتنا حول مكونات الحركات المعارضة السورية لا تتجاوز ما يقدمه الإعلام المنحاز بقوة لحسابات الرجعية والصهيونية الامبريالية ولا مجال لإنكار هذا..
نحن أبعد كذلك من أن نضع أنفسنا في موقع السوريين أو أن نكون بوقا لجهة من الجهات أو أن نحشر أنفسنا في حسابات المعارضة السورية، اعتمادا على مواقف إيديولوجية سياسية مسبقة تجاه تيارات معينة كما هو الحال بالنسبة للموقف من "الإخوان المسلمين" الذي يقودون بعض المواقع مستفيدين من تظلمات الفئة السنـّية وبعض الأقليات المضطهدة لعقود من طرف النظام القائم.
ويكفي الرجوع لموقفنا من الحرب الصهيونية ضد الجنوب اللبناني وضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث لم يخطر في تفكيرنا الهيمنة السياسية لحركات رجعية شعبوية مثل "حزب الله" و"حماس" بقدر ما أن تضحيات الشعبين اللبناني والفلسطيني وصمودهما هي من وجّهت مواقفنا وحركاتنا النضالية.. وإذا حصل وأن تخلفت الحركات التقدمية عن ركب الشعوب المناضلة فيبقى ذلك مشكل خاص بها، عليها أن تحله بعيدا عن هذه التحاليل السطحية المشينة.

وديع السرغيني
27 يوليوز 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لحى
بلبل عبد النهد ( 2012 / 7 / 28 - 09:03 )
اذا كانت نضالات وموت الشعب السوري ستتختتم بحكومة ملتحية كما في مصر وتونس فلا فائدة منها


2 - تحياتي
أحمد التاوتي ( 2012 / 7 / 28 - 09:52 )
شكرا سيد وديع على هذا العرض المتزن و التحليل الصائب لوجهتي النظر في مأساتنا السورية
الواقع ان منطق الدولة مسؤول الى حد بعيد عن غفلتنا عن الدم السوري، و هو منطق يقدم المصالح اعتبارا لمؤشرات و توازنات المحيط الخارجي، في حين أنه في مثل هذه الحالات يستحن توخي منطق الشرعية.. فلا وصاية على الشعوب، و من يرى بانها قاصرة فماذا كان يفعل منذ عقود عندما سلمته زمامها من أجل تنميتها


3 - الى المعلق بلبل
أحمد التاوتي ( 2012 / 7 / 28 - 10:05 )
الانسان السوري أغلى من النظام و من المعارضة معا..
هو أشرف من حزب البعث و اقدس من يوم البعث معا

اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال