الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة العراقية واللاجئين السوريين

حسن احمد مراد

2012 / 7 / 28
حقوق الانسان


في خضم الاحداث الدامية والمتسارعة في سوريا وازدياد وتيرة القتل والعنف يوما بعد اخر وتعرض الالاف من المواطنين على مختلف مشاربهم الى خطر الموت تتزايد ساعة بعد اخرى موجة نزوح السوريين من ديارهم الى البلدان المجاورة لهم في رحلة نحو البحث عن الامان ولعل العراق احد تلك الدول التي يتطلع السوريين الى اللجوء اليها لموقعها الجغرافي المتاخم للحدود السورية وهذا ليس بالامر الغريب فقد شهدنا وخلال سنين مضت موجات عكسية من لجوء العراقيين الى سوريا سواء في عهد النظام البعثي او حتى بعد سقوطه ، غير ان الغريب بل المحزن في هذا السياق هو الفتور والضبابية التي تشوب سياسة العراق كدولة عانت من نظام قمعي على مدى ما يقارب من نصف قرن من ظلم واضطهاد نظام استبدادي كان صنوا للنظام القائم في سوريا ، فبعيدا عن جميع المعادلات السياسية والاقليمية وتضارب او تقارب المصالح بين الشعوب والامم وبعيدا عن منطلق رد الجميل او المعاملة بالمثل كان حريا بالعراق ان يتخذ موقفا اكثر وضوحا وخصوصا في تامين الحدود للاجئين السوريين وتوفير المكان الآمن لهم فالمسألة هنا اكبر من مجرد كونها تقاطع مصلحة دولة او عدة دول او ذو ارتباط ببعض المكاسب السياسية على المستويين التكتيكي والاستراتيجي ،فهذا الموضوع يتجاوز المفاهيم النمطية حول علاقات الدول وتشعب مصالحها ومصالح شعوبها كونها ترتبط بشكل وثيق بحياة مئات الآف من السكان الابرياء بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والطائفية وتوجهاتهم الفكرية وايديولوجياتهم ، لاسيما وان الشعب العراقي على اختلاف اطيافه يعد واحدا من اكثر الشعوب الذي تعرض لهذا النوع من الاضطهاد والتاريخ القريب يسطر لنا عشرات بل مئات الكتب حول نزوح وتشرد العراقيين في اصقاع الارض نتيجة لسياسات وممارسات نظام مماثل تماما لما يتعرض له الشعب السوري في الوقت الراهن .
ان الحكومة العراقية والساسة العراقيون الذين يتلكأون في التعامل مع اللاجئين السوريين ويحاولون جاهدين سلخ الموضوع عن بعده الانساني لاظهاره على انها قضية صراع بين دول اقليمية وغير واقليمية اومجاميع من العصابات المسلحة التي هبت من كل حدب وصوب على سوريا جاءت لتتقاسم غنيمتها على حساب الشعب السوري والعراق غير معني بها من منطلق انها قضايا وشؤون داخلية لدولة اخرى، ضربوا بذلك اسوأ نموذج في التعاطي مع قضية انسانية مطلقة و اتخاذهم هذا الموقف السلبي ازاء مواطنين نزحوا عن ديارهم هربا من تردي الاوضاع في بلادهم موقف يبعث على الغثيان ولايليق بنظام سياسي يدعي الديمقراطية ويدعي التزامه بمفاهيم حقوق الانسان ، انه لمن المخجل حقا ان يتم التفكير في بعض المصالح والالتزامات السياسية الانية الجوفاء محاولين وضعها على كفة ميزان في حين ان الكفة الاخرى مليئة بدماء الاف من الاطفال والنساء والمواطنين العزل ، لقد بات الضروري ان تعيد الحكومة العراقية حساباتها لتتخذ موقفا يتماشى والقيم الانسانية ومباديء حقوق الانسان وان تعمل ما بجهدها لايواء ومساعدة اللاجئين لا على اعتبار انها مع او ضد حكومة بشار الاسد ولا على اساس ان الوطن السوري كان موطنا آمنا لمئات الاف من المواطنين العراقين في الوقت الذي كان فيه بلدهم يعاني من دمار الحروب واعتبار الظرف الحالي فرصة سانحة لرد الجميل لهم ، ولا على اساس الانتماء القومي او العرقي او الطائفي لهولاء اللاجئين ، بل يجب ان يكون الدافع انسانيا انطلاقا من تلك القناعة التي تقضي بان مساعدة الانسان (على اختلاف لونه وعرقه وفكره) والوصول به الى بر الامان هو واجب اساسي نبيل يجب التقيد به وان هدر حياة انسان واحد او هتك كرامته تضاهي قيمته جميع الصفقات السرية وغير السرية واما ترك طفل ليسفك دمه في شوارع سوريا فهو اكثر ايلاما من جميع العروض والصفقات السياسية التي قد تخسرها الحكومة العراقية ، كلنا نعلم الى اي مدى ترتبط السياسة الداخلية والخارجية العراقية بايران ومدى تاثير وعمق وفداحة الضغط الايراني على العراق ولكن رغم كل ذلك فان الحكومة العراقية هي اليوم امام مفترق للطرق اما عليها السير وفقا للمباديء الاممية الخاصة بحقوق الانسان فتبدي اهتماما وعناية باللاجئين السوريين لتثبت ولو لمرة واحدة فقط انها غير خاضعة لايران بشكل مطلق وان لها توجهاتها الداخلية والخارجية الخاصة بها او تسير في ركب اولئك الذين حللوا سفك الدماء وانتهكوا حقوق الانسان والمواثيق الدولية بابشع صوره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميقاتي: الحديث عن رشوة أوروبية للبنان من أجل إبقاء النازحين


.. بايدن: نحن لسنا دولة استبدادية ومع حق التظاهر السلمي وضد الف




.. جامعة أميركية تلغي كلمة لمندوبة واشنطن في الأمم المتحدة بضغو


.. ترمب يتهم الديمقرطيين بمحاولة السماح للمهاجرين لترجيح كفة با




.. ميقاتي ينفي مزاعم تقديم أوروبا رشوة إلى لبنان لإبقاء اللاجئي