الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقيعة الاخوان وانتقام الشعب

محمد منير

2012 / 7 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بعد قيام ثورة يوليه 1952 وتحديدا فى أغسطس من نفس العام حدثت حركة احتجاجية من عمال كفر الدوار، وبصرف النظر عن أسبابها، فقد جاءت فى وقت كان الارتباك والتوتر يسودان فيه بين كل الأوساط، وهو ما أدى إلى كثير من سوء الفهم انتهى بإعدام عاملين هما محمد مصطفى خميس ومحمد عبدالرحمن البقرى، فى حين أن الثورة التى كان شعارها «ثورة بيضاء» لم تقم فى ذلك الوقت بأى إجراء عنيف أو دموى ضد رموز النظام القديم، وهو ما يضع علامات استفهام على هذا الإجراء العنيف مع العمال الحليف الأول للثورة.
أعتقد أن السبب يعود بالإضافة إلى الارتباك الذى أشرت إليه الى خروج هذه الحركة فى وقت مبكر بعد قيام الثورة، ورغم أننى لا أبحث عن مبرر لهذا الإجراء العنيف، والذى اعترف الكثيرون من أعضاء مجلس الثورة بعد ذلك بخطئه وأدانوه، بل إن بعضهم رفضه فى حينه، فإننى أرى أنه كان للإخوان دور تحريضى فى إحداث وقيعة بين عناصر الثورة من الجيش وبين الشعب، وهو دور يشابه دور الإخوان 2011 - 2012 فى أحداث محمد محمود وماسبيرو وغيرها، والتى فيها سقط العشرات من الشباب شهداء بأسلحة الجيش المصرى الذى حمى الثورة فى بدايتها، وهذا ما يؤكده مقال سيد قطب «حركات لا تخيفنا»، والذى نشرته جريدة الأخبار عام 1952 أثناء الأحداث، وفيه حرض قطب قيادة الثورة والجيش على ذبح الحركة العمالية، مما انتهى إلى إعدام خميس والبقرى، وهو الكأس الذى شرب منه سيد قطب بعد ذلك، (واللهم لا شماتة ).. جاء فى المقال:
«هذه الحركات أيا كانت بواعثها وأسبابها لا تخيفنا كما قلت، لأننا كنا نتوقع ما هو أشنع منها. إن عهدا بأكمله يلفظ أنفاسه الأخيرة، فى قبضة قوية مكينة، فلابد أن يرفس برجليه، وأن يطوح بذراعيه، ولكنه عهد قد انتهى»، ويضيف: «إنما المهم الذي نملكه نحن أن نسرع فى الإجهاز عليه. أن تكون المدنية حامية، فلا يطول الصراع، ولا تطول السكرات! لقد أطلع الشيطان قرنيه. فلنضرب. لنضرب بقوة. ولنضرب بسرعة. أما الشعب فعليه أن يحفر القبور وأن يهيل التراب».
ما أشبه اليوم بالبارحة، ولكنه مجرد تشابه وليس تطابق، ففى البارحة حرض الإخوان الجيش على الشعب وطلبوا من الشعب أن يحفر القبور لنفسه وانتهى الأمر بثلاثة قبور.. قبرين لعاملين بسيطين وقبر للمحرض، ولم تنجح مؤامرة الإخوان لأن الجيش آنذاك كان على رأس ثورة شعبية حقيقية آتت ثمارها سنوات طويلة بعد ذلك ورفعت من شأن مصر دوليا واقتصاديا، وانحصرت نتائج مؤامرة الإخوان فى خطأ وقع فيه قادة الثورة، اعترفوا به بعد ذلك، والأخطاء واردة، وتحية لأرواح الشهيدين خميس والبقرى ضحايا وقيعة الإخوان 1952، مع إدانتى أيضا لإعدام سيد قطب، فأنا ضد استخدام العنف بصفة عامة.
أما عن وقيعة الإخوان 2011 - 2012 والتى راح ضحيتها عشرات من شباب مصر الشرفاء، فقد آتت ثمارها «مؤقتا» وقفز الإخوان إلى الحكم على أنقاض الهدم المعنوى والثقافى والنفسى الذى سببه نظام مبارك خلال 30 عاما، وتورط الجيش فى الوقيعة أيضا، ولكنه هذه المرة لم يكن هو فى موضع قيادة ثورة شعبية، وإنما كان فى موضع حماية ثورة مرتبكة القيادة وشعب رافض غاضب وهو ما زاد من حالة الارتباك التى سهلت وقيعة الإخوان الثانية بين الجيش والشعب.
ولأن الجزاء من جنس العمل وإذا كان الثمن والجزاء الذى دفعه الإخوان نتيجة الوقيعة الإخوانية الصغرى 1952 كان محدودا بفعل محدودية نتائج الوقيعة وكشفها بسرعة، فإننى أتوقع أن يكون جزاؤهم عن وقيعتهم الكبرى 2011 - 2012 أكثر اتساعا وقسوة لسببين.. الأول أنها وقيعة أتت بنتائج أكثر مأساوية من الأولى.. والثانى وهو الأهم أن الشعب هو الذى سيقوم بالعقاب الغاضب بعد كشف المؤامرة والمستور بالخديعة، وما أدراكم ما غضب الشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي


.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال




.. استطلاع للرأي يكشف أن معظم الطلاب لا يكترثون للاحتجاجات على 


.. قبول حماس بصفقة التبادل يحرج نتنياهو أمام الإسرائيليين والمج




.. البيت الأبيض يبدي تفاؤلا بشأن إمكانية تضييق الفجوات بين حماس