الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في حديقة الربيع العربي أمريكا ترفع يدها..!

تميم منصور

2012 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


قبل الدخول في الموضوع أقدم أحر التعازي لإسرائيل وأمريكا, حكومة وشعبا, برحيل الصديق المخلص وأحد أعمدة "اتفاقية كامب ديفيد" الملعونة المشؤومة, عمر سليمان. عسى أن يكون رحيله المفاجئ عبرة للخونة الذين يعتقدون أن خيانة شعوبهم الطريق المثلى للوصول إلى الرضى, وأنهم أقوياء التاريخ خالدون. ونحن لا نبالغ إذا قلنا بأن منطقة الشرق الأوسط كانت ولا تزال من أكثر المناطق في العالم اضطراباً وتوترا وسخونة، تصل إلى درجة الاشتعال الذي يكاد لا ينطفئ ولا تخبوا نيران أحداثه. وما يميز حالة عدم الاستقرار في هذه المنطقة أن لكل دولة من دولة ولها حالة الاشتعال الخاصة بها. والسبب أن مصادر وقود هذا الاشتعال متواجدة داخل العواصم الاوروبية وفي واشنطن وتل أبيب. كما انه يوجد تراكمات كثيرة لها انعكاساتها حالت دون توفير الأمن والأمان في هذه المنطقة، منها تاريخية ومنها خارجية ومنها داخلية، من الترسبات التاريخية التي ساهمت في الماضي القريب في عدم استقرار الدولة العثمانية وسيطرتها على مناطق كثيرة في هذه المنطقة، كالعراق وسوريا الكبرى ومصر وجزيرة العرب. وقد استخدم العثمانيون كل أساليب الإهمال والفقر والجهل والاستبداد في حكم هذه المنطقة, تحت عباءة الدين وباسم الخلافة الإسلامية. وأدت هذه السياسة إلى قيام ثورات متلاحقة داخل الأقطار العربية للتخلص من هذا الكابوس والهيمنة العثمانية المستبدة. من جهة ثانية فان الاحتلال العثماني ونظامه الفاسد دفع الدول الأوروبية للتدخل في هذه المنطقة بسبب أهميتها الإستراتيجية. وقد انقلب هذا التدخل وتحول إلى تنافس بين القوى العظمى- آنذاك- من اجل بسط نفوذها في المناطق التي اختارتها. وبسبب هذا التنافس لم تتوقف الحروب, التي شملت أيضا هذه المنطقة. ومن بين أكثرها تغييرا في طبيعة وجغرافية الشرق الأوسط السياسية الحرب العالمية الأولى. فكانت نتائج هذه الحرب ليس إعادة رسم خارطة أوروبا على أساس إنقاذ وخدمة الشعوب وتحقيق تطلعاتهم القومية فقط، بل كانت وبالاً على منطقة الشرق الأوسط. فقد صدر وعد بلفور خلالها, وافرز هذا الوعد في النهاية قيام دولة إسرائيل بمساعدة الدول الامبريالية وتواطؤ الرجعية العربية. كما حددت كل من بريطانيا وفرنسا مصالحهما ومطامعهما. وبعد تقسيم هذه المنطقة رسمت حدود جديدة، وأقيمت دويلات عربية تتناسب مع مصالح الدول الامبريالية على أن تكون طابورأ خامسا لها. وأدى قيام دولة إسرائيل إلى أحداث تحول في حالات التوتر في المنطقة, وأصبح له منحى آخر. فقد ازدادت حالات عدم الاستقرار والتوتر بسبب الحروب التي بادرت إليها إسرائيل منذ قيامها. ولا زالت المنطقة في حالة احتقان دائم، لأن إسرائيل كما ذكر أول رئيس وزراء لها "دافيد بن غوريون": "لا نستطيع أن نعيش بدون حروب، على إسرائيل أن تخوض حرب على الأقل كل عشر سنوات"..!
هذا الموقف وهذه السياسة ليست غريبة على دولة أقيمت بالحديد والنار والقوة، فعبر التاريخ هناك العديد من الصور المتدفقة لدول أقيمت بالقوة والعنجية والبلطجية القهرية. وأيضاً هناك مبادئ وأفكار تدور في هذه الدائرة القهرية أشهرها النازية والفاشية. إن وجود إسرائيل والتهادن معها والتسليم بكونها دولة احتلالية عدوانية جعل حكامها يشعرون بأنهم معصومون, يملكون حصانة الهية تجيز لهم ممارسة القتل والاحتلال واستعباد الآخرين.
وهناك حالات أخرى حالت دون توفير الاستقرار مثل "النفط" هذه الثروة البشرية التي وقعت بين أيدي لم يحسنوا استغلال مواردها، بل حولوا النفط إلى طاقات غريزية- قشورية- تميزت بتشييد العمران والتفاخر والمناصب وتحريك الإنسان من الخارج وجعله يسعى إلى توفير الملذات والرخاء والراحة. أما خلق الأجيال المبدعة المكتشفة الناجحة وتسريع عجلة الكرامة والدفاع والنهوض العلمي فلم يكن على أجندتها، بل أمسكت العجلة وطوقت بها أعناق شعوبها خوفاً من التحرر, وأيقنت أن وجودها مرهون ببقاء القمع وتكديس السلاح وضرب المواطن على رأسه حتى لا يستفيق وينادي بالحرية. بل قامت بمساعدة أمريكا وغيرها من دول الغرب باستئصال أي حنجرة تهتف بالديمقراطية, واستخدمت أجهزة قمعها في توصيل الرسائل للشعوب الخانعة، وامتدت أصابعها في الضغط على الأعناق على الشعوب الأخرى، وقبلت أن تكون العائلات والسلالات الحاكمة من العربان آلات لنسج التآمر بشكل دائم دون توقف يتحولون من دولة عربية إلى دولة أخرى.
إن وجود النفط حوّل المنطقة إلى ارض خصبة للأطماع الخارجية تحت عناوين عديدة ومسميات وهمية خادعة. فمنذ اكتشافه لم تغادر القوات البريطانية, وبعدها الأمريكية المنطقة. إنها تتمتع بحرية العمل والتنقل والإقامة والتدخل في شؤون الأنظمة في جميع الدول الخليجية. إذ إن دور هذه الدول, وعلى رأسها السعودية, ليس فقط ضمان استمرار تدفق النفط، بل هو قوة احتياط تستخدمها أمريكا خاصة لمحاربة كل القوى والأطر التي تحاول أن تتصدى لسياستها في منطقة الشرق الأوسط. ودور هؤلاء- الخصيان- أصبح معروفاً وواضحاً: أولاً التعاون مع إسرائيل خاصة التنسيق الأمني واللقاءات والزيارات إضافة إلى التبادل التجاري. أما الدور الثاني الذي تشترك فيه إسرائيل فهو محاربة المقاومة اللبنانية والفلسطينية بكل الطرق, ومنع وصول الأموال والسلاح لها, وإفشال كل مشاريعها العسكرية حتى لا تحدث أية مواجهة بينها وبين إسرائيل. ومعروف أن لأمريكا شرطيين في منطقة الشرق الأوسط أحدهما إسرائيلي والثاني عربي. لكن حدث تغير ملموس في قوة وصورة الشرطي العربي الذي تستخدمه أمريكا الآن، فقد تم ضخ دم جديد في جسد هذا الشرطي, وتم حقنه أيضاً بلمسات دينية اخوانية حصلت عليها أمريكا من مستودعات الأخوة "الأخوان" في تونس ومصر, ومن أكثر من شرذمة من شراذم الحكم في ليبيا ومن تركيا والمغرب. ويجمع الخبراء اليوم بأن أمريكا وحدها التي خرجت منتصرة من تطورات الأمور السياسية, التي أعقبت ما يسمى بالربيع العربي. انه ربيع أمريكي بامتياز, لأن الأنظمة الجديدة التي افرزها هذا الربيع العجيب هي أنظمة أمريكية في زيها وسياساتها ودورها في خدمة واشنطن. وما أوراق الاعتماد التي قدمها الرئيس الأخواني في مصر محمد مرسي لوزيرة الخارجية الأمريكية, عندما التقاها في القاهرة, سوى الدليل على ذلك. أما الدليل الثاني، فهو الدور الذي تقوم به هذه الأنظمة في دعم الموقف الأمريكي, والانصياع لإرادتها بما يخص المؤامرة التي تواجهها سوريا منذ ستة عشر شهراً. هذا هو واقع ما سمي بـ "الربيع العربي", والذي يجب أن نضيف إليه الأمريكي. وما دمنا في أجواء نتائج الامتحانات نقول أن امتحان الشعوب العربية سقط, والآن الناجح الرافع ايدو مبتهجاً بالنجاح فهو أمريكا..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العرب بين مطرقة الربيع والخريف......
هوزان خورمالى ( 2012 / 7 / 28 - 15:25 )
عزيزي العرب قدوقعوا في الفخ الامريكي حينما نفذوا مخططات الربيع العربي من غرفة عمليات في تل ابيب .انالست بصدد الدفاع عن الانظمة القميعية في الدول العربية لكن تلك الثورات مسمومة بسم امريكي واسرايلي لماذا لم يذهر الربيع العربي في البحرين والسعودية وايران هل لان حكامها لايستحقون اسقاطهم ام لان تل ابيب وواشنطن لم تعطي الخونة وشرطتها الانذار لتنفيذ المؤامرةالثوارلديهم ما يقولونة عن مبررات الثورة لكن هل هي طاهرة ؟بمعنى اخر يريد الغرب وحلفائة التخلص من كل قائداو بلد عربي يرفض الركوع امام احذية جنود المارينز ويحي في قلبة وعروقة العروبية والقومية والتعصب القومي ويدافع عن اصالة العرب وتاريخهم نعم الغرب يريد مسح تلك الشخصية ليس في القادة فقط بل في افراد الشعب ايضا فهم يدعمونة الثورة مقابل ضمان مصالحهم وسرقة الثروات بسهولة ودون عائق وتقسيم البلدان لعربية الى دويلات داخل دولة لغرض سهولة السيطرة عليها واتباع سياسة فرق تسد والا كيف ذهب خيرت شاطر الى البيت الابيض ليتعهد بالتزام با اتفاقية كامب ديفيد والا كيف تم الغدر بشفيق تحت ذريعة فلول النضام وكيف طلبت امريكا من المجلس العسكري سحب الثقة منة

اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟