الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


!!آه ياخوفي من التعميق الديموقراطي

محمد حماد

2005 / 2 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كما كان خالد محيى الدين يتشاءم إذا تحدث الرئيس الراحل أنور السادات عن تعميق الديمقراطية، أصبحت أكثر تشاؤماً من حديث أهل الحكم عن الإصلاح السياسي!
كان السادات يتحدث عن التعميق الديمقراطى فإذا بمداهمات ليلية لمقرات حزب التجمع، واعتقالات بالجملة لقياداته وكوادره، وكلما عمق السادات الديمقراطية صوردت جريدة الأهالي الناطقة بلسان حال الحزب الذى كان ! يسبب صداعاً مستمراً فى رأس الرئيس المؤمن.
وكان خالد محيى الدين يسارع بالقدوم إلى المقر الرئيسى للحزب، وكنا لا نزال أعضاء فيه، ليحذر الموجودين بالمقر بضرورة اتخاذ اللازم تجاه التعميق الديمقراطى المزمع من قبل السادات.
وواصل الرئيس الراحل تعميقه للديمقراطية حتى تمكن فى إنجاز ديمقراطى كبير من التحفظ فى أماكن أمينة على كل معارضيه السياسيين من كل الاتجاهات، من اليمين كما من اليسار لا خيار ولا فاقوس بين أحد منهم!
ولكن الرئيس السادات رحل ولم تكن نظريات التعميق الديمقراطي قد توصلت بعد إلى مثل ما توصلت إليه على يد خلفه، وبسبب انشغال الرئيس مبارك بتعميق العلاقات الأخوية مع جيراننا على الحدود الشرقية، وربما بسبب إيمان الرئيس بالديمقراطية بدون تعميق فقد ترك مهمة التعميق الديمقراطى أمانة فى عنق قادة الحزب الوطني.
وفى ظل أحدث موجات التعميق الديمقراطى أصبح المعارضون بالخيار بين الضرب فى مكان بعيد، أو الحبس فى مكان أمين.
وكما أن للمعارضين فى ظل التعميق الديمقراطى حق المعارضة، فإن نظرية الحقوق مقابل الواجبات تجعل من واجب الحكومة تأديب المعارضين منعاً للافراط فى المعارضة، وحتى لا يستغل البعض الحق فى المعارضة استغلالاً تعسفياً!
وكان آخر ما تفتقت عنه عبقرية التعميق الديمقراطى أن يسجن وينكل برئيس حزب شرعى مع التأكيد فى الوقت نفسه على عدم المساس بالحزب، لأن القانون يسبغ الحماية على الأحزاب، وليس على رؤساء الأحزاب، وهذه هى أصول العمق الديمقراطى فى بلدنا!
وكان من باب تسجيل الأرقام القياسية فى التعميق الديمقراطى أن طلب رفع الحصانة البرلمانية عن رئيس الحزب المغدور لم يستغرق كما عودتنا البيروقراطية البرلمانية فى حالات سابقة - أكثر من 24 ساعة، الأمر الذى يظهر جدية الاتجاه الجديد فى التعميق الديمقراطي!
ولمزيد من تعميق الديمقراطية واصلت السلطات إجراءاتها الديمقراطية فمنعت صحيفة الحزب من الصدور بناء على طلب جاهز من أشخاص جاهزين دائما للقيام بالأدوار المرسومة سلفاً! وهذه هى القيمة الحقيقية للتخطيط بعيد المدى من أجل تعميق الديمقراطية فى الأحزاب المصرية!
ومن باب حسن نية القائمين على سياسة التعميق الديمقراطي، مازال الاعلان عن بقاء الحزب سارياً حتي، رغم حبس رئيسه، ووقف جريدته، لأن العمق الديمقراطى لا يهتم بالأشخاص ولا يلتفت إلى الجرائد، إنما ينصب اهتمامه على الأحزاب خاصة إذا كانت بدون رؤساء ومن غير جرائد!
وكان من قبيل مقابلة الحسنة بمثلها أن ترفض المعارضة التدخل الأجنبى فى شئوننا الداخلية، مقابل استمرار سياسة التعميق الديمقراطي؟ وهكذا أغلق باب الحديث عن التعديل الدستورى لأنه يفتح المجال للتدخلات الأجنبية فى شئوننا الداخلية، وهو الأمر الذى لا يرفضه الحزب الوطني، ولكن إصرار المعارضة ورفضها بالإجماع جعل الحزب الحاكم ينزل على رغبتهم، ورغبة فى زيادة العمق الديمقراطى وافقت قيادة الحزب على عدم التدخل فى شئوننا الداخلية التى تتعرض لمسألة بقاء الرئيس مدى الحياة، أو تلك التى تلمز التحضيرات الجارية لوراثة الحكم!
ولاشك أن الحوار الوطني دخل كأحد أهم أساليب التعميق الديمقراطى فى المجتمع، وهو أسلوب قابل للاستخدام أكثر من مرة بدون أن يتلف أو يقل تأثيره، كما أنه الأسلوب الذى تثبت الحوادث أن المعارضة تفضله وتسعى إليه، وتتنافس من أجل المشاركة فيه.
وكان من آخر إنجازات التعميق الديمقراطى أن يكون من حق المعارضة الحديث عن الوجود الديكورى للأحزاب، فى الوقت الذى تقف فى خلفية مشهد الحوار الوطنى مجرد ديكور على طريق التعميق الديمقراطي.
وتواصلت مسيرة التعميق الديمقراطى لتصل إلى أن المبايعة هى الوسيلة الأكثر ديمقراطية من أسلوبى الانتخابات أو الاستفتاءات.
كما ثبت باليقين أن المبايعة هى الوسيلة الديمقراطية الأنسب لبيئتنا الثقافية والحضارية، وهى فى الوقت نفسه تلغى الحاجة الماسة إلى تعديل الدستور على الأقل فى الوقت الحاضر.
والمبايعة ليست مجرد وسيلة عند أصحاب نظرية التعميق الديمقراطي، ولكنها مفهوم شامل ينظر إلى الفترة الرئاسية ليس باعتبارها مدة دستورية يجب أن يكون لها أول ولها آخر، ولكن باعتبارها ولاية جديدة لمولانا الرئيس!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟