الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع امرأة لأنها امرأة

تماي كريمة

2012 / 7 / 28
الادب والفن


"يحمد اليهودي ربه في كل صلات لأنه خلقه رجلا و ليس امرأة "

غادرت دون أن تطرح أي سؤال من كثرة ما تراكم في ذهنها من أسئلة أصبحت عاجزة حتى عن التفكير خرجت بدون وجهة ، ولما بلغت باب المستشفى ،وجدته مليئا بالناس ،أخرجت من جيبها سيجارة و دخنتها بشغف ،و لاحظت الأنظار التي تتوجه اليها بشدة ،فأمسكت رأسها و شدت على منابت شعرها حتى كادت تنتفه من الجذور ،ورمت السيجارة و داست عليها بقدمها بعنف،هناك عشرات الرجال يدخنون بجانبها لكن لا أحد يكاد يلاحظ أنهم مدخنون ،لكن النظرات المحتقرة و المؤنبة تتجه اليها ،فقط لأنها امرأة، أغمضت عينيها فجأة و راحت تفتش في داخلها عن سبب آخر أقل عنصرية،فتذكرت أيام الدراسة و بالضبط حصة العلوم حيث أخبرهم المدرس أن المرأة يجب أن لا تدخن لأن هذا قد يؤثر على صحتها الانجابية ،و قد يؤدي الى تشوه الجنين ،فصرخت دون أن تشعر :أنا سأتبرع بالرحم ،لا أريد أي جنين ...ولاحظت استغراب من حولها بين ساخر و متعجب ،فسارعت الخطى،راحت تجري هاربة خوفا من أن يمسكوا بها و يزجوا بها في ذلك السجن الرهيب ،بدعوى أنها جنت ،ولم تستدر الا بعد أن أصبحت لافتة "سيدي حساين" مستعصية القراءة من ذلك البعد ،وضعت يديها على ركبتيها وطفقت تلتقط أنفاسها ،تشعر بنوع من الجنون و هي تعود أدراجها ، ترمي بضع قروش للرجل ذو الابتسامة الغبية ، فتركب سيارتها و انطلقت الى ان بدى لها فندق دخلت اليه دون تفكير وحجزت فيه غرفة ،دخلت اليها دون أن تعرف لون جدرانها و لا لون الفراش و لا أي شيء ،أشعلت النور لثانية حتى رأت مكان السرير ثم أطفأته و قفزت في السرير ،و أثناء هذه القفزة استوقفت الزمن و لم تفكر في شيء سوى أن تغض في نوم عميق علها تستيقظ من هذا الكابوس، لكنها لما وصلت السرير تفاجأت بجسدها يصطدم بجسد آخر ،فسمعت صرخة هزت طبال أذنها ،أشعل النور و فزعت من الجسد العاري أمامها و أطلقت بدورها صرخة مدوية ،انسحبت من السرير و اعتذرت عن الإزعاج ،و عادت إلى المسئولين تستفسرهم عن ما يجري ،انه خطأ ،ببساطة مجرد خطأ ...إنها ورزازات و فنادقها التي يدفع الأمر لقاء المبيت فيها ثمن الليلة و الضريبة على هذا الثمن ثم الضريبة على هذه الضريبة ،أمسكت مفتاح الغرفة الأخرى ،وفتحت الباب بحذر ،أشعلت النور و تفقدت الغرفة جيدا،أطفأت النور دون أن تخلع عنها حتى حذاءها المتسخ ،وعاهدت نفسها أن تنام دون أن تفكر،لكنها عجزت عن ذلك و كلما أغمضت عينيها عاد إليها سيناريو هذا اليوم ،وصورة الفتاة لا تكاد تفارقها،و شعور بذنب غريب ظل يلاحقها بإلحاح شديد ،ضغطت على أذنيها بعنف،لكن الأصوات تأتي من الداخل ،في مكان مظلم لا تستطيع أن تصل إليه ،ضغطت على زر المصباح الى جانبها و أشعلته،ثم قربته الى عينيها و شرعت تحملق فيه،لابد أن تبعد عنها الأفكار بشكل ما،لكن لا فائدة ، أعادت المصباح الى مكانه ،واستدارت ،ثم ضغطت وجهها على المخدة و بدأت تدندن ،لكن الأفكار أقسمت أن تستمر في ملاحقتها ،شعرت برغبة قوية في الرقص ،الرقص فقط فهزت جسدها بخفة عن من على السرير و سارت الى باب الغرفة وغادرت الفندق باتجاه حانة مجاورة ،وقفت قبالتها تتأمل ،بقيت جامدة تنظر ،فلاحظت رجلا أمام باب الحانة يشير اليها بالاقتراب ،اقتربت وسألته :ماذا تريد لماذا ناديت علي؟ استغربت من طرحها للسؤال ،فان كانت منزعجة من مناداة الرجل لها لماذا اقتربت منه ؟
نظر إليها بتفحص وقح :لا أنت لا تصلحين للدخول الى هنا ،ففي هذا المكان لا يوجد سوى الجزارون و الخضارون ،أما في الأعلى ،فيوجد الناس "الكلاس" مثلي. وعدل هندامه في ثقة .
ـ وكيف الأجواء في الأعلى ؟
ـ يوجد الديجي ،و لكي ان تختاري ما تريدين شربه،أنت لا تشربين أليس كذلك،
أجابت بالنفي مجبرة ،بنفيها شعرت بخيانة و نفاق ،وان كان ردها بالايجاب سيجعلها تشعر بأنها تكذب ، كيف يمكن للمرء أن يجيب على مثل هذه الأسئلة ،أمام كل هذا التحفظ ...
- اذن نعطيك الليمونادا على حسابنا ، غنتهلاو فيك ،المهم متى أتيت اسألي على "حميد" .
ـ حسنا
مد يده الى طرف وشاحها:حينها ارتدي شيئا جميلا و أزيلي عنك هذا الوشاح...
ـ كيف ؟شيء جميل ؟
جرت جسدها بعيدا عنه في غيض ،استغربت من هذا التعامل الذي جعلها تشعر و كأنها بنت هوى لمجرد أنها رغبت في الدخول الى الحانة،لماذا ستسأل عن حميد ؟و لماذا ستشرب على حسابهم ؟ ألا يمكنها أن تدخل و تقفز حتى الانهاك ثم تخرج ببساطة ؟يمكن لأي رجل أن يدخل الى الحانة دون الشعور بأي دونية ،لكن هي لا ،لمجرد أنها امرأة.احتارت في رد فعلها كيف يجب أن يكون ؟أتغضب لأنه مد يده الى طرف وشاحها ؟لو فعلت ذات الشيء لرجل ما لما اعتبرها اهانة و لا استنقاصا منه ،ان كان رافضا رخص من قيمتها هي ، و ان قبل فكل شيء بخير ... أحقا نحن بحاجة لكل ذاك الاعتزاز بذواتنا الى حد المبالغة ، الى حد الخوف من نظرات الغير ،ناهيك عن لمساتهم الطائشة ... أليست تلك المبالغة هي التي فتحت أبواب الخوف على المرأة و أعطت فتيل التمرد للرجل ، ترقع جسدها و تغطيه بينما هو يبحث عن أي شق ينظر منه اليها لا يدري أعن شهوة أم هكذا جرت العادة ؟ أهو اعتزاز و شرف الاختباء و الخوف الشديد و التغطي ؟
أتذكر أمي
كلما انزاح الرداء عن فخدي أو ركبتي
تغطيني بسرعة و تقول يا ابنتي
عورة انت، فقيمي نفسك بأن تختبئي
شرف لكي أن تستري
أقول لها أما من قيمة لركبة أخي ؟
أم شرفه في عقله ،ليس مثل شرفي
الذي هو في موضع بكارتي ؟
تحتار ،
اني أقول لكي هكذا فتقبلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الفنان السعودي سعد خضر لـ صباح العربية: الصور المنتشرة في ال




.. الفنان السعودي سعد خضر يكشف لـ صباح العربية سبب اختفائه عن ا


.. الفنان السعودي سعد خضر يرد على شائعة وفاته: مزعجة ونسأل الله




.. مهرجان كان السينمائي : فيلم -البحر البعيد- للمخرج المغربي سع