الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما رأيك..؟

علاء غزالة

2005 / 2 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد (نجاح) الانتخابات العراقية التي تمثل اول عملية ديمقراطية (حقيقية)، رغم انها تعرضت لبعض الانتقادات، لا يسع المرء الا ان يستذكر حال الشعب العراقي قبل اقل من عامين. فقد تواردت الى خاطري طرفة كانت تروى ايام نظام الطغيان في العراق، عندما كانت الافواه مكممة والعقول محجمة والاراء مصادرة. فقد جمعت مقابلة اذاعية ثلاثة صحفيين، امريكي ومصري وعراقي. وكان ان قدّم المذيع سؤاله قائلا: "ما رأيكم بازمة (اللحمة)"؟ فقال الصحفي الامريكي: "انا اعتذر عن الاجابة لانني لا اعرف معنى (الازمة)"، وقال المصري: "انا اعتذر عن الاجابة لانني لا اعرف (اللحمة)"، وقال العراقي: "انا اعتذر عن الاجابة لا انني لا اعرف (ما رأيك)". تلك كانت صورة العراق، على كل حال، في زمن العتمة الصدامية.

ولكن محتوى هذه الطرفة تغير اليوم بشكل كبير. فبعد الهجوم (القاعدي) على قلب الولايات المتحدة الامريكية اضحت كلمة (ازمة) مألوفة لاسماع مواطنيها، وبعد الانفتاح الاقتصادي والابتعاد عن شعارات الحرب المصيرية وتوجيه الموارد نحوها، عرف الشعب المصري (اللحمة) وصارت شيئا عاديا كما هو الحال في جميع انحاء العالم. وبعد انتحار نظام صدام في حربه الاخيرة، تفجرت حرية الشعب العراقي، بما يجعل لكل مواطن عراقي رأيا يعبر عنه بكل حرية، بغض النظر عن اي اعتبار اخر.
ولكن (الحرية) التي حصل عليها العراقيون، رغم انها ذات اكبر مساحة بين دول وشعوب المنطقة، الا انها لا زالت تصدم بموانع تحددها الى حد ما. فحرية التعبير عن الرأي التي يكفلها الدستور (المؤقت) تمارس بشكل واسع، في الصحف والمذياع والتلفاز، وفي المقاهي والنوادي والبيوت. ولكن هناك مرادف لحرية التعبير عن الرأي وهو حق الاخر في الاختلاف. ان التعبير عن الرأي وحق الاختلاف لا يعتمد بشكل اساسي على عدد وتوزيع الاراء، اذ لا يعني وجود عشرة اشخاص متفقين على رأي، ان الشخص الذي يختلف معهم بالضرورة على خطأ. وكثير من الناس، وبالاخص المثقفين منهم، يقعون في هذا الخلط. فالدعوات الكبرى في التاريخ بدأت باشخاص يختلف معهم اكثر من حولهم، دون ان يمنعهم ذلك عن الاستمرار في الدعوة وكسب التأييد لها.
من ناحية اخرى، فان محاولة السيطرة على عقول الناس، باستخدام طرق الضغط التقليدية، مثل الادعاء بحيازة العلم، او الاستناد الى المقدس، هي امر يقاطع تماما حرية التعبير عن الرأي، اذ انها تتضمن الغاء وتهميش الاخر طالما كانت النتيجة محسومة لصالح المدعي سلفا. والرأي العام ليس ميدانا للاختصاص، كما هو الحال في ميادين العلم والفن والادب المختلفة. بل هو مجموعة اراء فردية يعمل المجتمع على تنقيحها وصقلها واخراجها بشكل يخدم اكبر شريحة ممكنة، ويعبر عن وجهة نظرهم. وليس شرطا ان تكون هذه الشريحة ممثلة لطائفة او عشيرة او عرق، بل ان الشريحة قد تكون جميع الشعب، او اجزاء منه تجمعها المصلحة المشتركة.
والرأي العام، بعد ذلك، مقياس نجاح اداء الحكومة واستقرار ومتانة النظام السياسي.. لذلك فمن الخطر التحكم به بالتوجيه والاشراف، اواعتماد وسائل التمويه واخفاء الحقائق او استعمال ضغوطات نفسية او عقائدية او فكرية، للوصول الى رأي عام مساند. ورغم ان السياسيين طالما عمدوا الى مثل هذه الوسائل للوصول الى مآربهم، على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، الا ان القادة الذين يذكرهم التاريخ بكل اجلال واحترام لا يلجأون الى مثل الاساليب. فالخداع ليس الا خداعا،وان تعددت وسائله وتزينت طرقه، وسينكشف في وقت لاحق، وسيكون الثمن عندذاك فقدان الثقة، بهؤلاء السياسيين اولا، ثم بالنظام السياسي اخيرا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال