الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النخبة العراقية .. وعقلية العسكرة !!

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2012 / 7 / 29
السياسة والعلاقات الدولية


ان الغريب في بلاد الرافدين حب القادة للتسلح والعسكرة، ولو عدنا الى اعماق التاريخ العراقي في فترة الامبراطوريات الاكدية والسومرية مرورا بالخلافات الاسلامية سنجد ان حب العسكرة والطموح العسكري تعد الصفة التي تشترك بها اغلب من حكم العراق والسبب يعود في اكثر الاحيان الى طبيعة العراق واهمية هذا البلد فضلا عن الخوف وعدم قراءة الاخر. فالعراق الحديث في فترة الجمهوريات قامت على اساس الدولة البوليسية القائمة على اساس العسكرة والاجهزة الاستخباراتية، بل وتعود السبب الرئيسي وراء عدم الاستقرار السياسي في بلاد الرافدين الى العسكرة والتسلح وعدم التوازن بين ما هو مدني وما هو عسكري.
السؤال الذي يطرح نفسة, لماذا اتجه القادة العراقيين الجدد نحو التسلح رغم التجربة البعثية والانتهاكات الجسيمة التي حصلت في العراق ضد الانسان العراقي، الاسلحة التي استخدمت ضد المواطنين اكثر من استخدامها ضد العدو الخارجي، بل والاكثر من ذلك لماذا تفشل النخبة العراقية في إحداث التوازن السياسي في هذا البلد؟
ان معرفة هذه التساؤلات يتطلب الالمام بالعملية السياسية في العراق بعد الاحتلال 2003وكذلك معرفة الثغرات الدستورية والقانونية في العراق ما بعد الاحتلال . ان العملية السياسية في العراق قد سارت بالصورة التي لا تخدم المواطن العراقي، بل وبدات الولاءات الضيقة والتجمعات على اساس الطائفية والاثنية الامر التي تشكل الخطر المميت على المصالح العامة للشعب العراقي، ان الورقة المذهبية والقومية تعد بمثابة القنابل في حالة الاساءة في استخدام هذه الاوراق.
ان الدستور العراقي رغم الاستفتاء الشعبي عليه لم تخدم عملية الانتقال الديمقراطي في هذا البلاد، بل وان في اكثر الاحيان تمت تفسير الدستور وفق المصالح الحزبية الضيقة، واصبح لكل حزب مشرعين في تفسير وتحليل المواد الدستورية وهذا ما خلق الفوضى واللااستقرار السياسي في العراق، ان النظام السياسي قد تشكلت على الاجندة المذهبية الضيقة وبمباركة الاجندة الاقليمية والدولية، لذلك ترى ان القرار السياسي تصدر الى العراق، بل والاكثر من ذلك تطبخ الطبخة العراقية بايدي اجنية ويبدو ان ولاءات القادة اقرب الى العصبيات منها الى العراق كوطن، لذلك يمكننا القول بان ادمان الفشل كانت ولا زالت الصفة التي يتصف بها قادة العراق.
ان الدولة التي تتجه نحو العسكرة والتسلح في الشرق الاوسط غالبا ما تتم على حساب التنمية السياسية والاقتصادية، ففي الفترات السابقة كانت الجزء الاكبر من ميزانية العراق تذهب للعسكرة والتسلح التي لم تجلب للبلاد غير المعاناة والخسائر على كافة المستويات الانسانية والاقتصادية. ولكن الغريب في الامر ان العراق الجديد التي من المفترض ان تاخذ العبرة من التجارب العراقية السابقة، او تاخذ العبرة من التجارب الدولية الاخرى التي عانت من الاحتلال وتحولت بعدها الى اقطاب اقتصادية مثل النموذج الياباني والالماني، يابان تحول بعد الحرب العالمية الثانية من دولة عدوانية الى دولة قائمة على اساس الديمقراطية وحقوق الانسان وغيرت الفلسفة السياسية للنظام السياسي من نظام توسعي الى نظام تعتمد على التنمية الاقتصادية في الداخل وتساهم في خدمة المواطن الياباني، وفي الوقت الراهن رغم رفع الحضر على التسلح الياباني الا ان اليابانيين لا يريدون تكرار التجربة الفاشلة للتسلح على حساب المجالات الاخرى الحيوية.
وفي المانيا حدث الشيء نفسه فقد ادرك الشعب الالماني ان العقل الالماني يمكن ان يستخدم في البناء لا في الدمار، وادت الفلسفة الجديدة للنظام السياسي في المانيا الى تنمية المانيا لتكون الاقتصاد الاول في اوربا وضمن الاقتصاديات الاولى في العالم.
اما في العراق التي تحولت الى دولة فاشلة جراء السياسات المزاجية للقادة العراقيين لم تتحول بعد الى الدولة التي حلم بها الشعب العراقي رغم المقومات الاقتصادية القوية التي تمتلكها العراق، ومن اجل معرفة سياسة حكومة العراق في الفترة الراهنة يتبين من خلال الموازنة العامة للعراق التي تعد الاضخم منذ تاسيس الدولة العراقية 1925، تشكل الدفاع والامن حوالي 17,16تريليون دينار عراقي اي حوالي 14,6% من الميزانية الاجمالية، فيا ترى ماذا يمكن ان نسمي الدولة العراقية الجديدة غير الدولة القائمة على اساس العسكر من جديد.
ان الاهتمام المتزايد بالتسلح والعسكرة سوف تفرز نتائج عكسية على عملية التحول الديمقراطي، ففي الدول ذات النسيج المتعدد غالبا ما تهتم النظام السياسي بالتنمية الاقتصادية والسياسية وكلما كانت النظام ديمقراطيا كلما ادت الى زيادة التماسك بين الاثنيات والقوميات المتعددة، لانه لاتوجد رادع للتفرقة والحرب الاهلية غير الديمقراطية والمواطنة في الدول المتعددة اثنيا ودينيا ومذهبيا، ان السياسات التي يتبناها القادة في العراق لا تبشر بالخير ولا تخدم التغيير السياسي في البلد، ان الدولة التي تعاني من ازمات جوهرية في البنية التحتية وتعاني من قلة الخدمات الاساسية للافراد على الاجدى ان تهتم بمعالجة الازمات البنيوية والابتعاد عن المسائل التي ترهق كاهل الدولة كالانفاق على الاسلحة وخدمة الاجندة الاقليمية التي ليس للعراقيين فيها ناقة ولا جمل.
ان سياسات الحكومة العراقية الحالية قائمة على اساس تقديم الخدمات المجانية للدول الاقليمية وليست لها رؤية واضحة في التعاطي مع المسائل والمعطيات السياسية العاجلة في المنطقة.
واخيرا اقول ان السياسة العامة والخارجية للعراق لا تحمل اية بوادر ايجابية وان القادم على المشهد العراقي يبدو اسوء مما مرت بها العراق في الفترة السابقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما مبرّرات تكوين ائتلاف لمناهضة التعذيب؟


.. ليبيا: ما سبب إجلاء 119 طالب لجوء إلى إيطاليا؟ • فرانس 24




.. بريطانيا: ما حقيقة احتمال ترحيل مهاجرين جزائريين إلى رواندا؟


.. تونس: ما سبب توقيف شريفة الرياحي رئيسة جمعية -تونس أرض اللجو




.. هل استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لفض اعتصامات الطلاب الداعمة