الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة مصر الخارجية ۲

اسلام احمد

2012 / 7 / 29
السياسة والعلاقات الدولية


تحدثنا في المقال الماضي عن كيف تراجع دور مصر الخارجي في عهد مبارك نتيجة سياسته الخارجية التابعة للولايات المتحدة وإسرائيل وكيف أن الوضع بدأ في التغير نسبيا بقيام الثورة وتولى الدكتور نبيل العربي وزارة الخارجية قبل أن ينتقل الى رئاسة الجامعة العربية

ومع وصول الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة الى رئاسة مصر ثارت التساؤلات عن شكل السياسة الخارجية في عهده خاصة ما يتعلق منها بعلاقة مصر بالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وقد أنقسم المحللون في هذا الصدد الى قسمين متضادين , الأول يرى أن علاقة مصر بالولايات المتحدة ستدخل أسوأ مراحلها في ظل حكم الإخوان خاصة أن الولايات المتحدة واسرائيل لم يرغبا في مجئ رئيس إسلامي الى الحكم ويتوقع البعض أن القيادة السياسية الجديدة ستقوم بإلغاء أو تعديل معاهدة السلام مع إسرائيل الأمر الذي ينذر بحدوث اضطرابات بين البلدين

أما الرأي الثاني فيري العكس أن الولايات المتحدة قد غيرت من استراتيجيتها تجاه العالم العربي في أعقاب مرحلة ثورات الربيع العربي وأنها الآن بصدد تحالف استراتيجي مع الإسلاميين في المنطقة ويرى هؤلاء أن الرئيس محمد مرسي لم يصل الى الحكم الا بعد أن حصل على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وأن الأخيرة تدخلت ضد المجلس العسكري لضمان فوزه بالرئاسة وذهب البعض بعيدا ليصف مرسي بأنه عميل للأمريكان! بينما يصفون المجلس العسكري بأنه حامي حمى السيادة المصرية ويدللون على ذلك بموقفه من منظمات المجتمع المدني الأمريكية فضلا عن التصريحات التي أطلقتها الخارجية الأمريكية ضده

والحقيقة أن كلا الموقفين لا يخلو من شطط فلا الاخوان سيورطون مصر في حرب مع إسرائيل ولا مرسي عميل للأمريكان وإنما الواقع أن الولايات المتحدة فوجئت بثورات في المنطقة لم تكن في حسبانها أسفرت عن سقوط بعض الأنظمة العميلة لها وصعود تيار الإسلام السياسي بشكل ديمقراطي من خلال الإرادة الشعبية في كل من مصر وتونس وليبيا وبالتالي تعين على الإدارة الأمريكية أن تتعامل وهي مضطرة مع الواقع الجديد ومن هنا جرت اتصالات بين الإدارة الأمريكية والإخوان في كل من مصر وتونس , على الجانب الآخر فقد أدرك الإخوان أنهم بحاجة الى دعم خارجي كي يصلوا الى سدة الحكم بشكل سلس ومن ثم فقد قدموا تطمينات وربما تعهدات الى الإدارة الأمريكية لاسيما بشأن عدم المساس باتفاقية السلام مع إسرائيل فضلا عن ضمان المصالح الأمريكية في المنطقة خاصة ما يتعلق بالجانب الاقتصادي

بعبارة أخرى فان العلاقة بين الاخوان والولايات المتحدة ليست استراتيجية كما يصورها البعض وإنما تحكمها المصالح المشتركة في الأساس وقد فرضت نفسها بحكم الأمر الواقع , أما وصف المجلس العسكري بأنه حامي حمي السيادة المصرية فهو قول يحتاج الى تدقيق إذ أزعم أن علاقة المجلس العسكري بالولايات المتحدة استراتيجية على عكس ما قد يظهره الواقع بل لا أبالغ ان قلت أن المجلس العسكري هو الضامن للمصالح الأمريكية في المنطقة بمعنى أنه في حالة المساس بها أو باتفاقية السلام مع اسرائيل فربما نشهد انقلابا عسكريا بدعم أمريكي والدليل على كلامي ما قاله الدكتور خالد أبو الفضل العضو بلجنة الحريات الدينية التابعة للكونجرس الأمريكى حيث قال :"أن واشنطن تؤيد المجلس العسكرى سراً وتغضب منه فى العلن وشدد على عدم صحة ما سماه الادعاءات التى تتحدث عن وجود ضغوط أمريكية على المجلس العسكرى المصرى، بسبب مواقفه الأخيرة سواء المتعلقة بحل مجلس الشعب، عقب قرار المحكمة الدستورية ببطلانه، أو إصداره بياناً دستورياً مكملاً، أو عدم اعترافه بفوز مرشح الإخوان فى انتخابات الرئاسة كما قال إن السياسة الأمريكية نحو مصر كانت منقسمة على ذاتها فى الأشهر الماضية، بين وجهتى نظر وزارة الخارجية الأمريكية، التى كانت ترى دعم الديمقراطية فى مصر، وعدم دعم مرشح رئاسى بعينه، وانتظار ما ستسفر عنه انتخابات الرئاسة، حتى لو جاءت بمرشح الإخوان الذين قدموا للولايات المتحدة ضمانات بعدم المساس بالخطوط الحمراء للمصالح الأمريكية فى مصر والمنطقة، وبين وجهة نظر وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون المدعومة بموقف اللوبى الإسرائيلى فى الولايات المتحدة، والتى ترى أن مصلحة واشنطن لن تتحقق إلا بدعم الفريق أحمد شفيق، بشكل يعبر عن استمرار استقرار مصالح أمريكا فى مصر والمنطقة , و أن البيت الأبيض كان يميل لوجهة نظر وزارة الخارجية الأمريكية، لكنه اضطر للاستجابة للضغوط الصهيونية على القرار الأمريكى، فى ظل اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، فكان قرار البيت الأبيض بتبنى وجهة نظر وزارة الدفاع"

وليس ببعيد قضية التمويل الأجنبي التي أتضح من خلالها أن الموضوع كان مجرد تمثيلية حاول فيها المجلس العسكري وحكومته أن يلعبا دور البطولة ثم أنتهى الأمر بفضيحة مدوية أهينت فيها الكرامة المصرية

على المستوى العربي فقد أستهل الرئيس محمد مرسي أول زيارة له الى المملكة العربية السعودية , في خطأ أعتبره استراتيجي فادح , ذلك أنه من المعروف أن المملكة لم تكن مرحبة بالثورة المصرية وأعلنت صراحة مساندتها للرئيس المخلوع ونظامه وتخلت عن مصر في مرحلة ضعفها الراهن ناهيك عن انتهاك حرمة المصريين المقيمين في السعودية وبالتالي فقد بدا واضحا من زيارة الرئيس المصري الى المملكة أنها تهدف الى استجداء المعونة الأمر الذي أهدر الكرامة المصرية بشكل كبير , كما دلت الزيارة على أن مثلث الاعتدال في المنطقة سيظل كما كان في السابق متمثلا في مصر, السعودية ,الأردن

في سياق ما سبق فلا أتوقع أن تتغير سياسة مصر الخارجية كثيرا في ظل حكم الإخوان , قد تكون أكثر حرية في حركتها من السابق وربما يحدث تقدم في بعض الملفات المهمة مثل المصالحة الفلسطينية ودول حوض النيل والعلاقة المصرية الأفريقية ولكنها ستظل في نهاية الأمر حبيسة الإرادة الأمريكية كما سيظل للمجلس العسكري دور في توجيه حركتها

أما عن رؤيتي لما يجب أن تكون عليه سياسة مصر الخارجية فهذا ما سأتحدث فيه في المقال المقبل بإذن الله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض