الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا والخيار المفقود

محيي المسعودي

2012 / 7 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



خياران فقط , امام الشعب السوري , هكذا خطط اعداء سوريا لهذا الشعب , وهكذا الحال اصبحت على ارض الواقع , بفضل ماكنة الاعلام الغربي والعربي التابعين لاعداء سوريا , وغيّب وغاب الخيار الثالث الذي ينقذ سوريا وشعبها من مذابح يومية ومن مستقبل مجهول ومخيف . ولكي نستظهر الخيارات الثلاثة علينا البدء باستعراض الخيارين الذين يحكمان الواقع السوري في هذه اللحظات الحرجة .
الخيار الاول : اسقاط النظام السوري بقوة السلاح
اصحاب هذا الخيار فريقان الاول سوري في داخل البلاد وفي خارجها . والفريق الثاني تمثله وتقوده وتنفذ اهدافه امريكا ويشاركها الغربيون وحكومات عربية تابعة لامريكا ومؤتمرة بامرها وخاصة السعودية وقطر . الفريق السوري هو خليط من قوى وطنية ذات قدرات محدودة واخرى اسلامية متطرفة يتزعماها تنظيم القاعدة - وتصفها جهات غربية بانها الاقوى والاكثر والاقدر على تحقيق اهدافها – وتتلقى الدعم المالي والوجستي والعسكري من دول الخليج والولايات المتحدة وتركيا , ولكن الفريق القوى الاخطر والاهم والذي يتحكم بسير الصراع والساحة السورية اليوم هي المخابرات الامريكية والغربية ومترزقتها , وهذا القوى قادرة على حصد ثمار الصراع حين انتهائه لصالحها , وفق خططها وبرامجها وسيناريوهاتها التي بدأت بها الصراع , وهذا الخيار يقوم على اسقاط سوريا كدولة بكل ما يعني اسقاط الدولة وليس اسقاط نظام الاسد كما تريد المعارضة الوطنية وكما يتردد في وسائل الاعلام . أي ان سوريا ستصبح اما مثل العراق مكبلة بنظام حكم ودستور لا يسمحا لها ابدا بقيام حكومة وطنية قوية تخدم مصالح السوريين في الداخل والخارج وتحرص على مصالح الشعوب العربية الشقيقة وخاصة الفلسطنيين . ويبقى الهدف الحقيقي من اسقاط سوريا وفق هذا الخيار هو حماية اسرائيل وقتل المقاومة ووأدها الى الابد . لان الذي خطط لهذا الخيار هو جهاز المخابرات الاسرائيلي والمتعهد بتنفيذه هي الحكومة الامريكية . وخلاصة القول ان هذا الخيار هو الاقوى لان الفريق القائم على تنفيذه هو الاقوى والاكثر قدرة من حيث المال والسلاح والاعلام ورفده بالطاقات البشرية وتغطيته دوليا . ففي الداخل استطاعت المخابرات الامريكية ومن خلال وسائل الاعلام المختلفة من صناعة رأي عام محلي وعالمي تصور فيه الصراع على انه صراع بين شعب مظلوم ونظام حكم دكتاتوري , ولان الحال فعلا هي هكذا – من خلال الشكل - لم يجد المواطن البسيط والفقير بديلا عن الانحياز الى خيار اسقاط النظام دون ان يلتفت او ينتبه الى البديل القادم هو اسقاط الدولة السورية وليس النظام واقامة نظام نظام بديل عنه يماثل النظام في العراق وليبيا ودون ان يفكر المواطن السوري البسيط في خيار آخر . ولو فكر بالبديل ونظر الى تجربة العراق وليبيا وحتى مصر , فان هذا المواطن المغلوب على امره لاختار النظام الدكتاوري , كما يتمنى الشعب العراقي والليبي عودة النظام الدكتاتوري هذه الايام , لاحبا بهما ولكن جزعا وفرارا من النظام الذي صنعته امريكا وان كان ديمقراطيا او حتى وطنيا .
الخيار الثاني : بقاء نظام الحكم السوري كما هو عليه .
ويتبنى هذا الخيار- في الداخل - جمهور واسع من الشعب السوري " الاغلبية الصامتة" وهم من موظفي الدولة والمنتميين لحزب البعث والمنتفعين من الحكومة والاقليات وعامة الناس ممن لا يحبون الحرب ويؤثرون السلام ولو على فقدان بعض حقوقهم . واصحاب هذا الخيار في الخارج هم اقل مما هم في الداخل ويتمثلون بالقوميين العرب وبعض الشيعة والمسيحيين ومؤيدي الاقليات الاخرى الذين اصابهم الهلع والخوف نتيجة الاعلام الطائفي السعودي ونتيجة مشاهداتهم لتزايد نفوذ القاعدة والاسلاميين المتطرفين الذين يهددون السلم في هذا البلد . اضافة الى ايران كدولة اقليمية تعد النظام السوري حليفا ستراتيجيا لها في صراعها الرئيسي مع اسرائيل , الى ذلك تضاف روسيا الاتحادية الى اصحاب هذا الخيار بحكم المصالح التي تربطها مع سوريا وبحكم ان سوريا تمثل عاصمة المسيحيين الشرقيين الذين ينتمون للكنيسة الشرقية التي ينتمي لها اغلب المسيحيين الروس وقد قال عن هذه العلاقة وزير خارجية امريكا الاسبق كيسنجر : (لن يتخلى الروس عن سوريا ولو رش اصدقاؤنا الخليجين كل نفطهم على روسيا ) ويقول اصحاب هذا الخيار ان الديمقراطية في سوريا يجب ان يتبناها ويشرف عليها النظام ويجب ان لا يُسمح للمتطرفين الاسلاميين ولا لدول عربية او غربية ان تدير عملية التغيير . وهم في هذا القول لا يقدمون ضمانات حقيقية للتغير والتوجه نحو الديمقراطية , تماما مثل اصحاب الخيار الاول .
مما سبق يتضح ان اصحاب الخيار الاول يريدون تحقيق اهدافهم حتى ولو احترقت سوريا بكاملها وهم يقومون بحرقها فعليا ,وفق الخطط والبرامج التي اعدتها اسرائيل وتنفذها امريكا, وهؤلاء يعدون من لا يتفق معهم عدوا لهم , بالمقابل فان اصحاب الخيار الثاني في سوريا وخاصة النظام لا يجدون بديلا عن مقاومة اصحاب الخيارالاول ومقاتلته لاسباب كثيرة منها التشبث بالسطة , والشعور بالمسؤولية – لانهم حكّام سوريا الفعليين وعليهم تقع مسؤولية الحفاظ على امنها واستقرارها ومستقبلها الذي يهدده اعداؤها المتمثلون بامريكا واسرئيل وحكام دول الخليج " قطر , السعودية" ناهيك عن أخذ النظام السوري بمشورة حلفائه الروس والايرانيين . من هنا يتضح الحال في سوريا على انه بين خيارين لا ثالث لهما . وهو عمل مقصود يراد به تغييب الخيار الثالث الذي ينقذ سوريا
الخيار المفقود : التغيير السلمي نحو الديمقراطية التي تناسب سوريا
اصحاب هذا الخيار هم الاقل عددا والاقل قدرة والاخفض صوتا ولكنهم الاكثر وعيا وشعورا بالمسؤولية وصوابا في الرأي. وهولاء موجودون بين الفريقين المتنازعين وخارجهما وفي داخل سوريا وخارجها . ولكنهم لا يملكون القوة ولا الامكانيات ولا الحلفاء . ويعدهم اصحاب الخيار الاول اعداء لهم ويصنفونهم على انهم تابعون للنظام السوري فيما يعدهم النظام وحلفاؤه بانهم حالمون ويمنحون الهجمة الوحشية على سوريا فرصة لان تحقق اهدافها . وتتلخص رؤية اصحاب هذا الخيار , بان يستبعد التغيير من الخارج حتى لا تصبح سوريا ضحية اللعبة الامريكية في المنطقة كما هو حال العراق وليبيا ومصر وتونس . ولا حتى مثل اليمن الذي سرقت ثورته دول الخليج بايحاء وتوجيه امريكي . ولا يريدون ايضا ان يقوم النظام وحده بالتحول الى الديمقراطية لان هذا التحول مستحيل برأيهم وفق معطيات الواقع المحلي والعربي والدولي , يريد اصحاب هذا الخيار ان تُجرى انتخابات نزيهة وشفافة , تشرف عليها جهات دولية مهنية محايدة غير سياسية وغير تابعة لامريكا وحلفائها ولا تابعة للنظام في سوريا , ويريدون لسوريا ديمقراطية حقيقية ولكن على ان لا تسمح هذه الديمقراطية بضعف نظام الحكم كما الحال في العراق . يريدون ديمقراطية ودستور وقوانين جديدة تحفظ لكل السوريين حقوقهم وحرياتهم دون تمييز على أي اساس عرقي او ديني او طائفي او غيره. ديمقراطية تكفل او تضمن بان تظل سوريا دولة قوية قادرة على الدفاع عن نفسها امام أي عدوان خارجي او تخريب داخلي وان لا تخضع لاي املاءات خارجية من أي جهة , وان تقيم علاقات متوازنة مع دول العالم دون تحالفات الا على اساس مصلحة سوريا الوطنية والقومية . واظن ان الرئيس السوري بشار الاسد لديه استعداد نفسي وواقعي حقيقي لتقبل هذا الخيار, ربما لانه يشعر بان شعبيته سوف تعيده للحكم , او ربما لان حبه لبلده يدفعه حتى للتخلي عن السلطة اذا ضمن ان سوريا تبقى بعده قوية متماسكة وقادرة على حماية نفسها من الداخل والخارج . ولكن هذا الاستعداد من قبل الاسد ظل يصطدم باصرار اصحاب الخيار الاول على عدم السماح بتحقيقه لانه لو تحقق فان مشروعهم سيفشل وستنتصر سوريا وهذا ما لا تريده اسرائيل وامريكا ودول الخليج النفطي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مغالطات وسخف
نبيل السوري ( 2012 / 7 / 30 - 08:07 )
الأكثرية الصامتة يا فالح ليست مع النظام، بل هي أصبحت واعية أن النظام مثل البرد سبب كل علة
وقلة الخيارات مرجعها أن النظام لم يرعوي منذ البداية وأصر على مقولته القذرة: الأسد أو نحرق البلد ونفذها حرفياً
هو قدم كل التنازلات للخارج من إسرائيل جنوباً إلى تركيا شمالاً، ولم يستقو بتاريخه إلا على الأضعف منه والأكثر على الشعب الأعزل

كل من يتفلسف عن طريق ثالث يصب في طاحونة النظام
لأنه وبمنطق النظام لا يوجد إلا طريق أول ووحيد وهو استمرار القتل بالتالي لا يوجد ثاني، فما بالك بالثالث
وهذا الطريق سيأخذ النظام وشبيحته ومريديه وكتبته، وكذلك البين بين، ترانزيت إلى الجحيم قبل الاستقرار بمزبلة التاريخ المشهورة


2 - كلام جميل
محيي المسعودي ( 2012 / 7 / 30 - 09:15 )
شكرا لك ايها الاستاذ المحترم نبيل السوري . انت اكدت ما ذهب اليه المقال وكنتَ صوتا متميزا وواضحا من اصحاب الخيار الاول .. اكرر شكري لك استاذ نبيل ولا الومك على موقفك فانت قلت ما تراه صحيحا


3 - لا أفهم من أين تقرأ
نبيل السوري ( 2012 / 7 / 30 - 09:58 )
وما هو العضو الذي تستعمله للقراءة؟ أهو عيونك فعلاً؟
أنا لست من أصحاب أي خيار، أنا مواطن ضد التسلط أكان من النظام أم الغرب ام الشرق أم الدين
لكن، هل أبقى النظام أي مطرح للصلح؟
الحل الوحيد هو خروج النظام بأسرع وقت
لا يا أستاذ، بقاء هذه الأنظمة هو الخيار الأسوأ
تنظير أمثالك فاشل
السبب الذي أوصل الشعوب العربية لهذا الدرك من الفقر والجهل والتطرف والتدين هو أنظمة قذرة حقيرة من أمثال صدامكم ومعمرهم وأسدنا ولسكوتنا عليهم لنصف قرن
وقبل أن تستلمني، نعم البترودولار الخليجي زاد المصيبة، لكن ألم يطوبز هؤلاء الممانعون وعلى رأسهم الأسود لعاهات الخليج وكانوا سمن وعسل وتقبلوا عطاءاتهم السخية؟ ألم يساهم الخليجيون وبرغبة القوى العظمى ببقاء هؤلاء السفلة؟
المشروع الصهيوني الذي تخاف منه لم يكن ليترعرع لولا هذه التوليفة القذرة
خوفنا من الإسلاميين لن يغير شيئاً. الأنظمة القذرة كلها شجعت التأسلم والتطرف واستعملتهم لغايات قذرة
تجلسون في أبراجكم العاجية وتنظرون لشعوب أوصلها الطغيان للحضيض
لو قام اليساريون بما كان يتوجب عليهم خلال نصف القرن الماضي بدل اتدليس للسفلة لما وصلنا إلى ما نحن عليه


4 - لقد ركب هذا المعتوه راسه
سوري فهمان ( 2012 / 7 / 30 - 10:08 )
السيد المسعودي يظن حاله محلل سياسي وأعتقد أنه يكتب عن بلد غير سورية الخرافات التي يذكرها عن شعبيه الوريث الزرافي الأهبل لا وجود لها إلا في مخيلته.لو كان الزرافه يريد فعلا الحل السلمي لم وصلت البلاد إلى هذا الوضع.

لقد ركب هذا المعتوه راسه الفارغ وكما قال لتجار دمشق أنه لن يترك سورية بعده إلا أثرا بعد عين .نهايه القذافي ستكون نزهة بالنسبه لنهايته.


5 - هكذا مقالات لا تليق بالحوار المتمدن
سوري فهمان ( 2012 / 7 / 30 - 11:36 )
إلى السيد المراقب

لا أعرف لماذا حذف تعليقي على إدعات السيد المسعودي

الشعب السوري لم يعد يريد أن يسمع أصوات الشبيحة أو الساذجين بعد أن دمر هذا الوريث الأهبل البلاد وأفنى العباد هكذا مقالات لا تليق بالحوار المتمدن .لحسن الحظ يستطيع كاتب المقال قراية تعليقي فهو موجه خصوصا له

تحياتي


6 - مهلا .. مهلا
نجوى الهادي ( 2012 / 7 / 30 - 21:23 )
لقد قرأت المقال اكثر من مرة ووجدت فيه صوت العقل . اذ ان كاتب المقال لم يكن مع اي طرف من الاطراف المتصارعة في سوريا ولا حتى مع اصحاب الخيار الثالث . انه عبر عن رؤيته اتجاه ما يحدث في سوريا . ويبدو انه بعيد جدا عن الانتماءات باشكالها كافة . وللاسف تلقى كلمات تنم عن عجز واضح في الحوار . كلمات نابية صريحة وضمنية وفعل خيرا الحوار المتمدن بنشرها لانها عبرت الذوات المعترضة على المقال , واذا كان الاساتذة لا يطيقون الحوار حول موضوع مقال رأي ترى كيف يستطيعون الحوار مع من يخالفهم في الرأي على ارض الواقع . وفعلا كما قال كاتب المقال انهم اصحاب الخيار الاول وكنت اتمنى ان اسمع اصحاب الخيار الثاني والثالث . ان الخيارات التي عرضها المقال حقيقية . ولكن ليس هناك ثمة عقل يسمع وقع الحقيقة الخفي . انني اختلف مع كاتب المقال في بعض التفاصيل التي اوردها ولكني اتفق معه تماما في تحليله للحال في سوريا , واحب ان اذكر ان نظام الاسد بكل ما يقال عنه فانه النظام العربي الوحيد الذي لم يغلق حدوده بوجه عربي . وانه اليوم يدفع ضريبة وقوفه مع المقاومة اللبنانية في حرب تموز التي وقفت الدول الخليجية والعربية فيها مع اسرائيل

اخر الافلام

.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ


.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين المطالبين بإسقاط




.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون بإقالة الحكومة في تل أب


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق احتجاجات في تل أبيب ضد الحكومة ونتني




.. آلاف المتظاهرين يخرجون في شوارع تل أبيب