الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات المحلية ما بين التجارب السابقة والانتخابات القادمة...

ريما كتانة نزال

2012 / 7 / 31
القضية الفلسطينية


منذ انتخاب اول مجلس محلي في نهاية عام 2004 استمرت التجربة العملية للمجالس، واقعا وأداءً، تستدرجنا وتستأثر باهتمام جميع المعنيين والمهتمين بأمرها، وأسالت الكثير من الحبر الذي يتناول التجربة ويشرحها ويقيّم أبعادها. ابتدأ الاهتمام بفكرة الانتخابات ونزاهتها وحجوم القوى السياسية والاجتماعية، ومرورا بالقوى المتحكمة في المجتمع وخياراته، وانتهاءً بمآلاتها وما رافقها من عثرات مادية وصراعات حزبية وسياسية أو لجهة تجربة المرأة فيها كعضوة في بيئة لم تكن جاهزة تماما لمشاركة المرأة كعضو منتخب على قدم المساواة. جميع المسارات أدّت الى ما أدّت اليه من نجاحات مبهرة في بعض المجالس لم تخلُ من العثرات والمنغصات، إلى شلل في بعضها الآخر مما استلزم المعالجة والحلول التي لم تكن جميعها موضع ترحيب واتفاق، إلى غير ذلك من الاشكالات والصراعات التي رافقت بعض المواقع وأدت إلى استقالات فردية وجماعية في مواقع عديدة...
في منتصف عام 2009 وصلت جميع المجالس التي انتخبت على مدار أربع مراحل الى نهاية دورة حياتها القانونية إضافة إلى حبة بركة، حيث كان بانتظارها موعد جديد للانتخابات بموجب قرار صدر عن مجلس الوزراء إضافة الى كونه التزام دستوري. إن من شان الانتخابات أن تعالج ديمقراطيا المشكلات والتحديات التي برزت في سياق التجربة، وأن تأتي بالمجالس التي يختارها المواطنون وتحظى على ثقتهم، إلا ان حسابات القرايا لم تكن على قدر يد حسابات السرايا، حيث بقيت المعيقات تتفاقم وتتعدد اشكالها وأبعادها ولبست أشكالا مختلفة وفقا للمراحل الزمنية المختلفة، فمن الغائها من قبل الحكومة في عام 2009 دون ابداء الاسباب من قبلها، الى تعطيلها بسبب الانقسام واعتبار ان الانتخابات تاتي كنتيجة للوحدة وليس العكس وبأن الانتخابات توحّد النظام وتنهي انقسام المؤسسات.
في الخامس من تموز من العام الحالي اتخذ مجلس الوزراء الفلسطيني قرارا باجراء الانتخابات المحلية في العشرين من تشرين الاول القادم، كما وأعاد التأكيد عليه في الثالث والعشرين من تموز، هذا عدا عن دعم الرئيس لهذه الوجهة علنا. وقد جاء القرار على أثر اقدام حركة حماس وقف تحديث السجل الانتخابي وعمل لجنة الانتخابات المركزية في القطاع، وذلك بعد ان استبشر الكلّ الفلسطيني خيرا بالسماح للجنة الانتخابات أن تمارس عملها في غزة تمهيدا للانتخابات، حيث كان آخر تحديث للسجل الانتخابي يعود في غزة في إلى عام 2007، بينما جرى تحديثه في الضفة حتى أواخر عام 2011.
لقد وجد قرار مجلس الوزراء الفلسطيني بشأن اجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية صدى ايجابيا وارتياحا عاما مشوبا بشيء من القلق. مصدر القلق يعود لقرارات سابقة شبيهة خلال الفترة الماضية سرعان ما تم التراجع عنها تراوحت بين الالغاء والتأجيل للقرارات المعلنة والتي تعود أسبابها الحقيقية الى عدم ترتيب حركة فتح لقوائمها بما يتناسب مع توجهات الاتجاه المركزي فيها، الأمر الذي دفع الفصائل اليسارية الى رفع قضية لدى محكمة العدل العليا ضد قرار مجلس الوزراء القاضي بتأجيل الانتخابات الى تاريخ مجهول.
أما ما رفع من منسوب الارتياح لا يعود فقط الى كون القرار يستجيب لقرار محكمة العدل العليا الذي أيد الطعن في قانونية التأجيل مطالبا الحكومة بالتوجه إلى إجراء الانتخابات، بل لأنه وبالدرجة الأولى يعيد الاعتبار للحق الديمقراطي والدستوري للمواطن ولحقه في اختيار ممثليه في هيئات لها طابعها الخدماتي بالدرجة الأولى الضرورية لاستنهاض وتطوير البيئة المحلية، والتي لا يمكن السكوت وإدارة الظهر للفجوات التي تتركها الاستقالات وحالة الشلل، والتي لا يعلم الا الله بؤس الحالة التي وصلت إليها إجمالا..
في ضوء ذلك، من الضروري أن يكون قرار تحديد موعد الانتخابات قد وضع حدا لاجراءات التعيين والدمج الجارية على قدم وساق أمام انتهاء فترة الولاية الزمنية لجميع هذه الهيئات بدون استثناء، سواء تلك التي شهدت بعض المحطات الانتخابية أو تلك التي مضى عقود على آخر انتخاب فيها كمجلسي البلدية في كل من الخليل وطولكرم على سبيل المثال..
أهمية القرار كذلك تتمثل في تحديد يوم العشرين من تشرين الأول موعدا واحدا لاجراء الانتخابات في كافة أنحاء الوطن، الأمر الذي ينطوي على إجابة وطمأنة مسبقين للتساؤلات المثارة إثر القرار بقانون الذي ترك للوزارة تحديد مواعيد الانتخابات، مع كل ما كان يكتنف ذلك من احتمالات التدرج المتباعدة أو الانتقائية في المحلية وذلك كما حصل في المحطة الانتخابية الأولى أو تكريس اجراء الانتخابات على مراحل متدرجة. وإذا كان قرار مجلس الوزراء يحدد يوما موحدا في جميع المواقع، فان الانتباه العام مشدود نحو ما أقدمت عليه سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة بوقف متابعة عمل لجنة الانتخابات المركزية لأعمالها في تحديث السجل الانتخابي التي استبشر الفلسطينيون خيرا بالخطوات الأولية التي بوشر فيها مؤخرا. فربط هذه الإعاقة غير المبررة بالجداول الزمنية أو بالمناكفات ذات الصلة بمشاريع المصالحة يضعنا من جديد أمام استغلال حالة الانقسام الكارثية لزيادة منسوب الاعتداء على حقوق المواطن والحريات العامة، وذلك بديلا لضرورات تعزيزها ولأهمية تمكين المواطنين الناخبين من اختيار ممثليهم بمعزل عن ربطها بأية انتخابات سياسية أو وطنية عامة. فمثل هذه الإعاقة يصعب تفهمها وتبريرها، علما بأن لجنة الانتخابات المركزية قد أعلنت بصراحة ووضوح عن تعذر اضطلاعها بمهماتها في قطاع غزة، وبالتالي يصبح متوقعا ومنطقيا بل وطبيعيا استثناء تلك المجالس من الانتخابات القادمة مع إقرار متابعتها في وقت لاحق..
المرئي في الانتخابات القادمة أنها ستجري في حوالي ثلاثمائة مجلسا بلديا وقرويا في الضفة الغربية بما فيها القدس، من هذه المجالس ما يوازي نسبتها 35% بمثابة مجالس بلدية ويعتبر الباقي كمجالس قروية، ومستثنى من عملية الانتخاب خمسة وعشرون مجلسا في قطاع غزة جميعها مصنفة كمجالس بلدية، إضافة الى جميع لجان المشاريع وهي التي لا يتجاوز عدد السكان في كل منها عن ألف نسمة.
لقد عانت بعض المجالس من الإشكالات المختلفة في درجة شدتها ونوعها، التي تعود الى التآكل الذي اعترى غالبيتها أو جرّاء الاستقالات أحيانا أو الاعتقالات في أحيان أخرى أو الشلل المرتبط بحالة الانقسام الداخلي. ان هذا يتطلب من الجميع الإخلاص لهدف منع انعاكسات الآثار السلبية لبعض الاجراءات البديلة –كالتعيين والدمج على سبيل المثال- في المرحلة السابقة، وهي الاجراءات التي ربما تستدعي مواقف واضحة ومعلنة من قبل لجنة الانتخابات المركزية ووزارة الحكم المحلي وسائر القوى والمؤسسات الأخرى المعنية.
ويتصدر الاجراءات المطلوبة راهنا التوقف التام عن أية تعيينات جديدة لأية مجالس تفقد مقومات استمرارها قبل موعد الانتخابات مع الانفتاح على امكانية اعتماد هيئات تحضيرية مؤقتة ولفترة زمنية متوافق عليها، وذلك في حال الغياب التام لأي من المجالس القائمة.
كذلك لا بد من وقف عمليات الدمج بين المجالس البلدية أوالقروية إلى ما بعد استكمال الانتخابات المحددة والمعلنة. وفي هذا السياق فإن المجالس البلدية التي جرى استحداثها بعد الدمج تطرح آلية الانتخاب لمجالسها بما يضمن أولا الجانب القانوني وعدم مصادرة الحق الديمقراطي للمواطنين عموما، ودون إلحاق الغبن بالمجالس الأقل عددا من حيث عدد ناخبيها من جانب آخر. وهنا لا بد من الاشارة الى وجود حالات مشابهة نسبيا كانت ولا زالت موجودة قبل اجراءات الدمج الأخيرة، كواقع الحال في بلدية الزيتونة التي تجمع ما بين المزرعة الغربية وأبوشخيدم أو بلدية بني زيد التي تجمع ما بين عارورة ودير دبوان، وذلك دون إقصاء فكرة اقرار صيغة هيئة وسيطة موسعة نسبيا كحصيلة انتخاب منفرد لكل من المجالس قبل الاندماج، أو اقرار صيغة بتوافق اجتماعي للعدد الذي يُراد انتخابه في كل التجمعات المشكٍّلة للمجلس الجديد كما هو الحال في المجلسين المشار لهما في محافظة رام الله.
ومن جهة أخرى، هناك التساؤل المبرر الذي يرتبط بالتعديل بقانون رقم 10 لسنة 2007 للقانون الانتخابي رقم 10 لعام 2005، فذلك التعديل ينطوي على غبن للتمثيل النسائي في هيئات المجالس المحلية التي تضم في عضويتها 11-13 عضوا .. حيث الصل في القانون انه اعتمد نسبة 20% لتمثيل النساء، فيما يجيز هذا التعديل ان تقتصر مشاركة المرأة في المجالس البلدية المكونة من 11-13 عضوا على عضوتين أي بنسبة تعادل 16-18% من حجم تلك المجالس فقط، الأمر الذي يستدعي معالجة ما تنسجم مع النسبة المقررة والمعتمدة في القانون بشأن الكوتا النسائية.
اسئلة المجالس المحلية كانت ولا زالت مفتوحة، سواء ما يتصل منها باكتساب دروس التجربة السابقة وعبَرها والالتزام بإصلاحها.. أو ما يتعلق بمدى الاستعداد للالتزام بما افرزته التجربة من استخلاصات من بينها ما يتصل باختيار المرشحين الأفضل لمتطلبات ومواصفات التي ينبغي أن يمتلكها أعضاء وعضوات المجالس.. أم أننا سنذهب لإعادة انتاج ذات المركبات التي سجلنا الانجازات لبعضها والاخفاقات لبعضها الآخر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ