الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ناموا لا تستيقضوا 000 !!

حميد غني جعفر

2012 / 7 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


نامي جياع الشعب نامي ... حرستك آلهة الطعام
فإن لم تشبعي من يقظة ..... فمن المنام
هذين البيتين من قصيدة لشاعر العرب الأكبر الأستاذ الراحل محمد مهدي الجواهري وهو يسخر ويتهكم من النائمين – غير الواعين - الذين يغطون في سبات عميق بانتظار المعجزات ... عسى أن تتحقق أحلامهم الوردية ... في عيش كريم ومستقبل أفضل ... لكن ما الذي تحقق لأهل الكهف من سباتهم الطويل ؟ عندما هربوا من ظلم وجور وطغيان الملك – دقيانوس – فهل أن العراقيين في سباتهم هذا يمكن أن يحققوا أو أن يتحقق لهم – بقدرة قادر – ما يصبون إليه من عيش كريم – آمن مستقر – ومستقبل أفضل لبلادهم ولأبناءهم من الأجيال اللاحقة ، أم أن سباتهم هذا يزيدهم فقرا وبؤسا وجوعا ومظلومية وامتهان لكراماتهم ، إذ ليس هناك من معجزات لقوى خفية أو – غيبية – كما تروي الأساطير بقادرة على إصلاح وتغيير واقع الحال المأساوي المزري – للعراقيين – الذي أقل ما يمكن وصفه – غير لائق بالحياة الآدمية – وأكثر من ذالك امتهان لآدميته وإنسانيته .
لأن كل الثورات و المتغيرات والتطورات في كل المجتمعات في العالم تتأتى من العمل الذي يستند إلى الوعي والحركة ووحدة الإرادة والموقف في حركة شعبية واسعة من تظاهرات واحتجاجات سلمية ومتواصلة – لا موسمية – للمطالبة بحقوقهم العادلة والمشروعة خصوصا ، ونحن اليوم نعيش القرن الحادي والعشرين ، عصر التطور العلمي والتكنولوجي عصر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان عصر نهاية الأنظمة الديكتاتورية الشمولية – القمعية – فلقد ولى طواغيت العصر الدمويين – صدام – وابن علي – ومبارك – والقذافي – وصالح – ويأتي دور الأسد – اليوم – عصر بات فيه الإنسان هو الذي يقرر مستقبله بوعيه وبإرادته الحرة وبقناعاته باختيار من يمثل مصالحه في بناء مستقبل بلاده الأفضل .
قبل أيام وأنا أتابع بعض المشاهد عن الانتخابات في ليبيا من إحدى الفضائيات كان هذا السؤال توجهت به الفضائية إلى مواطنة ليبية وهو سؤال بسيط لكنه عميق الدلالة ويعبر عن الوعي والحس الوطني ، لماذا لم تختاري الإسلاميين ؟ فكان جواب المواطنة الليبية – للفضائية – بسؤال أيضا ، ماذا حقق الإسلاميين لشعبي مصر وتونس ؟ وأردفت قائلة فلا زالت الدماء تجري ولا زالت نظرتهم إلى المرأة متخلفة فهم يحرمون على النساء حتى قيادة السيارة باسم – الشريعة - ، في حين أن العلمانيين يحترمون المرأة ويدافعون عن حقوقها ولذا انتخبت جبريل لأنه يدافع عن حقوقها ، هذا الجواب من المواطنة الليبية ببساطته يعبر عن وعي المجتمع الليبي في اختياره الصحيح لممثليه الحقيقيين والمتنورين المدركين لطبيعة العصر ومستجداته وتطوره لبناء مستقبل أفضل لبلادهم بعيدا عن الطائفية والمذهب أو القومية والعشيرة نسوق هذا المثال الحي للعراقيين ، علهم يفيقوا من سباتهم ويستيقظوا ليدركوا بأن الدين والطائفة لم تكن هي الحل لمعاناتهم ومشكلاتهم ، ولن تعيد لهم الكهرباء والماء الصالح للشرب كما لم تقضي على البطالة ولم تحسن مستواهم ألمعاشي أو أن تعيد لهم استقرار الوضع الأمني أو أعمار البلاد ، كل هذا لم يتحقق إلا بالعمل والنضال والتضحية ، والحقيقة فإن مثل هذا الوعي والحس الوطني- كما نرى - هو الكفيل بتجاوز كل الصعوبات والأزمات والخلافات التي قد تنشأ مستقبلا بين القوى المشاركة في عملية الإصلاح والتغيير في ليبيا كونها تنطلق من مبدأ المواطنة الحقيقية البعيدة عن الهويات الفرعية قومية كانت أو دينية أو طائفية أو عشائرية ، وباعتقادي فإن السيد جبريل الذي زار العراق – قبل سقوط ألقذافي – بهدف اطلاعه على التجربة العراقية ، قد أخذ الدرس والعبرة مما شاهده في العراق من سوء للأوضاع عامة والتوجهات الطائفية وانعكاساتها السلبية على الشارع العراقي إلى جانب تدهور الوضع الأمني .
ومن حقنا نحن العراقيين أن نسأل أنفسنا بذات السؤال الذي توجهت به المواطنة الليبية – للفضائية – ( ماذا حقق الإسلاميين لمصر وتونس ) ماذا حقق الإسلاميين للعراق وشعبه ؟ – من قبلهم – فنقول بداية : إن التيارات الإسلامية بمجموعها تنطلق من ذات المنطلقات وذات العقلية الطائفية المنغلقة التي تنظر إلى الأمور عامة بمنظار ما قبل ألف وخمسمائة عام وتريد تطبيقها اليوم على المجتمع المتعدد الأطياف والألوان – قوميا ودينيا ومذهبيا – باسم الشريعة - وليس ببعيد عن الأذهان محاولة رئيس الوزراء الأسبق في عام – 2005 – إلغاء قانون الأحوال الشخصية الذي شرعته حكومة ثورة – 14 – تموز – 1958 – الذي يساوي بين المرأة وأخيها الرجل في الحقوق والواجبات وحق العمل لها في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فكانت أول امرأة في الشرق الأوسط تشغل حقيبة وزارية وهي الراحلة نزيهة الدليمي وهذا ما لا يروق – للإسلاميين – في أن تتبوأ المرأة مكانتها ودورها ، - باسم الشريعة - هذا وغيره من الشواهد الكثيرة التي لا نريد الخوض فيها تؤكد العقلية المنغلقة التي يسعون لفرضها على مجتمعنا المتعدد الأديان والقوميات والأطياف ، بعيدا عن تطورات العصر وحاجات الإنسان الضرورية الحياتية في العيش اللائق والتنوع الثقافي في المعرفة والفنون بكل أشكالها من الشعر إلى الموسيقى والغناء والسينما والمسرح .
وهم إلى جانب كل ذالك لا يؤمنون – أصلا – بالديمقراطية – لكن الظروف والمستجدات على الساحة الدولية قد فرضت عليهم ذالك ، إضافة إلى دور القوى الوطنية الديمقراطية الحية في توعية الجماهير العراقية وخوضها النضال الطويل من أجل الديمقراطية المفعم بالتضحيات عبر عقود من الزمن كل هذا فرض عليهم بعض التغيير في موقفهم – الشكلي – إزاء الحرية والديمقراطية - وليس الجوهري - ، وواقع الحال فإن تجربة السنوات العشر – منذ التغيير 2003 – هي الدليل القاطع على ما نقول ،إذ لازالت أغلب القوانين والقرارات – للنظام السابق – المعادية للديمقراطية والمصادرة للحريات العامة – سارية المفعول حتى اليوم ، والمفترض إلغاءها وإعادة الحق لأصحابه – إن كانوا يؤمنون بالديمقراطية – منها على سبيل المثال مصادرة المقر العام لاتحاد نقابات العمال وأمواله وتحريم العمل النقابي في القطاع العام وفق قرار – 150 – للنظام السابق ، فأين هي الديمقراطية ؟ لكن ديمقراطيتهم تتجلى في المحاصصة الطائفية المقيتة والقومية والعشائرية وتغليبها على الحس الوطني ، حتى قتلت الوعي والحس الوطني لدى العراقيين ، وتعمقت النعرات الطائفية وبات القتل على الهوية ثم التهجير ألقسري فكانت الفرقة وتمزيق وحدة المجتمع العراقي وتلك هي ديمقراطيتهم ، ولسنا هنا من حاجة لتعداد كل منجزات حكومة المحاصصة الطائفية فهي كثيرة ولا تحصى إبتداءا من استشراء الفوضى والفساد بكل أشكاله وفي كل مفاصل الدولة ومؤسساتها وتزوير الشهادات والمحسوبية والمنسوبية إلى جرائم الاختلاس والسرقة لأموال الشعب المسكين الذي منحهم ثقته ودفع بهم إلى مواقع المسؤولية ، لكنهم لم يبرروا ثقة الشعب بل أنهم - ونقولها بكل صراحة – أنهم خانوا الشعب لان هذه الاختلاسات والسرقات – بالمليارات والترليونات والعقود والمشاريع الوهمية - هي ليست جرائم عادية بسيطة ، خصوصا وإن العراقيين لم يلمسوا أو يشاهدوا محاسبة أو محاكمة أي من هؤلاء المختلسين والسراق ، الذين هربوا إلى خارج العراق وهم يتنعمون بما سرقوه من أموا.ل الشعب الجائع الذي تطحنه البطالة خصوصا بين الشباب والخريجين المتسكعين الباحثين عن فرصة عمل يعتاشوا بها والشعب يتلظى بحرارة هذا الصيف اللاهب رغم المليارات التي صرفت على إصلاح الطاقة الكهربائية والتي ذهبت في جيوب أولائك المختلسين والسراق أو مشاريع سكن وهمية ابتزوا منها آلاف الملايين والفقراء الكادحين يسكنون في بيوت الصفيح أو الطين كل هذا الواقع المأساوي ، ولم تصحوا ضمائر المتنفذين ، فلا زالت صراعاتهم محتدمة على الجاه والمال والنفوذ دون أن يفكروا لحظة واحدة بمعانات شعبهم والتخفيف من معاناته القاسية المريرة ولا زالت الفضائح تتوالى بشكل يومي .
وقد تطول قائمة المعاناة الطويلة العريضة ، وتنعكس – بطبيعة الحال - كل تلك الصراعات والمهاترات على مجمل الأداء الحكومي والأوضاع السياسية عموما التي تتسم بالعشوائية والتخبط وبالتوجهات الطائفية في كل الاتجاهات سياسية واقتصادية واجتماعية ، إذ ليس من قانون يشرع أو قرار لصالح شريحة من الكادحين الفقراء ، إلا بعد صراعات طاحنة بين المتنفذين – قد تبلغ حد التشابك بالأيدي – والحصيلة عدم تطبيق القانون إن لم يجري الإلتفاف عليه بشتى الأساليب والذرائع وفق الاجتهاد والمزاج الشخصي لهذا المسؤول أو ذاك .
فهل بعد كل هذا ... ثمة أمل في التغيير وإصلاح الأوضاع ؟ والعودة بالبلاد إلى شاطيء الأمن والأمان والعيش الكريم ... لقد سئم العراقيون الوعود الكاذبة على مدى عشر سنوات ... فليس من معجزة لقوى – غيبية – يمكن أن تحقق لكم ما تصبوا إليه أيها العراقيون ، والمعجزة الفعلية التي يمكن أن تحقق للعراقيين إلى ما يطمحون له من حياة رغيدة وأمن واستقرار هم لوحدهم القادرون على صنعها فالشعوب هي صانعة المعجزات ، من خلال الوعي ووحدة الإرادة والموقف في التحرك السلمي المتواصل بهدف الضغط على الحاكمين وإجبارهم في الذهاب إلى أحد الخيارين ، إما الجلوس إلى طاولة الحوار الوطني الشامل بنبذ كل الخلافات الثانوية والمصالح الشخصية والتخلي عن المحاصصة الطائفية فكرا ونهجا وسلوكا ، وإما الذهاب إلى انتخابات مبكرة فهو الاختيار الأفضل والأسلم ... ليتسنى للشعب اختيار ممثليه الأكثر كفاءة ونزاهة وإخلاصا وتأريخا ... لإنقاذ شعبنا وبلادنا من مخاطر الوقوع في الهاوية ... والتوجه لبناء دولة المواطنة الحقيقية الديمقراطية القائمة على مؤسسات مدنية دستورية ويكون لمنظمات المجتمع المدني دورها الفاعل ، والفصل بين السلطات الثلاث ، إلى جانب فصل الدين عن الدولة حفاظا على هيبة الدين وقدسيته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
سعد الخفاجي ( 2012 / 8 / 1 - 11:25 )
دائما هلالك مشرق ودائما تضع الضماد على النزيف ،رائع في كل شىء سلمت افكارك ودامت تشخيصاتك تداوي الالام ،لكن هل من مجيب؟

اخر الافلام

.. انعكاسات مقتل رئيسي على السياسة الخارجية لإيران |#غرفة_الأخب


.. تحقيق للجزيرة يكشف مزيد من التفاصيل حول جرائم ميدانية نفذت ب




.. منير شفيق: وفاة رئيسي لن تؤثر على سياسة إيران الخارجية والدا


.. كتائب القسام تطلق صاروخا طراز -سام-7- تجاه مروحية إسرائيلية




.. خامنئي يكلف محمد مخبر بمهام إبراهيم رئيسي وتعيين علي باقري ك