الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مروا من هنا ...نظرة حول الإبداع الأدبي

عاشور سرقمة

2005 / 2 / 16
الادب والفن


عندما نتحدث عن الشعر والشعراء فإننا نتحدث عن تجربة شعورية يمارسها المبدع على مستوى البنية العميقة للنص أو على مستوى البنية السطحية ، هذه التجربة تمككننا من الدخول إلى عوالم النص لنكتشف شخصية الكاتب الذي يعبر عن أحاسيسه ومشاعره عن آلامه وعن آلامه أو عما تعانيه أمته أو مجتمعه ، فلا يمكن هنا بأي حال من الأحوال أن نلغي شخصية الشاعر ، هذا الطرح الذي ذهب إليه رولان بارث حين تحدث عن موت المؤلف .فهذا نسميه "اغتيال المؤلف".
يقول أحد الذين خابروا الحياة وعرفوا أسرارها وصعدوا جبالها ونزلوا أوديتها يقول " إذا أردت أن يخلد اسمك فاكتب شيئا يقرأ أو افعل شيئا يكتب عنه ".
إذا نجد هذه المقولة تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية .
1/ إذا أردت أن يخلد اسمك...
ونقرأ من خلالها أن هناك البعض من الأشخاص في الحياة لا تذكر أسماؤهم اليوم في حياتنا رغم أنهم قدموا للبشرية الشيء الكثير في كل المجالات الإجتماعية والاقتصادية والدينية والسياسية ......
وهناك أشخاص آخرون لا زلنا حتى اليوم نذكرهم ذكرا كثيرا كلما دخلنا مجال تخصصهم أو المواقف التي وقفوها فكأن أسماءهم أصبحت ذات ارتباط وثيق بأمر من الأمور .
فنحن نذكر ابن خلدون الذي خلف لنا كتب كثيرة تحدثت عن علوم كان له فيها فضل السبق مثل علم العمران البشري ، ونتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أنار للبشرية ما كانت فيه من ظلمات ، ونتحدث عن هتلر لأنه قدم مثالا عن الدفاع عن الوطن والدفاع عن العرق أو الجنس الآري ونتحدث عن شكسبير الذي خلف لنا أروع المسرحيات مثل هملت وغيرها ونذكر باستور الذي اكتشف داء للجراثيم ونذكر الشيخ محفوظ نحناح الذي قدم مثالا للعمل السياسي الذي يراعي الوسطية والاعتدال ..وغير هذه الشخصيات كثير وكثير جدا
وما دمنا نتحدث عن الإبداع والكتابات الأدبية فإننا نتساءل لماذا بقيت المعلقات رغم قدمها تشهد تجديدا مع الأيام ، وكأنها كتبت البارحة فقط ولماذا بقي شعر الشافعي والأصمعي وطاغور وصوفوكليس وزهير ونزار قباني وغيرهم يتخذ لنفسه مكانا رحبا في الدراسات وعلى أطراف الألسن في الاستشهاد .
لاشك أن ذلك كان لأنها تخاطب الروح تخاطب ذاك الواقف هناك والواقف هنا والماشي والجالس والفقير والغني والسياسي والمهندس ، وغيرهم ... لاشك أنها لا تخالف الهدف الأساسي الذي وجد من أجله الإنسان في هذه الحياة . فالذي يخالف هذه السنة الكونية "الحضور الوجداني" و"الحضور الروحي" نقول له ما قاله نزار قباني :
وستعلم بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان .
2/اكتب شيئا يقرأ: الإنسان في حياته يعيش ثنائية: الحياة/ الموت فهو اليوم حي ولكن غدا سيرحل من هذه الحياة رغم أنفه فالحياة تتضمن الموت ، وينقطع ذكر اسمه وينقطع عمله إلا من ثلاث كما يقول صلى الله عليه وسلم " صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعوا له "، فسيذكره أبناؤه ثم أحفاده لكن أحفاد أحفاده سينسونه لا محالة وهذه سنة الحياة ، حتى في شهادة الجنسية مثلا في الجزائر نجد اسم الأب والجد
فقط.
فحري بالإنسان لهذا أن يكتب شيئا ، ولكن هذا الشيء يسير في الرسالة التي وجد من أجلها في هذه الحياة ؛ وهي طاعة الله سبحانه وتعالى .لأنه يمكن أن يخلد اسمك ولكن في الجهة الأخرى .
3/ إفعل شيئا يكتب عنه :
إذا نظرنا إلى الحياة بإمكانية الفعل ، أي ما يمكن أن نقوم به فإننا نجد الكثير من الأشياء التي يمكن صياغتها بما نتصوره وبما نعتقده وبما نحبه ، لكن أليست هناك أطر وخطوط حمراء لا يجب تجاوزها ؟ من هو الذي يقيدنا ويؤشر إلينا عندما نتجاوزها ؟ لا شك أنه ضمير الإنسان الحي الذي يفكر في صلاح نفسه وصلاح أمته ، هذا الضمير الذي يتغذى من روافد الدين العميمة التي تدعوا إلى التسامح والود والحب والشفقة والرحمة والتعايش والصبر وغيرها من الصفات الحميدة.
فهل نستطيع أن نضع بصمة على صفحات الحياة تستطيع الأجيال بعدنا أن تقول : ... مروا من هنا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال


.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس




.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-


.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت




.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً