الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية السلطة والرعية

دومام اشتي

2012 / 8 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



منذ سنوات عجاف طويلة خلت و النظام السوري قد وضع نفسه في جدلية مقيتة, تكمن في تخويف السلطة للشعب وخوف الشعب من السلطة ,فبقدر ما تنمو السلطة وتكبر وتتجاوز الدساتير والشرائع وتعمل على إخضاع الشعب وقتل حريته بقدر ما تبدأ بتخوف منه فالقاسم المشترك هو الخوف المتبادل بين الحاكم والمحكوم, وهذا ما حصل تحديداً مع النظام السوري,فبدأ رئيس النظام يتحول إلى طاغية, يعيش في دوامة الصراع النفسي, والاعتقاد الجازم بأنه سيكون مُفترساً إن لم يكن مفُفترساً, وبدوره الشعب السوري الذي رأى حاكمهُ صاحب نظريات المقاومة والممانعة والبطولات والشعب والوطن والمواطن والعزة والكرامة, وقد اضحت كُلها جوفاء, بل انه صب جام غضبه بقسوة ووحشية على أطفال يُفترض أنه يُمثل الاب الحقيقي لهم جميعاً, وحين ذاك, وحين رأى الشعب السوري بأطيافه وقومياته بكورده وعربه بمسليمه ومسيحييه, هذه القوة والبطش والتعذيب بحق أطفال قرروا أن لا يعيشهو هم أيضاً ولو حتى سنة واحدة في الذل والمهانة كما عاشها أبائهم في ظل نظام لا يعرف سوى لغة القمع والقمع فقط, حين إذ بدأ الشعب بتحين الفرصة للانقضاض عليه لأنه قد سلبهم أملاكهم وأرزاقهم وكرامتهم وبراءة أطفالهم , حتى تغيرت الصورة النمطية التي رسمها النظام في عقولنا, الخوف حصتنا نحن الشعب, و أسطورة البعبع من نصيبه, لكن اليوم الصورة تغيرت والآية أعكست وبات النظام بتضعضع وترتجف أوصاله من أي شيء يرمز الى الجيش الحر وكتائبه.
لقد عاثا هذا النظام فساداً بالبلاد وحولها الى مزرعة خاصة به وبمرتزقته, ومدينة يصبح وصفها على هذه الحال ستسقط في الفوضة والرزيلة والقسوة وتفقد إنسانيتها وعدلها بحيث ينقسم المجتمع على نفسه والفرد على ذاته , علماً أن هذا المستبد لم يصل إلى حكم الطغيان فجأة ,بل بحركة متدرجة بدأ الطاغية بالتلطف والتودد ونكران استبداده وأكثر من الوعود في العلن والسر وتظاهر بالوداعة والحنان على الجميع وكان في ذات الوقت يُريح نفسه من أعدائه بعضهم نفيا وبعضهم صلحاً مادياً ليكونوا كالعبيد والخدم, وأكثر من ظاهرات وأوهام وأساطير شن الغارات ليظل الشعب في حاجة إلى قائدً فذ ملهم...
وحين ذاك يبدأ الطاغية بتنفيذ الخطوة التالية فيبدأ بتجويع الشعب عن طريق فرض الضرائب الجائرة وفي ذات السياق إذا شك في احدهم وللخوف الطافح في داخله فإنه يلجا الى التخلص منه قتلاً أو سجناً أو نفياً, وبتهمة التآمر مع الخارج والتعامل مع دولة أجنبية معادية, وما غايته سوى إن يبقي البلاد في حالة حرب وعداء مصطنع ووهمي مع الخارج كي يستتب له الحكم في الداخل, إن هذا المستبد الخائف وصل إلى درجة عدم سماع أي صوت من حوله, بل تعدى الأمر إلى درجة إذا ما صارحه بعض المقربين منتقدا إدارته للدولة أو أن الوضع المعيشي بات مُزرياً فانه ينحيهم ولا يبقي على ذي جدارة من أعدائه ولا من أصدقائه ,والفرق بينه وبين الطبيب إن المعالج ينزع المواد الفاسدة من الجسم ويبٌقي على المواد الجيدة , أما الطاغية فإنه يٌخرج الجيد ويبٌقي الفاسد
وأمام هذا التصرف يدب فيه الخوف فيتحفظ عن الجميع ويأتي بحرس إضافي لحمايته ,ولكن ليس من مدينته ومن مجتمعه بل من الأجانب العبيد فيحررهم ويدمجهم في الحرس الخاص وبهذا يكون استبدال الأحرار بالعبيد والمرتزقة عندئذ لا يعود عنده سوى سلوك واحد وهو تأليه نفسه , وهذا التأليه يجعله يخاف من مواطنيه فيقسو تجاههم فيكثر من البطش بهم ,والشعب لشدة خوفه منه ومن استبداده يبدأ بالتأمر الجدي عليه , فلا انسجام في المجتمع ولا توافق ولا حياة مستمرة ,لان الحاكم بأسم الممانعة والوطنية التي يتلظى خلفها يبدأ بالتصرف بالأوقاف وبأرزاق الوالدين وبخيرات البلد وبرؤوس وطنيي الوطن وشخصياتها الفكرية منها والسياسية,
في الكتاب التاسع من الجمهورية ,يحلل أفلاطون نفسية الطاغية فيقول(( مظلمة حزينة مكبلة بالشهوات وعاجزة عن فك قيودها والانفلات منها فالطاغية هو أسير اللذات السافلة فلا يمكنه أن يتذوق طعم الصداقة والمحبة والإخاء ... والحرية إنه اشقي الناس لان الاستعباد لا يّولد في نفسه غير الخوف والقلق
لقد رأى أفلاطون قبل كارل ماركس أن الاستغلال والطغيان يخلقان في المدينة طبقتين :طبقة المستغَل وطبقة المستغِل , ا ي طبقة فقيرة معدومة وطبقة غنية مترفة فيتولد الحقد وينمو وسيفضي إلى ثورة حقيقية يقوم بها عامة الشعب على المستبد , وهذا ما رآه ماركس في الطبقة العمالية التي تتحين الفرص وتتحد بنقابات من أجل الانقضاض على الطبقة البورجوازية التي تستغِلَ بشكل قوي العمال والمواطنين.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا