الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصوص الحرب

نصيف الناصري

2012 / 8 / 2
الادب والفن







الحرب 1




الى هنادي جليل وزعيم نصّار







جاءوا في فجر الصيف يتحرّون قبور الغرقى
ويأملون في العثور على النفيس الذي لا يمكن
لنا أن نعطيه الى الغرباء ، مرّوا بين أشجار
ريفنا وفي أيديهم أسلحة ، يشحذونها على الشمس
المترنحة للصخور ، ولا يقدرون العواقب .
نحن الأكثر اتزاناً منهم ، لا يصيبنا الذهول
في الحرب المتعطشة الى ما يهلك سلالتنا ،
ولا الرايات المطهرة ، نطويها ونعلّقها فوق
الأحكام المرتخية للسنوات . صهلت خيول
كثيرة على حدود أرضنا ، وفي مراصدنا
التي يحرسها رجالنا الأشداء ، تحوّل الليل
الذي يعصف فيه الشقاء الانساني ، ويدنس
غرائزه ، الى مرايا تعكس الحمق الهائل للأعداء .
جروح عميقة أصبنا بها في الماضي
وضمدّناها بمطهرات من الأحجية المخذولة
لهزائمنا ، وعاودنا الدفاع بآلات لا تقيم وزناً
الى الهرب من البأس العظيم لما يحاول تدميرنا .
أشجارنا التي تثمر الآن على الضفاف ، تلهو
بين طرقها المخلصة صقور الآباء الذين رحلوا
ومكثوا في الأزل ، ولا رماد يقاوم نسيمها المشدود
الى الينابيع . كلّ حريق نزعزعه بشوك انتصاراتنا
الظامئة الى الأمجاد الموحى بها من قبل آلهتنا ذات
النهود الكبيرة المليئة بالأمطار .






الحرب 2




الى صلاح فائق




وهبتنا العصبة التي نكَّدت حياتنا في تقدمنا بالسن ، تحت الأدخنة
المفتقة لهزيمتها الأخيرة ، النهاية اللاواعية لجروحها البليغة . نحن
الآن ، نريد اسبال الهاوية على الأعمال الطائشة للأعداء ، ونريد أن
نضَّحي بهذا اليوم من أجل الغائبين . قوارير خمورنا التي عتّقناها في
الرفوف العالية لأشجار الكمثرى ، سنستلّها بلذة عظيمة ، وسنمنح
الفضاء اشعاعات تحنو على الغيوم الحيوية ، وعلى السنبلة . فترات
طويلة عانينا فيها الحصار المشين لمدننا ، وأعدائنا الملوك ، لم يتركوا
لنا إلاّ الاصطفاف والاستعداد للتضحية من أجل ما اعتقدناه موضع اعتبار
كبير الى إرث الآباء والأجداد الذين خطَّوا وصاياهم على الجص الأزرق
لحوائطنا . كلّ معطى في الحرّ اللافح لتضحياتنا ، لا نبدّله بجلال تتعذر
الهداية اليه ، وأسلحة الشهداء التي دفنّاها معهم ، وظلت تضيء أجسادهم ،
تصلصل على الحديقة الأصلية التي لا تهلك النوائب التي بداخلنا . في
جروحنا المفصولة عن ألمها ، نثبَّت ما يستحق التكريم اللائق الى أولئك
الذين فارقناهم ، ويضغط علينا الواجب في انصافنا لعدالة نومهم في الأبدية .






الحرب 3





يكفّفنون قتلاهم بين الأريج اللامبالي لحشائش أرضنا في الليل ،
ويحّكون مخالبهم في الأضواء العفيفة للمتاريس التي شيّدناها
لاطالة هدنتنا معهم . كلّ حركة مباغتة تحت الصخور
المتّنزهة في الأنهار ، تجرّدنا من الطمأنينة المحتشمة ، وتطيح
بالمفتاح . صلاتنا المختزلة في استعراضاتنا لمحاربينا ، لا
تمنحنا القدرة على الجزم بما سيفعله المُبَّوقون على الجانب الآخر
وهم يطلقون صوب حقول قطننا الشرارات . مكائد فظيعة في ما
مضى من تاريخنا الدامي ، أحوجتنا فيها الخبرة الى تصديّات
لأولئك الذين يودون تحقيق انجاز ما ضدّنا . الريبة والحيطة ،
تسدلان على سهادنا التراجيدي ، المرايا المفرطة في بروقها ،
ويعيننا ورثتنا على التخلص من ثقل الظلمة التي لا تفصح عن
حظوظها . نعيد في كلّ فجر ، انشادنا للمراثي التي نحفظها عن
أجدادنا الذين قتلوا في حروبنا مع الصليبيين ، ونشحذ أسلحتنا في
الأضرحة التي وسدّناهم ينابيعها العذبة . وميض عظيم تمتلأ فيه
جباهنا ، والخيّالة الأعداء في مراقبتهم لنا خلف البوّابات العالية
للنهار ، يتعلّمون الطَرق على المناحات . تحالفاتنا مع الذكرى
التي فقدنا فيها الأجداد ، سفر أمين الى المعجزة المتخفّية للانتصار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب