الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هي التي دعتني

حميد المصباحي

2012 / 8 / 2
الادب والفن


توقفت سيارة الأجرة,فتسابق المسافرون بجنون,جرت مريم بكل قوتها لتفوز بالمقعد الأمامي,جلس قربها رجل في العقد الرابع من عمره,كان يقرأ الجريدة بنهم وتعالي,تأملته مريم وقالت متنهدة.
_لو أتممت دراستي,لما كانت هكذا حياتي,تعب في النهار وخوف وترقب بالليل.
سألها الرجل بعطف وهو ينزع نظارته السميكة
_وكيف هي حياتك الآن؟ تلألأت الدموع في عينيها كمن ينهزم أمام ضعفه لأول مرة ثم أجابت بعد أن تحركت السيارة وارتفع أزيزها معلنا بداية الرحلة
_على هامش المدينة بحي الصفيح,أسكن خرابة متهالكة,هاجرت أسرتي وبقيت وحدي,أخيف الجيران بيوم قدوم والدي أو أخي,ملوا هذا الكذب,لم يعد يصدقني منهم أحد.
_ولماذا تكذبين عليهم؟
_في هذه الأحياء,لايعيش من لا حامي له ولا هيبة,حين طالت إقامتي معهم,ولم يروا أحدا من أقاربي,صرت عرضة لسخرية النساء وتهجمات المخمورين
_لماذا لاتقدمين شكاية إلى قسم الشرطة؟
_ضد من,وإن فعلت سيعتدون علي ولن يرحمني أحد,وأنا أريد العيش في سلام,وليس لدي الوقت للوقوف أمام باب المحااكم,تكفيني الخدمة في بيوت الآخرين,أعود منهكة لا أقوى على الحركة.
توقفت سيارة الأجرة,وانصرف الركاب إلى بيوتهم إلا مريم التي بقيت واقفة في المحطة قرب الرجل الغريب الذي اقترح هعليها مرافقته فرفضت فقال.
_سآتي غدا لزيارتك,أخبريهم أنني إبن عمك
_هيا معي الآن,سأقول لهم أنك أخي الأكبر,ولن أنسى لك هذه الخدمة,بعدها لن يجرؤ أحد على سبي أو الطمع في.
رافقها الرجل إلى بيتها الوضيع,الأحياء مشدود بالخشب والقصدير,تفوح منها رائحة الرطوبة الممزوجة بروث الحيوانات,كان بيت مريم مرتبا رغم بساطة أثاثه,دعت كل جيرانها مرحة فرحة,هنأوها على عودة أخيها ثم انصرفوا بعد تناول العشاء,نظرت إلى ضيفها والرضى يتطاير من عينيها كأم تتأمل رضيعها النائم,سألته

_ما إسمك يا سيدي؟
_أنا سميح,كاتب وصحفي
أعدت له فراشا وثيرا فوق السرير الخشبي ثم قالت
_تفضل سيدي لتنام هذا مكانك
تمدد قليلا فوق السرير,ثم نهض وأمسكها من ذراعيها,فقالت بصوت خافت,حذرة من أن يسمع الجيران صوتها
_ماذا تريد
_ستنامين معي دون أن يسمع السكان صراخك,وإلا سيكتشفون خدعتك,وعندها ستصيرين عاهرة في نظر الكل,وربما اعتقد البعض أنك عشيقة اخيك
_أصمت أيها الوغد,ألا تخجل من نفسك
قاومت قبلاته في صمت وهو يفترس جسدها ويعريه تحت جنح الظلام,نزع كل ثيابها,لكنها ظلت هامدة كالأموات وعلى خديها تساقطت دموع غزيرة بللت الوسادة فأزاحت مريم رأسها جانبا وهي تنصت لخشخشة السرير الخشبي يتمايل بالجسدين العاريين الخاليين من عطر العشق المثير.
31_08 1996








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود


.. تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على آلة العود.. الموسيقا




.. الموسيقار نصير شمة: كل إنسان قادر على أن يدافع عن إنسانيته ب


.. فيلم ولاد رزق 3 يحصد 202 مليون جنيه خلال 3 أسابيع




.. اعرف أكتر عن وزير الثقافة أحمد هنو