الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصمت الذهبي

ساطع راجي

2012 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يؤمن المسؤولون السياسيون عن الملف الامني بحكمة الصمت "من ذهب" لأنهم لايقبلون بما هو أدنى أي (فضة الكلام) حتى لوكان هذا الكلام واجبا بما يتضمنه العقد السياسي بين المواطنين وحكامهم في اطار الديمقراطية كنظام يحكم البلاد، فهم لايرون خيرا في استبدال الذهب بالفضة مهما كان الظرف ولو تعلق الامر باقتحام الارهابيين لواحدة من أهم المؤسسات الامنية في عز الظهيرة وتفجير سيارات ونشوب مواجهات تؤدي الى سقوط عشرات الضحايا في قلب العاصمة ومهاجمة السجون، بل حتى لو وصل الحال الى تسجيل تدهور أمني هائل مثل الذي كشفته الاحصاءات الامنية التي بينت إن شهر تموز الماضي هو الشهر الاسوأ أمنيا منذ عام 2010 في عدد الضحايا.
التدهور الامني في تموز والمسجل رسميا لم يحظ باهتمام المسؤولين عن الملف الامني الذين يواصلون التباهي بمنجزات السنوات الماضية وكأن بغداد يجب ان تعود الى الاغلاق الساعة الرابعة عصرا وبساعات حظر طويلة وفي ايام عدة حتى يقال ان الوضع الامني سيء اما غير ذلك فلا يستحق الاهتمام.
العراق يخوض مواجهة طويلة وقاسية مع الارهاب لكنه بدون وزراء أمنين يمكنهم التفرغ للملف الامني ويخدع نفسه من يقول ان غياب الوزراء لم يؤثر على الاستقرار في البلاد وان امساك القائد العام للقوات المسلحة بكل المناصب يمثل حلا مقبولا للوضع بل ان حالة العراق مهزلة بكل المقاييس الامنية ففي بلاد آمنة مطمئنة لايعكر صفوها إلا الجرائم الجنائية والمخالفات المرورية نجد حزمة متكاملة من المسؤولين الامنيين الذين يقدمون الخطط ويخضعون للاستجواب في اصغر خرق او خلل، بينما نحن في وطن يخوض حربا ضد الارهاب تشارك فيها مخابرات دولية وجماعات عابرة للقارات ويتورط بها مسؤولون عراقيون وتنظيمات سياسية ومع ذلك نبقى لعامين بدون وزراء أمنيين يمكن مساءلتهم عما يحدث من خروقات خاصة بعدما أصبح القائد العام لا يقبل بالمساءلة، وكل هذا اعتمادا على نعمتي الصبر والنسيان، وهما من النعم القليلة الشائعة التي يتمتع بها العراقيون.
الاحصاء عن شهر تموز يؤكد العودة الى العام 2010، وهو آخر عام كان للعراق فيه وزراء أمنيون أي إن التحسن الامني آنذاك كان هو حصيلة جهد مجموعة وزراء ومسؤولين وليس فعلا لبطل أوحد خارق وهناك من لاتعجبه هذه الاشارة الاحصائية الواضحة لأنه يريد تجيير ما يعتبره "انتصارا أمنيا" لقائد كتلة واحدة لاستخدامه في الدعاية الانتخابية بعدما فشلت في تحقيق أي انجاز خدمي او إقتصادي أو سياسي، الملف الامني اليوم ليس أكثر من بند دعائي، أرواح المواطنين وبيوتهم ومصالحهم وامنهم وسلامة مؤسسات الدولة ليست أكثر من عبارة في بيان دعائي تخاض به حملة إنتخابية!!!.
ما نراه من تمسك بـ(ذهب الصمت) في التعامل مع تدهور الملف الامني، يتحول الى اسفاف وهبوط في التعامل مع الملفات الاخرى التي تعيش دوامة ضحلة من التصريحات والهذر والملاسنات التي تنزل الى مادون فضة الكلام بكثير لتنتج مزيدا من التوتر والاحتقان والمشاكل فتلغى ستراتيجية النعامة المتبعة في ملف الامن وتحل بدلا عنها هجمات الكواسر والجوارح في المناورات السياسية واختلاق الازمات للتغطية على الكوارث الامنية المتواصلة ولتجاهل الخطط العلنية للتنظيمات الارهابية التي تجاوزت مرحلة الكتمان وصارت تنفذ هجماتها في عز الظهيرة وتعلن عن أهدافها قبل أسابيع من مهاجمتها.
هذا الصمت ليس ذهبيا، بل هو الغرور بعينه والتجاهل الفاضح لأرواح الناس وهو أيضا صمت العاجز والهارب من مواجهة الحقيقة، الصمت ليس وسيلة لحفظ أمن البلاد كما ان الهذر ليس وسيلة ناجحة لحل المشاكل، الطريق واضح ويعرفه الجميع، هو المكاشفة والعمل والالتزام بسياقات الدولة الديمقراطية، امور لاتحتاج من يدل عليها الا عندما تعمى البصيرة بالغرور والانانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا