الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى سعد الحجي عن الأدب الوطني واللغة والحرير والذهب

أسعد البصري

2012 / 8 / 3
الادب والفن



يجب الإيضاح بأني أعتبر العمل الشعري الوطني هو الشعر العميق المعبر عن آلام الشعوب و مغامراتها وليس ذلك الصياح المباشر التعبوي . كل شعر بدر شاكر السياب هو شعر وطني جماعي رغم فرديته . أعمال دوستويفسكي هي ملاحم وطنية للشعب الروسي و قلقه و ضياعه . أعمال كازانتزاكي هي آدب يمثل روح الشعب اليوناني رغم عالميته . و شكرًا لك أخي سعد على التصويب (( في الوقت غير المناسب )) وليس (( الغير مناسب )) كنت أذكر أن هناك قاعدة تخص (( غير )) و (( أل التعريف)) ولكنني استحضرتها بالمقلوب فنحن فعلاً نقول في الفاتحة (( غير المغضوب عليهم )) ولا نقول (( الغير مغضوب عليهم )) فقط ملاحظة في إصرار الدكتورة عالية المقام (( حرير و ذهب )) في عدم إعطاء أهمية لهذه التفاصيل و تسميها كما تفضلت (( جندرمة اللغة )) رغم لغتها العربية العالية النقية واهتمامها الواضح بها فهذا يرجع لأنها بروفيسورة في الولايات المتحدة ( وليست راعية إبل في صحراء عرعر ) تعرف منطق الإبداع و خطر الأصوليات والرجعية التي تهمل الجانب الحيوي و تدخل العقل في دهاليز فقهية و لغوية لكي يتحجر و يتم تدجينه . إن الخدعة التي تميزها البروفيسورة الهاشمي هي أن (( الصحيح )) يصبح هو (( الصحيح لغوياً )) وليس فكرياً أو أخلاقياً أو إبداعياً وهذه هي خدعة التخلف والظلاميين وسلاحهم . لا مانع من التصحيح اللغوي شرط أن يطرح على أنه قضية ثانوية وليس عبقرية . أين ضاع العقل العربي برأيك في العصور المظلمة منذ القرن الرابع الهجري و منذ سقوط غرناطة إلى هذا اليوم ؟ الدكتورة إنعام الهاشمي تعلم أن العقل العربي ضاع لقرون طويلة مظلمة في مناقشات لغوية و أدب أخواني تافه ومبالغات لغوية و زخرفة و نفاق و مجادلات مذهبية و فقهية لا معنى لها هذه التفاهات كانت تسمى (( علم )) عظيم . والبروفيسورة الهاشمي تعلم بأن (( أنشودة المطر )) وصلت الى مجلة الآداب مليئة بالأخطاء و تم تصحيحها في بيروت و أن محمود درويش نفسه الذي عمل كمصحح لغوي في شبابه كان كثير الأخطاء ولا ينشر قصيدة قبل عرضها على اللغويين لغرض التصحيح . السياب الذي مات 36 سنة لم يكن فقيه لغة عربية ولا رامبو العظيم الذي توقف عن كتابة الشعر و عمره 21 عاما . هؤلاء شعراء عظام وليسوا نحاة أو علماء صرف و بلاغة . ثم هل كان شعراء الجاهلية سوى مغامرين أحرار لم يعرفوا قيداً سوى القلق والرغبة بالفناء والحب ؟؟ . هذا هو سبب إصرار الدكتورة الهاشمي ضرورة التركيز على الفكر والإبتكار والتدفق و الحذر من الوقوع في قبضة العقل الأصولي الرجعي الذي يدخلنا في ظلام التزويق والتصحيح اللغوي و يتم إخصاء الثقافة على أساس هذا الإرهاب . فقد أبلغتني الدكتورة الهاشمي بأن الموسيقار العظيم (( ياني )) يؤلف على الفطرة ولا يعرف النوتة الموسيقية ولا علم الموسيقى . لقد ازداد تقديري واعتزازي بالأديب الكبير المبدع جمعة اللامي حين كتب أحدهم يوما مقالا يحصي عليه أخطاءه اللغوية رد الأديب الكبير المعلم التنويري بمقال هو درس للأجيال حيث اعترف بالأخطاء وقال إنه كثير الأخطاء في اللغة ليمنح الحرية للمبدعين الشباب و يطلقهم من زنزانات الأصولية والرجعية والمقدس . جمعة اللامي و إنعام الهاشمي و آخرون عندهم غرض و مغزى من هذا الموقف . خصوصاً إذا علمنا أن الأدباء الشباب العراقيين خصوصاً في فترة الإنحطاط هذه يعيرون بعضهم بالإملاء والنحو و يتضاحكون و كأن هذا هو المهم والمقدس وليس الموقف من الإحتلال و فساد الحكومة والنفاق والدين والفلسفة التنويرية والإبتكار الخلاق . شباب يقرأون الترجمات ولا يفهمون معناها مثل علاقة اللغة بالفكر أو أن الشعراء هم سدنة اللغة و المسؤولون عن حياتها و تطويرها . اللغة التي يجددها و يمثلها الشعراء هي لغة الحياة والإبداع وليس لغة خفافيش الظلام في الأزهر والنجف . مجموعة منافقين يكتبون أدباً فارغاً يتجادلون في صحته اللغوية باسم الحداثة هذا انحطاط . لا بأس من الخطأ ولا بأس من التصحيح دون إعطاء أهمية كبرى لهذه المسائل . كل التقدير صديقي الشاعر المغني سعد الحجي تقديرا غير ممنون و ممنون بالعراقي . أما قوتي في الهجاء و ضعفي في الإطراء فهو نفس كلام حبيبتي حين أقول (( أحبك )) تضحك ولا تصدقني رغم أنني والله صادق أنتم تربكونني أحتاج تشجيع لأتحسن . وشكرا لإثارة موضوع مهم كان يجب التوجه به إلى الأدباء الشباب منذ زمن بعيد .
وبصراحة هذه الأفكار أطلقت سراحي و عرفت من خلالها علاقة الدكتورة الهاشمي بالحرية حتى أنني وبسبب الحماسة
قلت بأن إيلوار كان يكتب عن هذه السيدة حين كتب قصيدته
(( فوق كل لحم مستباح
فوق جبين أصدقائي
فوق كل يد ممدودة
أكتب اسمك

فوق واجهة المفاجآت
فوق الشفاه اليقظة
فوق الصمت تماما
أكتب اسمك

فوق مخابئي المحطمة
فوق مصابيحي
فوق جدران أعدائي
أكتب اسمك

فوق الغياب القسري
فوق العزلة العارية
فوق عتبات الموت
أكتب اسمك

فوق العافية المستعادة
فوق الخطر الذي ولى
فوق الأمنية التي بلا ذكرى
أكتب اسمك

وبقدرة كلمة واحدة
أبدأ ثانية حياتي
فأنا ولدت كي أتعرف عليك
كي أسميك : إنعام الهاشمي أو : الحرية ))
كل المحبة والتقدير للأستاذ الشاعر المغني الرائع سعد الحجي الذي يعرف كيف يدفعني إلى الكتابة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لكلّ امريءٍ من دهره ما تعوّدا
أسعد البصري ( 2012 / 8 / 3 - 20:59 )

يكفي الشاعر الحقيقي فخراً
أنه لابد أن يحول الشعراء الصغار إلى مخبرين
كتاب تقارير و سعاة وشاية و معدمين مدقعين
شيء رائع أن تشهد بأم عينيك
عظمة الكلمة و سقوط الجسد
لكلّ أمريء من دهره ما تعوّدا
ولماذا لو أنزلنا هذا القرآن على جبل
لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله
و ربما أيضاً من خشية الناس
لن يسمح لك الناس بكلام رفيع دون أن تخشع و تتصدع
لابد من وشاية و مخبرين للتخفيف من ألم العجز والخسران
لابد من خنجر في النهاية
لابد من غادر يهوي بسيفه في الظلام
للخلاص من النور الذي تعشو القلوب إلى ضوء ناره
على الشاعر النائم على العشب أن يعلم
بكل هؤلاء السعاة الساهرين
الإشارات علم وقد علمته الأسفار قراءتها في سماء الغربة
الوطن غدر والغربة غدر والجمال غدر والقبح غدر
والعصرِ إن الإنسان لفي خسرِ


2 - اجناحان للابداع !
سعد الحجي ( 2012 / 8 / 3 - 22:58 )
اشارتك الى الآية من سورة الفاتحة رائعة يا صديقي البصريّ.. أرى النهضة في مضمار الثقافة تحتاج الى جناحين لتحلق بهما هما المضمون الابداعي والإطار الجمالي للغة..من هنا يأتي اهتمامي بها


3 - هجاء دفاعا عن غنائك أيها الشاعر المغني
أسعد البصري ( 2012 / 8 / 3 - 23:20 )
صديقي الشاعر المقصود هنا أن مستوى سعد الحجي و أسعد البصري في اللغة ماشي الحال و ممتاز و كما تفضلت الأستاذة إنعام أخطاء بسيطة لا تؤثر . المهم الإنطلاق إلى الإبداع والفكر والإحتجاج على الفساد و الدفاع عن الضعفاء . فأنت تعلم أن العلامة مصطفى جواد في زيارته الى مصر وجد أخطاء في مؤلفات طه حسين و الزيات و حتى عند العقاد الذي غضب بسبب ذلك . لكن هؤلاء الكتاب هم المبدعون وليس مصطفى جواد لهذا تقول صديقتنا الكاتبة بالإبتعاد عن التفاصيل التافهة جداً . العملاء والطائفيون يتقصدون وضع الثقافة والشعر تحت يد الأطباء ( أو كل من يحمل لقب دكتور ) وهؤلاء ليسوا شعراء مجرد هواة من جهة ، و بيد النحويين الذين هم متخصصون وليسوا مبدعين مجرد كهنة لغة منقرضة . الطائفيون يستغلون إرهاب الطبيب على الجسد و إرهاب النحوي على اللغة لإسكات الشعراء والثقافة واستخدام هذا السلاح النحوي أو سلطة كلمة دكتور ضد كل مثقف وطني حر متمرد على الفساد . لهذا يظهر هجاء عاصفة كارثة مثل صديقك أسعد البصري لأنه يدافع عن غنائك يا صديقي الشاعر

اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي: آراء متباينة حول فيلم كوبولا الجديد وم


.. أون سيت - من نجوم شهر مايو الزعيم عادل إمام.. ومن أبرز أفلام




.. عمر عبدالحليم: نجاح «السرب» فاق توقعاتي ورأيت الجمهور يبكي ف


.. عمر عبدالحليم: كتبت لفيلم «السرب» 23 نسخة




.. أون سيت - 7 مليون جنيه إيرادات فيلم السرب في أول 3 أيام فقط