الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تذكروا .. بضمير .. شهيد فى الزبالة وثورة مسالة بالدموع

دينا توفيق

2012 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تذكروا .. بضمير ..
شهيد فى الزبالة وثورة مسالة بالدموع!
بقلم: دينا توفيق
لقد قررت أن لا أضع بين أيديكم كلاماً قرأتموه أم شاهدتموه ما بين صحف وفضائيات مسبقاً. لقد قررت أن أنقل لكم روح ما حدث. ولماذا كنا فى الميدان منذ صباح السبت 19 نوفمبر؟. السؤال الذى ظل يلاحقنى من أقاربى الجالسين على كنباتهم وسواقي التاكسى المذعورين والمرأة التى تخدمنى فى منزلى: "أنتم ليه بتنزلوا ميدان التحرير. كفاية بقى إحنا عايزين أمان". ولن اصدمكم وأقول لكم أن السؤال سمعته من حاصلين على الدكتوراه. ومن يدعون أنهم مثقفون. إنه السؤال الذى تم حشره بإعلام ميت الضمير فى أذهان شعب مصر الطيب. وإقناعهم بكل السبل أن أمان نظام المخلوع الذى دُجن بالفساد كان حصناً لهم. وسأحكى لكم الحكاية من البداية التى كانت فى الصينية وحتى كان الضرب بلا رحمة ولا هوادة والقتل والسحل والتمثيل بالجثث فى شارع محمد محمود والشهداء الذين تم إلقاؤهم على أكوام الزبالة.
وفى بدء خرج ما بين 50 إلى 80 شخصاً ليعتصموا فى خيام بالعراء فى حديقة المُجمع بميدان التحرير ولابد أن اعتصامهم لمدة أسبوع كان وراؤه دافع أو مبرر سواء كان هذا السبب حقيقياً ومنطقياً وعادلاً أم خلاف ذلك، لكن الحقيقة والواقع أنه لم يعبأ أحد أو يلتفت أحد من حكومة شرف إلى هؤلاء المواطنين الغاضبين سلمياً والذين لم يقم أحدهم بفعل واحد، وبرغم غضبهم يمكن أن يخرج عن نطاق السلمية فى إبداء الاحتجاج. ولم يهتم أحد من حكومة شرف أو المجلس العسكرى بالاستفسار عن مطالبهم.
لم يهتم بشأنهم سواء وزير التضامن الاجتماعى أو الصحة. والأول هو د. عبدالخالق الرجل الذى صال وجال وغنى عن حقوق الفقراء والمهمشين فى مصر طوال أكثر من ربع قرن من خلال حزب التجمع الذى ينتمى إليه. ولا د. عمرو حلمى الذى كان يا ما كان ثورياً فى الميدان. وللأسف لم تكثرث الصحافة المصرية ولم يجد هؤلاء المعتصمون البؤساء أى مساحة بين الفاصل الإعلانى والفاصل الآخر فى نعيق برامج التووك شوز الفضائية والأرضية المستمرة على رأى أستاذنا هيكل من المساء حتى صياح الديك.
والأكثر ألماً أن الثمانين المعتصمين لم يلتفت إليهم فرسان التيارات الدينية أو السياسية أو الحزبية أو الائتلافات الثورية الحقيقية أو المصطنعة. وفوقهم للأسف المرشحون المحتملون لرئاسة الجمهورية (تلك الموضة التى لم نرها إلا فى مصر).
وكما نعرف جميعاً ففى الجمعة الماضية خرجت (جمعة قندهار. ومسلمو قندهار أبرياء منهم لأنهم على الأقل لا لديهم هدف وعدو يحاربونه) ومازال المعتصمون الأبرياء ينصبون خيامهم. وانفضت جمعة الإنقاذ الوطنى وانصرف أصحابها وأبطالها حسب اتفاق مع أنفسهم أو مع مجهولين بعدم الاعتصام بميدان التحرير، وفى الساعة الخامسة والنصف برغم أن الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل أعلن أنه سيعتصم هو وأسرته فى الميدان حتى تتحقق طلباته هو وفريقه ثم تراجع فجأة لأنه تذكر انتخابات مجلسى الشعب والشورى فجأة والتى تحول بينه وبين الاعتصام حسبما صرح هو ذاته بذلك على إحدى الفضائيات (وهى عادة الشيخ أبوإسماعيل ولن يشتريها، فهو قد تراجع فى جمعة سابقة عن الاعتصام فى أعقاب مكالمة تليفونية وألغى قرار الاعتصام) وتبقى الثمانون معتصماً بميدان التحرير لاستكمال اعتصامهم السلمى فى هدوء! ولكن الشرطة والمجلس العسكرى تذكروا فجأة وبضمير مستريح وبعد خروج جماعة تورا بورا أن عليهم الاعتناء بهؤلاء الـ80 المعتصمين، وأنهم لابد وأن يُخلوا الميدان وأن صينية الميدان لابد وأن تعود إلى كنف الشرطة وإلا انهارات هيبة المجلس العسكرى ومقومات الدولة، كما يراها الجنرال الفنجرى (الذى ثارت أقوال أخيراً بأنه قائد الملحمة الدائرة رحاها لأيام مضت فى الميدان).
ولقد كان المعتصمون الثمانون فى صباح السبت الماضى قد تزايدوا ليصبحوا 250 شخصاً هم مجموعة من المصابين وأسر شهداء الثورة والمتعاطفين معهم ويمكن للجميع ملاحظة أن عدداً منهم شباب فقدوا أعينهم فى سبيل حرية مصر.
ولا شك أن القندهاريين لم يلتفتوا إلى مصابى الثورة لأن قطع اليد من اختصاصهم وليس فقأ العيون.
ولكن الشرطة بمنتهى الجرأة والجسارة والشجاعة التى يحسدون عليها أعادوا الاعتداء على المعتصمين مرة أخرى بالسحل والضرب، وتم فض الاعتصام بقوة الهراوات الغلاظ وكأن حبيب العادلى من طرة يحكم لاظوغلى ومبارك من مستشفاه العسكرى يشرف بالفيديو كوول.
وهنا اكتشفت مصر ولن أقول اكتشفنا أو اكتشف الثوار، فالأمر صار عارياً من ورقة التوت التى ظللنا نستر بها جرائم معلنة فى مرحلة ما بعد الثورة، وأن شيئاً لم يتغير برغم دم الشهداء وعيون شبابها المفقوءة وأن الثورة تم تصميمها خصيصاً ليصرفها الإخوان والسلفيون والعسكر!
وهنا كان يجب أن يعود ليس فقط شباب مصر بل كل المصريين من جميع الفئات والأعمار ليكتبوا ويلحنوا ويغنوا ملحمة جديدة لإنقاذ حق 250 شخصاً من ضحايا ثورة 25 يناير فى الاعتصام. ولكن الأوراق قد رتبت وقرارات تم اتخاذها فى الغرف المغلقة من جانب المجلس السرى الذى يحكم مصر، وظن الجميع أنه تم تركيع مصر وشعبها وتبريد الثورة والالتفاف حول مطالبها فعادت أموال ومدخرات الشعب لشراء قنابل مطورة مثيرة للدموع والقئ وهراوات غليظة كانت جاهزة وطازجة ومُعدة للانتقام سلفاً فى سواعد الأمن المركزى والشرطة العسكرية. هؤلاء المتحفزون للثأر ممن دفعوا ضريبة الحرية فى 25 يناير وكانوا على أهبة الاستعداد لفقء عين د. أحمد حرارة اليمنى فى 19 نوفمبر بعد أن فقأوا عينه اليسرى فى 25 يناير وقالوا عنه بمنتهى الصفاقة بلطجى. لقد حولوا ميدان التحرير إلى مذبحة للشباب فأصبحت الساحة بالفعل هى ساحة حرب ضد ضمير مصر من شبابها الذين تحولوا إلى جثث تتراص فى أكوام بجوار صناديق الزبالة. وسجلت العدسات أن أجسادهم يتم ضربها ويتناوبون على ضربها بقسوة وهم أحياء وأموات. لقد رأيت ذلك بأم عينى وهى مشاهد لن تنسى ليس فى ذاكرة كاتبة هذه السطور بل فى الذاكرة الجمعية لمصر المُسالة بالدموع على الثورة والشهداء حتى يأتى أخذ الحق على يد قاض مستقل نزيه فى دولة مدنية وحتى لا تصبح أرواح البشر مجرد عدد فى سجلات ودفاتر طابور مجمع دواجن القوات المسلحة.!
ولن أتكلم عن القفز السياسى على ما حدث فى ميدان التحرير الآن فله صفحات العدد المقبل، فالثورة هذه المرة والتى لم يشارك أحد من الأحزاب فيها لأنها صارت الآن مطمعاً بعد أن سالت دماء الشهداء والمنتفعون وجدوها فرصة ليعودوا إلى الميدان ويدعوا بمنتهى البجاحة، وبرغم أنهم حذروا من الوجود فى الميدان وكانت عيونهم مشعلقة على الانتخابات وكما قال لى أحد الثوار أو أبطال الثورة الحقيقيين فى الميدان والذين طردوا الأستاذ العوا والبلتاجى وغيرهم:
الدعوة السلفية وحزب النور والشيخ حازم أبوإسماعيل بيحشدوا الناس للمشاركة فى مليونية الثلاثاء 22 نوفمبر والإسلاميين جايين الميدان بمطالب مختلفة عن مطالب الثوار اللى بقالهم 3 أيام بيتدعكوا. الإسلاميين جايين يطالبوا بإجراء الانتخابات فى موعدها وتحديد موعد زمنى لتسليم السلطة. وبالمرة التحقيق فى الأحداث الأخيرة ومحاسبة المسئولين ورفض تشكيل حكومة إنقاذ لها صلاحيات. يعنى من الآخر جايين يا يبوظوها أو يغيروا مسارها لمصلحتهم.
أيها السادة هذه روح ما حدث فى الميدان بمنتهى الأمانة. صدقونى أو لا تصدقونى. ولكن ومرحباً بالألم والدموع ثمناً للأمل والرجاء.
تحيا مصر وتحيا ثورة شبابها. ويحيا جيش مصر أكتوبر 73 التى حارب أبى فى معاركها، وعاشت مصر ولو متنا جميعاً فداءها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل