الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهديدات إيران لإسرائيل أضعفت الموقف الفلسطيني، والمطلوب إنتفاضة فلسطينية جديدة

منعم زيدان صويص

2012 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


في تشرين أول عام 2005 ، نقلت وكالة أخبار الجمهورية الإسلامية، إرنا، عن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد دعوته، في مؤتمر عقد في طهران، لإزالة إسرائيل من الخارطة، وكان عنوان التقرير الذي نشرته إرنا: "أحمدي نجاد: يجب أن تزول إسرائيل من الخارطة." ومنذ ذلك التصريح لم يهدأ العالم أو يستقرولم يبق سياسي غربي إلا وشجب هذه التصريحات بأشد التعابير، وضاعفت الدول الغربية تأييدها ودعمها لإسرائيل، ماديا ومعنويا. أما أسرائيل فتلقفت هذا التصريح بحماسة متناهية وأعلنت التعبئة العامة لإعلامها وإعلام أصدقائها وحلفائها، وأدانت أوروبا هذا "الكفر الشيطاني والتحدي الصارخ" وجددت الولايات المتحدة تأييدها للدولة العبرية وطمأنتها أن حماية امنها من أهم أهداف هذه القوة العظمى، ولم يُعر أحدٌ أيّ إهتمام للقضبة الفلسطينية وكأنها غير موجودة.

وبسرعة البرق سلط الإعلام الغربي أضواءه على برنامج إيران النووي وأصدر مجلس الأمن قراره الأول، 1696 بخصوص هذه المشكله في 31 تموز عام 2006، ومنذ ذلك الوقت ربط العالم هذا البرنامج النووي بتصريحات أحمدي نجاد. ولا يزال هيجان المسؤولين الأمريكيين مستمرا إلى الآن حيث أعلن المرشح الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة، ميت رومني، عند وصوله لأسرائيل في 29 تموز الفائت أنه سيؤيد أي خطة إسرائيلية "لتدمير المفاعل النووي الإيراني." أما إسرائيل فعبأت كل وسائلها الإعلامية، ووسائل غيرها ايضا، للتركيز على هذا البرنامج وتأجيل أي حل للقضية الفلسطينية، أو حتى أي مفاوضات، "إلى أن يستطيع العالم إجبار إيران على إلغاء هذا البرنامج." ولم يابه العالم للمذابح التي إرتكبتها إسرائيل في جنوب لبنان، و في غزه بعد أشهر قليلة، وأصبحت القضية الفلسطينية مجمدة تماما، وتكرس هذا الوضع منذ نهاية عام 2010 عندما بدأت الإنتفاضات العربية، ولم يعد أحد يذكر القضية الفلسطينية أو يأبه لما تفعله بالفلسطينيين وأرضهم. ولا نعتقد أن أسرائيل تنوي أن تهاجم إيران، لأن هذا لن ينفعها، ولأنها لا تريد هذا المعين الذي لا ينضب من التهديدات أن يتوقف ويتوقف معه التأييد العالمي لها. وكلنا يذكر ماذا حدث بعد أن أطلق صدام عددا من الصواريخ على إسرائيل وكيف ناشد بوش الأب حليفه المجرم التاريخي إسحاق شامير بأن لا يرد على صواريخ صدام، وكيف استطاعت إسرائيل أن تكسب عطف العالم وتطلب دعما وأسلحة إضافية من أمريكا مكافأة لها على ذلك، رغم أن سقوط هذه الصواريخ لم يسبب إللا جرح شخص إسرائيلي واحد.

منذ أكثر من ماية عام نُكب الشعب الفلسطيني بنوعين من القوى: النوع الأول يتألف من القوى الإستعمارية، وعلى رأسها بريطانيا العظمى، التي خلقت إسرائيل، والقوى التي دعمتها وعلى رأسها الولايات المتحده، والقوى التى ساعدتها مثل فرنسا، التي بنت بمساعدتها مفاعلاتها النوويه منذ أوائل الستينيات، والعديد من الدول الأخرى. والنوع الثاني يتألف من القوى التي ادّعت، مخلصة أو غير مخلصة، أنها تؤيد الشعب الفلسطيني وأنها تعادي إسرائيل والصهيونية ومن يناصرهما. فهذه القوى أضعفت الشعب الفلسطينى بتهديدها الفارغ لإسرائيل، وأعطت الفلسطينيين طمأنينة زائفة، وخلقت بتأييدها، اللفظي فى معظم الأحيان، تعاطفا هائلا مع اليهود، ومن ثم الإسرائيليين. قسم كبيرمن العرب والمسلمين استخدم قضية الشعب الفلسطينى كأداة يبتزون بها غيرهم من العرب والمسلمين، وحتى قسما كبير من الشعب الفلسطيني نفسه، واستمر هؤلاء في هذا الابتزاز منذ أربعينات القرن الماضي، ولم يبدأ هذا الإبتزاز بالضعف إلا مع بداية الثورات العربية الحديثة، عندما إكتشفت هذه الشعوب الأنظمة المبتزة والمنافقة والكاذبة على حقيقتها، والمثال الصارخ هو النظام السوري. وخلق هذا الإبتزاز الفرقة بين الأنظمة والشعوب العربيه وعدم الإستقرار، الذي هو شرط للتقدم، وأصبح كلٌ من هذه الأنظمة يلوم الآخر ويتهمه بأنه لا يؤيد قضيه فلسطين بما فيه الكفاية، وأنه خان الشعب الفلسطيني، وأنه تآمر على الفلسطينيين مع أعدائهم وأعداء العرب. والآن قلّ عدد هؤلاء المزايدين وبقي من المبتزين إيران وحزب الله.

كثيرون، ومنهم الإمام الخميني، شبّهوا إسرائل بالورم السرطاني، ويمكن أن تكون هذه المقارنة منطقية، ولكنهم يحتاجون لطبيب متخصص لإفهامهم ما يلي: إذا حاولت أجراء عملية جراحية بقصد شفاء مريض بمرض سرطاني عليك إما أن تستأصل الورم تماما وإما أن لا تستعمل مبضعك وألا فإنه سينتشر بسرعة أكبربعد العملية، وعندها لا يمكن التغلب عليه. وهذا الوضع ينطبق على إسرائيل تماما، ففي كل مرة هدد العرب إسرائيل ولم ينفذوا تهديدهم حتى النهايه وبشكل ناجز، أو هاجموها بشكل جزئي، او أعلنوا الحرب ولم يتغلبوا عليها، تزداد قوتُها و ينموا عنفوانها. وتأتي تهديدات أحمدي نجاد وحسن نصرالله في هذا السياق، هذا إذا افترضنا أنها مخلصة وحقيقية، وأنا لا أعتقد ذلك. فتهديدات إيران يمكن أن ينطبق عليه المثل العربي: إياك أعني واسمعي يا جارة. فعين إيران ليست على أسرائيل، فليس لها مصلحة في ذلك، وأنما على الخليج، بالضبط كما كانت عين شاه أيران في السبعينات، وهو الذي إحتل الجزر الثلاث -- طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى -- والتي تتشبث إيران الإسلامية بها الآن أكثر مما كانت تتشبث بها إيران الشاهنشاهية. ولو كانت عين إيران حقا على أسرائيل، فسيكون الحكام الإيرانيون ساذجين، وهم حتما ليسوا كذلك. فهل يودّون تدمير بلدهم في مغامرة كبرى بعد التقدم الذي أحرزوه منذ إنتها حرب صدام عليهم على أمل أن يحققوا نصرا لشعب عربي الأصل وسني المذهب يبعد عنهم أكثر من ألف كيلومتر؟

أما حليفهم نصر الله فقد توصل إلى "إتفاقية جنتلمان" مع أسرائيل، عن طريق اطراف ثالثة، قبل أكثر من عقدين بأن لا يضرب حزب الله شمال إسرائيل إذا لم تضرب إسرائيل جنوب لبنان، وهكذا إنسحب الإسرائيليون من الجنوب عام 2000 لأن بقاؤهم هناك أصبح يستنزف قواهم، وتركوا حزب الله كقوة إحتلال للجنوب بدلا منهم. ولكن ما فائدة حزب الله إذا لم يستطع أن يُديم حرب أستنزاف ضد إسرائيل من جنوب لبنان؟ إن حرب تموز 2006، التي يتغنى بها حزب الله، كانت غلطة باعتراف حسن نصرالله نفسه، وأدت إلى تدمير جنوب لبنان، فقد قال بعد الحرب إنه لم يكن يتوقع أن رد فعل إسرائيل على أسر الجنديين سيكون بهذا الشكل. إن غاية حزب الله الحقيقية هي الإحتفاظ بأسلحته كي يسيطر عسكريا ، بالنيابة عن إيران، على كل لبنان وفرض سيطرة الولي الفقيه الإيراني عليه، ولهذا فهو وإيران يتخذون من القضية الفلسطينية أداة ضغط وأبتزاز مستغلين تعاطف الشعوب العربية والإسلامية مع الفلسطينيين. لا شك أن حزب الله وأسلحتة تقلق إسرائيل ولكن قوة إسرائيل في إزدياد، بينما دمر حزب الله لبنان كبلد موحد وأنهى دوره الحضاري والثقافي في المنطقة العربية ولم يخدم القضية الفلسطينية بأية طريقة. لقد أجبرت سوريا لبنان الصغير الضعيف أن يحارب بالنيابة عنها وعن العرب، وقد حارب ببطولة نادرة، ولكن بدون أية نتيجة تذكر سوى تدمير لبنان وتثبيت الطائفية فيه.

والآن ماذا يستطيع الشعب الفلسطيني وقادته أن يفعلوا؟ في وضعهم الحالي لا يستطيع العرب ولا المسلمون أن يفعلوا لهم شيئا مفيدا-- على الأقل في المرحلة الراهنة -- لغياب القوة ووحدة الهدف. لا تستطيع أية دولة عربية، من الناحية الإقتصادية، أن تدعم حربا ضد إسرائيل، عدا دول الخليج، التي ترتعد الآن من المارد الإيراني الرابض على الضفة الشرقيه للخليج وتهديده النووي للمنطقة. إن دول الخليج مستعدة أن تجر كل الدول الغربيه إلى الخليج لتحميهم من إيران. أما الدول العربية الأخرى، وعلى رأسها مصر، فهي لاتستطيع حتى أن تطعم شعوبها التي لا تُنتج إلا الآدميين المعدمين. سوريا والعراق تسبحان في دمائهما ولا ندري متى تستقر الأمور لأن الإسلام السياسي الذي يفتت الدول العربية، مستفحل في العديد من دول المنطقة وليس له نهايه في المستقبل المنظور. ولذلك على الفاسطينيين، في الضفة وغزه، أن يلجأوا إلى السلاح الذي برهن على فاعليته في الثمانينات والتسعينات في كسب تأييد العالم، وأعني بذلك الإنتفاضات التي ستشدّ نظر شعوب الدنيا لأوضاعهم، كما شدّته ثورات الربيع العربي، وتخلق تعاطفا مضادا. إن عقلية القلعة لن تنفع إسرائيل طويلا، وأقوى سلاح ضد إسرائيل هو بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه فهو الداء الفتاك الذي في النهاية "سيزيل إسرائيل من الخارطة،" وعلى الفلسطينيين أن يقولوا لإيران: لا نريد تهديداتكم لإسرائيل. إنها لن تؤذي إسرائيل بالقدر الذي تؤذينا وتضعف قضيتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم