الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية العرجاء!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2012 / 8 / 5
حقوق الانسان


لو أنكَ في قريةٍ نصف سُكانـِـها من الأميّين، ونصفُ النصفِ الآخر ليس لديهم أدنىَ وعيٍّ بالقضايا الحيوية والحياتية والمعرفية والفكرية والسياسية والاقتصادية، وطلبتَ منهم اختيارَ ثلاثة ممثلين عنهم للذهاب إلى العاصمة وعرض مطالبهم!
سيقوم أهل القرية باختيار:
عبد المعطي المتولي ابن شقيق العمدة وهو محتال محترف، واستولى عنوة على أراضٍ من الغلابة.
حسنين الدمياطي أستاذ اللغة العربية بالمدرسة الوحيدة، وهو الذي يجبر التلاميذ على احضار سمن وعسل وزيت وألبان من بيوت أهلهم.
عبد الشفيق المسحراتي حارس صندوق النذور في مسجد القرية، والذي يختلس ثلثها كلما امتلأ الصندوق.
ولن يختاروا أستاذاً جامعيا، أو عالماً، أو باحثاً، أو خبيرا في حقوق الشعب ومقارنة الدساتير.
يحاججني كثيرون في أنّ المرسيين والسلفيين والكتاتنيين والحمزاويين وصلوا بفضل عبقرية صندوق الانتخاب.
هذه هي الكارثة، فكل خصوم مصر يعرفون أن المصري الطيب والساذج سيأتي إلى البرلمان والشورى والقصر بعاهات ذهنية وفكرية لن تستطيع مصر بها أن تخطو خطوة واحدة إلى الأمام.
لم أستغرب كوارث متتالية من فتاوى دينية وعجز في تحريك صندوق قمامة من موضعه، وشحٍّ في مياه النيل، وظلام بعد كهرباء السد العالي، ونقص في الدواء، وتصريحات متخلفة.
وقام المشير بتعيين نفسه وزملائه فلا يستطيع الرئيس مرسي أن يُحرّك نسراً واحداً من على كتف أحدهم.
واستأذن الرئيس من مشيره أنْ يفرج عن المحكوم عليهم بتهمة القتل الجهادي ضد المصريين، وأن يترك في أقبية السجون الشباب الذين ضحوا بعيونهم ودمائهم، فسرق الإخوان والعسكر ثورتهم المباركة، ولم يعبأ بهم أحد.
صندوق الانتخاب في الغرب لا يقوم الأميُّ بزيارته فأكثر دول العالم الأول ودَّعوا الأمية منذ وقت طويل.
أما في بلادنا فقد ضحكوا علينا، وقالوا لنا بأن الشعب هو الذي يختار، وصفقوا لديمقراطيتنا، وقفز من صندوق الانتخاب متخلفون ذهنيا، ومعاقون فكرياً، ومتشددون دينيا، ومتعصبون طائفيا، وخصوم للثقافة والعلم والعقل.
في عُرف العقل والمنطق والوقائع والحقائق فإن الناجحين في الانتخابات الديمقراطية لا يساوي أكثرهم فحل بصل قديم مغموس في مــِـشٍّ يسبح فيه الدود.
هيلاري كلينتون تصفق لنا لأن نتيجة ديمقراطيتنا لن تأتي بعباقرة وموسوعيين وعمالقة فكر وجهابذة تخطيط وعلماء إدارة، لهذا لم يكن غريباً أن تتأزم الحياة برمتها، وتصبح آخر اهتمامات الذين أفرزهم صندوق الانتخاب أن تسترد مصر أموالها، وأن يُحاكــَــم القاضي، سيء اللغة، الذي برَّأ جمال مبارك، وأن ينبس مسؤول واحد ببنت شفة عن فلولية المشير، وأن يلمس أحد كرسي النائب العام، وأن تتجرأ جهة واحدة في مصر بعمل مناقصة دولية لنظافة أم الدنيا، وأن يشير إصبع رئيس الدولة بضرورة القبض على قتلة الشهداء وقناصة العيون، وأن تعقد أعلى سلطة أمنية اجتماعا لجمع البلطجية من شوارع وأزقة وحواري مصر فهم أخطر من القمامة على حياة المواطن المصري.
سيأتي الوقت الذي يكفر فيه شباب مصر الطيب بقيادات الإخوان المسلمين وأمراء الجماعات وجنرالات المجلس وأعضاء البرلمان وأباطرة الفتاوى الفجة.
الثورة القادمة لن تكون من أجل الكرامة، أو القضاء على الفلول، أو الاطاحة بالفاسدين، لكنها ثورة من أجل رشفة ماء نظيفة، وعلبة دواء صالحة، ومتر مربع يسكن فيه المصري، وشبر واحد خال من القمامة ليضع فيه قدمه، وحُكم يتيم عادل من أي محكمة، ودرس مفيد في أي مدرسة أو جامعة، ودقيقة إعلامية واحدة غير متخلفة، ومسؤول في الحكومة أو المجلس أو المحافظة أو الأمن أو القصر غير كاذب.
ترى من يستطيع أن يُحصي الجهات التي تتلاعب بنا؟
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 5 أغسطس 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يسقط يسقط حكم العسكر
كامل حرب ( 2012 / 8 / 6 - 01:44 )
فى اعتقادى ان الذى يلام على كل هذه الكوارث هو المجلس العسكرى الفاسد والخائن والفلول ,مجلس الخيانه والفساد هو من تحالف مع غربان الظلام لكى يتحكموا فى مصر ويرجعوها الى القرن الاول الهجرى ,كلاهما شر ووبال عظيم وواجب الخلاص منهم ,الواجب فضحهم على جميع الاصعده


2 - الحال في مصر
alexparis59 ( 2012 / 8 / 6 - 08:20 )
فوق كل الكوارث التي تسبح فيها مصر والتي ستنتهي بالإطاحة بكل الإخوان والسلفيين بلا رجعة إن عاجلا او آجلا كارثة التسول، فكل دقيقة يبث التلفزيون إعلانا يبدأ بجملة واحدة تبرعوا ل............... وهي تتكرر طول اليوم
مرة تبرعوا لمرضى السرطان ومرة تبرعوا لمرضى فيروس سي وأخري لإجراء جراحات للصم ليسمعوا ومرة لبناء مستشفى الأطفال وأخرى لبناء صرح زويل العلمي ناهيك عن التبرع لبنك الطعام لتوزيع الطعام على المحتاجين إلى جانب التبرع لتوزيع شنطة رمضان والمساهمة في كرسي متحرك للمعاقين ومصروفات الدراسة لطالب العلم والذي سموه ابن السبيل مع خطأ التسمية ولكن لا يهم فالمهم جمع الأموال اللازمة لعمل كل شئ في مصر من المصريين الغلابة لأنهم هم فقط الذين يتبرعون ولم نسمع مرة عن تبرع من أثرياء الوطن وخاصة أخوانييه وسلفييه أو من الفنانين أو لاعبي كرة القدم المليونيرات أو كبار الضباط أصحاب الضياع والقصور
المهم هنا مادام الغلابة هم الذين ينفقون على مصر فأين تذهب ثرواتنا الهائلة بعد رحيل عصابة الأربعين الف حرامي؟ هو فيه عصابة جديدة ظهرت واللا إيه؟


3 - الى الاستاذ محمد عبدالمجيد
سامي بن بلعيد ( 2012 / 8 / 7 - 03:20 )
ستظل الديمقراطية عرجاء طالما ظلّت العقول عمياء والضمائر ميّته


4 - كــــلــــمــــة
غـسـان صـابــور ( 2012 / 8 / 7 - 15:57 )
كــــلــــمــــة
هذا أصدق ما قرأت هذا اليوم في الحوار يا صديقي... أصدقه.. وأحــزنــه. وهذا ما أصاب مــصــر العريقة. وهذا ما سيصيب سوريانا الحضارة إذا وصل أصحاب اللحى دون شوارب إلى السلطة يوما...
ستموت الحضارة.. كل الحضارة ويحتضر الأمل... ومن المؤسف والمحزن أنه حتى ما يسمى فلول وبقايا الأنتليجنسيا بدأت تستبدل المنطق والحكمة بالفتوى والسيرة والقال ونقلا عن.....
مات الربيع... مات الربيع من زمن بعيد يا صديقي... وحل الجفاف واليباس مكان كل صورة جميلة.....
ولك مني كل تأييدي ومودتي.. وأطيب تحية صادقة مهذبة.. حـزيـنـة.
غـسـان صـابـور ـ ليون فـرنـسـا

اخر الافلام

.. صحيفة لومانيتيه: -لا وجود للجمهورية الفرنسية دون المهاجرين-


.. السلطات الجزائرية تدرس إمكانية إشراك المجتمع المدني كمراقب م




.. جلسة مفتوحة في مجلس الأمن لمناقشة الوضع الإنساني في غزة وإيج


.. أحداث قيصري.. اعتقال المئات بتركيا وفرض إجراءات أمنية إثر اع




.. المغرب.. المجلس الأعلى لحقوق الإنسان يصدر تقريره لعام 2023