الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الازمة المالية في السلطة الفلسطينية؟

عماد صلاح الدين

2012 / 8 / 6
القضية الفلسطينية


لماذا الأزمة المالية في السلطة الفلسطينية؟


منذ إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1993، كانت الوعود تتتالى على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 67 حول تحقيق مستوى معيشي واقتصادي ممتاز، يقود ضمن مفاوضات الوضع النهائي إلى الدولة الفلسطينية الموعودة. وصلت الوعود إلى حلم الفلسطينيين بسنغافورة جديدة في الأراضي المحتلة.

لكن الواقع كان مخالفا لهذا الحلم المبني على الوعد سواء من قبل الدول المانحة أو حتى من أطراف إقليمية عربية وفلسطينية رسمية أو حتى من قبل إسرائيل نفسها بوصفها طرفا ثنائيا في مارثون التفاوض مع الفلسطينيين.

وكانت تبريرات المخالفة الصارخة لهذا الوعد والحلم تأتي في سياق النظر إلى اتفاقيات أوسلو نفسها من حيث أنها ترهن بقية ما تبقى من اقتصاد فلسطيني متواضع وذاتي لإسرائيل وللدول المانحة لأجل ابتزاز الفلسطينيين في الجانب السياسي الحقوقي من مطالبهم الوطنية والإنسانية المشروعة بحسب مرجعية القانون الدولي ذي العلاقة بالقضية الفلسطينية.
تجلى ذلك في اتفاقيات باريس الاقتصادية لعام 1994، حيث ربطت لقمة العيش الفلسطيني بإسرائيل من خلال تحكم الأخيرة بإيرادات الضرائب والجمارك.
وكان من ضمن ما يساق في توصيف الأزمة المالية في أراضي السلطة الفلسطينية إلى أن هناك فسادا مستشريا في مؤسسات السلطة الفلسطينية ورجالاتها على اختلاف مواقعهم ومناصبهم، وعلى أن هناك سرقات خطيرة تتعلق بالمال العام، وتم تقديم كشوف أو لوائح اتهامية بشأن شخصيات وقيادات مرموقة في السلطة من خلال تحرك الادعاء العام ( النائب العام) ورفع دعاوي جزائية بهذا الخصوص في عام 2005- 2006 وما تلاها من إجراءات قانونية بهذا السياق.

لكن المشكلة الأساسية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية في الإطار المالي، وبالإضافة إلى ما سبق الإشارة إليه، بصرف النظر عن توصيفات رد الداء إلى تبعية الاقتصاد أو بتعبير اصح الحالة المالية للسلطة الفلسطينية الموجودة اليوم في الضفة الغربية بعد الانقسام الذي جرى في أواسط عام 2007، وما ينضاف إلى ذلك من مسألة الفساد وسرقة مال الخزينة العامة، إنما تعود إلى ما يلي:
1- أن قيادة السلطة ومؤسساتها ليس في أجندتها التنموية والتطويرية لمناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أي خطة أساسية وعملية باتجاه تمويل وتنفيذ مشاريع تشغيل صغيرة في عدة قطاعات إنتاجية، تعمل في الحد الأدنى من نشاطها المأمول على استيعاب عديد المئات بل الآلاف في المستقبل من الأيدي العاملة العاطلة عن العمل، بما فيهم قطاع الخريجين الجامعيين الذين لم يجدوا فرصة عمل منذ سنوات. والمشاريع الصغيرة هذه تعمل وفق خطة إستراتيجية وطنية شاملة على تحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي ولو المحدود، وتخفف من تبعية لقمة العيش الفلسطيني لإسرائيل الدولة المحتلة أو للدول المانحة.
2- النفقات الباهظة التي تتحملها خزينة السلطة( وزارة المالية) في حلقات ومؤتمرات وندوات ومناقشة مشاريع قوانين وغيرها، ومن خلال الاستعانة بخبراء أجانب، واستئجار فنادق راقية بهذا الخصوص، دون أن يكون هناك مردود ايجابي وفعلي لمثل هذه التحركات الشكلية التي ينقصها واقع مؤسساتي فاعل ومنتج.
3- التركيز على القطاع الخدمي والعمل على مشاريع ترفيهية يكون الغرض منها ترويجيا دعائيا، لا يصب في مصلحة الحراك المنتج لقطاعات الشعب الفلسطيني المختلفة.
4- تتفاقم المشكلة المالية حاليا بسبب لجوء السلطة إلى حلول ترقيعية أو العمل على حل المعضلة من خلال رفع الضرائب المباشرة و غير المباشرة كما هو مؤخرا بالنسبة لرفع نسبة ضريبة القيمة المضافة، ورفع أسعار علب السجائر بمعدل ثلاثة شواقل على كل علبة، بالإضافة إلى رفع الرسوم فيما سبق على معاملات نقل وتسجيل الأراضي وغيرها من رسوم ذات صلة، وبمعنى آخر اللجوء إلى الضحية نفسها أي الشعب الفلسطيني من خلال القطع من لحمها وعصر دمها لإطعامها بهذه الطريقة الغريبة الشاذة.
5- لجوء السلطة في تمويل عدد كبير من مشاريعها الخدمية في مجالات الصحة والتعليم وتعبيد الطرق وإقامة الأبنية على الوعود التي تتلقاها من الدول المانحة أو حتى من بعض الدول العربية الشقيقة، دون أن يكون في الخزينة مقابل مالي لتسديد هذه النفقات أو العمل على تمويلها.

على ضوء ما سبق، نجد السلطة الفلسطينية بين الحين والآخر تعلن عن وجود أزمة مالية لديها تؤدي إلى تأخير صرف رواتب الموظفين في القطاع العام، وتأخير صرف أجور ونفقات تشغيلية لعديد مؤسساتها المختلفة.

إن مشروع السلطة الفلسطينية الذي يراد له أن يتحول إلى واقع دولة مستقلة، لا يمكن أن يتحقق وهو عبء على أصحابه الفلسطينيين( الشعب الفلسطيني)، وحتى الذين تربطهم بالسلطة اتفاقات إقليمية أو دولية هم الآخرون على استعداد للتفكير بثمن الاحتلال الحقيقي في مقابلة الأعباء المالية التي تقع على عاتقهم لتمويل الخزينة العامة للسلطة الفلسطينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ