الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وغاب الرئيس

نادية الشربيني

2012 / 8 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


مرسي لم يشارك شعب مصر حزنه ولوعته على شهداء الغدر. مرسي غائب وبعيد كالعادة، وكالعادة كذلك يهب ياسر علي لنجدته، وكالعادة يخونه التوفيق عند التبرير ويتحجج بأزمة مرورية. والضحك هنا كالبكاء لأن الأزمة المرورية التي احتج بها الرئيس "المنتخب" تخرج لسانها لبرنامجه العجائبي ذي المائة يوم، الذي طال وسيطول ما دام هناك ياسر علي وما دام هناك لجان إلكترونية تترصد مرتادي الفيسبوك لتلاحقهم بالشتائم واللعنات، أو على أفضل تقدير، بدعوات الهداية واتباع الحق الآتي من مكتب الإرشاد.
مرسي لم يلبس بدلة الرئيس بعد، ويبدو أنه لا ينوي فعل ذلك. وهو الرجل الذي تفاخر بعدم ارتدائه قميصا واقيا من الرصاص، في حركة عاطفية ملتهبة بميدان التحرير، مستعرضا شجاعة، لم يطلبها أحد منه، مثل كل وعوده الانتخابية التي تطوع بنثرها بين يدي من تمنى عليهم منحه وجماعته أصواتهم. مرسي لا يعرف كيف يستيقظ مبكرا ولا يعرف كيف لا يؤجل عمل اليوم إلى الغد. تلك الإرشادات التي اعتدنا تلقينها للصغار كي يكونوا نساء ورجالا صالحين ينفعون أمتهم. لذلك كان رد فعله بطيئا وخاملا وخاليا من أي قيمة تذكر، ولم يتجاوز عقول أعضاء جماعته. حتى التيار الإسلامي من خارج الإخوان وجد نفسه في وضع حرج. فمن ناحية، هو متهم بشكل غير مباشر، بسبب طبيعة العملية الجهادية، ومن ناحية أخرى، لم تنقذه ردة فعل الرئيس من هذا الحرج. لقد طالت المسافة بين الرئيس وسيناء، ولم تكن قد طالت، قبلها، بينه وبين حماس الجاثمة على صدر غزة. ولم يتحرك الرئيس، رغم تقدم وسائل المواصلات الحديثة، إلى موقع الحادث، إلا بعد نشر صورة نتنياهو وباراك أمام المدرعة المصرية المحترقة. قطعة من قلب جيش مصر سلبت منه غدرا وانتهت قطعة من الخردة عند قدمي إسرائيل. ولم يكلف الرئيس ولا وزير دفاعه، الذي عينه مرسي هذه المرة ولم يخالف عهده معه، نفسيهما عناء التقدم بتفسير، بمؤتمر صحفي، ببيان على الصفحة الرسمية. وكان على المصريين الاعتماد على كشف إسرائيل عن خبر المجزرة. لم يتحرك أحد قبل ساعات، ربما رغبة في عدم إفساد الإفطار وصلاة التراويح على السيد الرئيس الحريص كل الحرص على أداء العبادات أمام الكاميرات وعدسات التلفزيون. وعندما وصل مرسي إلى سيناء، لم يقطع عادته في إحباط المصريين، فلم تطاوعه قدماه على الذهاب إلى رفح، واكتفى بزيارة قصيرة للعريش. ربما، هذه المرة كذلك، لعدم الإخلال ببرنامجه الرمضاني اليومي.
وها هو يتغيب عن جنازة الشهداء، ويكتفي بتوعد فارغ للجناة، وكأنه يشير إلى شبح، إلى طيف في خياله، لا ندري من هو وما هو. عندما ينعت الشعب رئيسه بالجبن يزيد عمق الهوة بين الاثنين. والرئيس يتجنب الالتصاق الجماهيري، والشعب يريد غضبه وحنقه. والرئيس لا يكف عن إرسال رسائل القلق وعدم الطمأنة إلى الشعب. يحاول جاهدا أن يملأ الفراغ فيزيد الطين بلة. يرسل النور إلى غزة ويظلم مصر، ويضج الشعب بالشكوى. ويخلق قطع الكهرباء مآس جديدة في حياة أناس أنهكهم طول المعاناة. فيطلب من الشعب الامتناع عن استهلاك الكهرباء، متجاهلا أنات المرضى في المستشفيات، ومتعاميا عن خسائر الناس من جراء هذا الإظلام. ويطل عليهم بتصريحات في غاية العبثية متحدثا عن حل أزمة الطاقة في غزة وأمنياته بإرسال وجبات ساخنة لأهلها. ويحار المصريون في أمر رئيسهم الذي يبدو ضئيلا متواضعا بجانب هنية الذي يتقدمه في القصر الرئاسي ويتقدمه كذلك تنظيميا في الجماعة. الناس لا يفهمون هذه الضبابية التي تمزج غزة بمصر في عقل الرئيس وتصريحاته وأحاديثه. ثم يصدمهم واقع الضربة الغادرة القادمة من غزة. فيكيلون اللكمات لغزة ولوزارتها المقالة ولفلسطين كلها. ويكتشفون واقعا مريرا، أن أولادهم يرسلوا إلى الحدود كي يلقوا حتفهم. يرمون بهم في صحراء فسيحة بلا واق من هجير الحر أو من جحيم الموت. يلقون بهم إلى مذلة العسكرية التي لا تبني جنديا، بل تخلق مرماطونا، دمه رخيص عند من يلقون به في الفيافي، كي يغدر به ساعة إفطار، بعد يوم كان، ولا شك، طويلا، انتهى بـ"أخدونا على خوانة". عبارة استعدت جرحا وطنيا لا زال محفورا في ذاكرة الكثيرين، جرح النكسة. ولأن الشعب لم يخرج من أزمة هزيمته بعد، بل هو يجددها ويعيد تدوير طغاته، فقد فتح حادث رفح الجرح على مصراعية ونكأ كل الآلام.
وبعد أن خذلنا أهالي كل شهدائنا، أضفنا إليهم المزيد أمس كي نزيد في خذلانهم. بعد أن أذلتهم قوات أمننا أثناء ما سمي بمحاكمة المخلوع، وبعد أن تحملوا بذاءات يتامى المخلوع، عادوا مرة أخرى كي يتحملوا صورة ابتسامة مرسي وقنديل العريضة في أيام الحداد الرسمية. عادوا يتحملون صفعات اللامبالاة ورخاوة الدولة المثقلة بالفساد الذي أمات روحها وقتل مروءتها. إن هتافهم ضد قنديل، التابع للتابع، وضد بكار، الصوت السلفي، وأبو الفتوح، الإخواني المطرود من جنة الإخوان، هي صرخة رفض وإنكار لما يمكن أن يكون خطيئة التيار السياسي الإسلامي في حق مصر. إن الإرهاب الذي صوب إلى صدر جنود الحدود "العزل" إلا من بضعة ملاعق وأطباق على مائدة إفطار لم يقدر لها أن تتم، يبدأ لديهم في مجالس دروسهم وبرامج تلفزيوناتهم ومدارسهم وبيوتهم. يبدأ حين يتعظم شعور الأنا، حين يقصى الآخر، حين تستباح الحرمات، ويصبح ضرب شاب وفتاة في الشارع أمرا مرضيا لله. هذا الإرهاب رآه الناس في وجوههم، فأطلقوا صرخاتهم وتضرعاتهم إلى الله علهم يضعون نهاية لألم فقد الضنا الغالي.

وانتهى المشهد المهيب الحزين الذي غاب عنه الرئيس. الرئيس الذي لا يستوعب طبيعة منصبه، لأنه مبرمج على أداء مهامه في الجماعة وكفى. دوره هو احتلال منصب الرئيس كيلا يشغله آخر. ومرسي ليس رئيسا حقيقيا، بل هو عضو في جماعة الإخوان التي تمد أيديها وأرجلها إلى كل مفاتيح التحكم في مصر، لا لكي تحكمها، وإنما لكي تمتطيها وصولا إلى الخلافة الإخوانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مرسى مريض ياجدعان - 1
‎هانى شاكر ( 2012 / 8 / 8 - 04:59 )

منذ 25 يناير 2011 وحتى أليوم إزداد تعداد مصر مليونى نسمة وأنهارت ألسياحة تماما وتدهور ألوضع ألأمنى وأغتصبت ألمصريات وألأجانب جهاراً نهاراً فى ميدان ألتحرير ... وتحولت حياة ألكثيرين إلى جحيم ...

لكن مسرح ألعبث ألمصرى يعمل بكفاءة غريبة مقدماً حلقة شيطانية أسبوعية فى مسلسل إلهاء ألمجتمع عن ألعمل ألجاد لحل مشاكله

نذكر حضراتكم ببعض ألحلقات ألسابقة ، نتبعها ببرنامج ألحلقات ألمقبلة هذا ألعام

.....


2 - مرسى مريض ياجدعان - 2
‎هانى شاكر ( 2012 / 8 / 8 - 05:00 )


حلقات سابقة

هروب حسين سالم
أستدعاء حسنى مبارك من شرم ألشيخ
ألتعديل ألدستورى
فشل حكومة عصام شرف
محاكمة حسنى مبارك
محاكمة عادل إمام
مذبحة ماسبيرو
ألترشيح لمجلس ألشعب
سحل فتاة فى ألتحرير
إصابة سوزان مبارك بأسهال حاد
ألمشير ببدلة مًلًكى وسط ألبلد
فوز ألأخوان وألسلفيين بمجلس ألشعب
ألبلكيمى بطل مسرحية : ألرجل ألذى فقد أنفه
مذبحة محمد محمود
لجنة ألدستور ألأولى
ترشيحات رئاسة ألجمهورية
مليونية : لازم حازم
أم حازم صلاح بدون ملابس فى مجلة ألبلاى بوى وفى يديها ورقة توت وباسبور أمريكى
ألتمهيد لأنتخابات ألأعادة
على ونيس يدرب نسرين على قيادة ألسيارات فى حتة بعيده ضلمه
فوز مرسى
مرسى يحلف أليمين فى ألميدان وألمحكمة وجميع دور ألعرض
مرسى يدخل ألقصر
مرسى يتحدى ألعسكر وألقضاء ويدعوا مجلس ألشعب للأنعقاد

....


3 - مرسى مريض ياجدعان - 3
‎هانى شاكر ( 2012 / 8 / 8 - 05:01 )

وهكذا يستمر ألهاء ألشعب ألغلبان .. بألحلقات ألقادمة

مرسى يرفع جميع شطافات ألقصر ألجمهورى إرضاءاً للمرشد
وفاة حسنى مبارك ودفنه فطيس فى مسقط رأسه
وصول أول شحنة من حجرات ألأستنجاء إلى ألقصر ألجمهورى
وفاة ألمشير وجنازة رسمية وشعبية وعسكرية
جماعة ألأمر بالمعروف تنهال ضربا على ألمطربة صباح عشان غنت أكلك منين يابطة
إصابة مرسى ببواسير حادة وقلق فى ألبيت ألأبيض
أزمة فى ألسكر وألكراريس ألمسطرة
شعبان عبد ألرحيم رئيساً للوزراء ... وهيــــــيه
محاكمة عادل إمام
وفاة ألرئيس مرسى
ألبلكيمى وونيس فى وضع مٌخِل أثناء جنازة مرسى
ألخ
ألخ

عليكى ألعوض يابلد


...

اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل