الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة مصر الخارجية 3 , التجربة التركية

اسلام احمد

2012 / 8 / 8
السياسة والعلاقات الدولية


تحدثنا في المقال الماضي عن علاقة الإخوان بالولايات المتحدة وتوقعت أن سياسة مصر الخارجية لن تتغير كثيرا في ظل حكم الإخوان , قد تكون أكثر حرية في حركتها من السابق وربما يحدث تقدم في بعض الملفات المهمة مثل المصالحة الفلسطينية ودول حوض النيل والعلاقة المصرية الأفريقية ولكنها ستظل في نهاية الأمر حبيسة الإرادة الأمريكية كما سيظل للمجلس العسكري دور في توجيه حركتها

وإذا جاز لي أن أقدم نصيحة للرئيس محمد مرسي فأنصحه بأن يستلهم التجربة التركية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ذلك أن تركيا ومصر يتشابهان إلى حد كبير من حيث الجغرافيا والتاريخ فضلا عن أن الحزب الحاكم في تركيا الآن ينتمي لنفس المرجعية الفكرية للإخوان المسلمين وهو حزب العدالة والتنمية, والتجربة التركية قامت على ثلاث محاور رئيسية :

الأول الإصلاح الداخلي (الديمقراطية) :

السياسة الخارجية ليست منفصلة عما يحدث في الداخل بل أن التدهور الذي أصاب سياسة مصر الخارجية في ظل عصر مبارك لم يكن سوى انعكاس لتدهور الأوضاع الداخلية والحقيقة أن تركيا بدأت مسيرتها بالاصلاح الداخلي أولا وذلك منذ أن وصل حزب العدالة والتنمية التركي الى الحكم في 2002 فقامت بتحقيق نهضة اقتصادية كبرى مكنتها من الاستغناء عن المعونات الخارجية فضلا عن ترسيخ الديمقراطية وذلك بفصل الجيش العلماني عن السياسة لأول مرة في تاريخها الحديث منذ تأسيس الدولة التركية على يد مصطفي كمال أتاتورك وبالتالي فقد أتخذت تركيا من النهضة الداخلية نقطة انطلاق لتمارس دورا خارجيا كبيرا في المنطقة حتى باتت تمثل قوة عظمى في المنطقة

المحور الثاني امتلاك الإرادة السياسة المستقلة:

فمع التقدم الاقتصادي الهائل الذي حققته تركيا على يد حزب العدالة والتنمية تمكنت تركيا من الاستغناء عن الخارج وبالتالي امتلكت إرادتها السياسية المستقلة على عكس الحال في مصر حيث ظلت مصر رهينة للولايات المتحدة طوال عصر مبارك , والحقيقة أن مصر لم تكن يوما حرة في ارادتها سوى في عصر محمد علي وابان عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأزعم أنها لن تتقدم الا اذا استعادت إرادتها واستقلت بقرارها السياسي عن الخارج ولن يتأتي ذلك بطبيعة الحال الا بعد القيام بنهضة داخلية كبرى على جميع المستويات , وفي هذا الصدد يتعين على مصر أيضا تعديل اتفاقية السلام مع اسرائيل بما يضمن تحقيق السيادة الكاملة على أرض سيناء

المحور الثالث تبني رؤية استراتيجية واضحة :

وهي الرؤية التي صاغها أحمد داوود أوغلو وزير خارجية تركيا وهي تتخلص في حل جميع المشكلات العالقة مع دول الجوار الإقليمي فيما أطلق عليه (تصفير المشكلات) ثم اتخاذ رصيد تركيا التاريخي كنقطة انطلاق لممارسة دورها المحوري في المنطقة مع الانفتاح على الغرب الأوروبي والشرق الإسلامي على السواء ومن هنا فلم تترك تركيا دولة عربية أو إسلامية الا وأقامت علاقات ودية معها بما فيها إيران التي ساندتها تركيا فيما يتعلق بحق إقامة برنامجها النووي بشرط أن يكون لأغراض سلمية , وبالتالي فقد كانت تركيا حاضرة بقوة في جميع الملفات المهمة في المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية فضلا عن أنها تمكنت أيضا من غزو جميع الأسواق العربية بمنتجاتها حتى صارت تنافس الصين في هذا الأمر , وحين امتلكت تركيا مقومات القوة استطاعت أن تتعامل مع الولايات المتحدة وإسرائيل من منطلق الندية لا التبعية

والحقيقة أن رؤية أحمد داود أوغلو تتشابه الى حد كبير مع رؤية الدكتور نبيل العربي حين كان وزيرا لخارجية مصر بعد الثورة قبل أن يتم الإطاحة به الى الجامعة العربية

وإذا أسقطنا رؤية تركيا على مصر فيتعين عليها الانفتاح على دول الجوار الإقليمي التي تمثل أمن مصر القومي وهي بطبيعة الحال السودان وليبيا فضلا عن فلسطين بالطبع , ذلك المثلث المتمثل في (مصر والسودان وليبيا) الذي وصفه بعض المحللين بالذهبي بالغ الأهمية بالنسبة لمصر خاصة أن مصر الآن مهددة من دول الجنوب الأفريقي فيما يتعلق بأزمة حوض النيل

ولتحقيق نوع من توازن القوى في المنطقة تجاه إسرائيل يتعين على مصر ترسيخ علاقتها بكل من تركيا وإيران عوض مثلث الاعتدال الذي كان متمثلا في مصر والسعودية والأردن قبل الثورة , هذا المثلث المتمثل في مصر , تركيا , إيران يعد أيضا بالغ الأهمية في الوقت الراهن خاصة أن النظام السوري الذي كان يمثل جانبا ممانعا تجاه إسرائيل على وشك السقوط وهو ما سيصب حتما في صالح الدولة الصهيونية وقد يحدث خللا في توازن القوى في المنطقة

وأخيرا فمن البديهي أن العلاقات الدولية قائمة في الأساس على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وهو ما يجب أن يحكم علاقة مصر مع القوى الكبرى الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي

كانت تلك رؤيتي لسياسة مصر الخارجية والله تعالى أعلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو