الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في حزن مصر

عماد عبد الملك بولس

2012 / 8 / 8
الادب والفن


أبحث عن أمى ..
وسط الأحراش العفنة
تحت الأحجار العطنة
وأغوصُ بقاع المستنقع ..
أتلمس أشلاء منثورة
أتحسس ضحكات مبتورة
.. تلطمنى أمواج دماء
تقذفنى فى جوف رمال
وأفيق .. بقفر الصحراء
لأصيح عليها مذبوحا ،
فتجاوبنى .. أصداءٌ مكسورة
تنشقُّ بقلبى أغنيةً
تلدغها قبلة ثعبان
تهدم آفاقَ رجائى ..
ويطير بعيدا طيرُ الأفراح
ليحط هنالك ..
فوق عروش الأموات
وهناك يقابلنى الصمت
والعدم على عرش الموت
***
وهناك .. تزغرد عيناى !
فى مقبرة مهجورة ..
تبزغ فى ظلمتها
كِسْرات الأم المطمورة ! ..
وأفتح أحضانَ اللهفةِ وأذوب
فى عطر الحب المفقود ..
أماه .. أين ذهبت ؟
ولماذا يا أم تركت ؟
.. وكمثل نشيد ملائكة فى تسبيح الخالق ،
تصدح أمى .. من أعماق اللجج المسحورة
من عمق الروح تنادينى
وتشق حجاب العاطفة المبهورة
وتمد جناحيها وسط قنوطى تحمينى
وتنادينـــــى ...
" يا ابنى ، ابحث لى عن "إيزيس"
وابحث معها عن أشلائى المنثورة "
وبدون وداع ..
تتراجع تلك الكلمات ...
ينفتح رحيل كالهوّة
يجذب روحى الملتاعة ،
يختنق ندائــى ..
" أماه لا ! لا ترحلى "
.. وتفر تجر أمانىَّ المذبوحة
تتركنى وسط ضباب يعمينى ،
" أماه .. "ايزيس" فوق معابد محفورة
رمزا كانت تحيا فيه الأجيال ..
أين أجدها .. كيف أكلمها
***
وأفتش عن "ايزيس"
وسط الأحراش العفنة
تحت الأحجار العطنة ،
تتبادل صلبى أشواك دروبى ..
أحمــل مصباحــى
أبحث عن شمس مخبوءة
... أتســـاءل ..
وأوزع بين الناس سؤالى ..
أترنح بين الشك
وبين محــالِ
وتصيد الظلمة إيمانى ..
.... وتُسد أمامى كل ثغور النور ..
وتزفر صدور الليالي صياحاً
ينادى الصـــباح ..
وأرفع صوت النداء بالدعاء
مع الداعين الصباح
فتأبى السمــاء !
وأعلو بعينىَّ فوق الغمام
أنادى رفاق القيود .. وليلى ،
فتهرع لقلبى قلوبٌ لدفع العذابَ
وتُقرض عينى عيوناً .. لأبصر ..
ليصحو فؤادى مشيرا
وســط الظــلام ..
لنجم أطل بقبس الرجاء
وأبدأ كالعنكبوت ..
أصيد الضــياء
لأنسجَ منه سبيلا نحو الجواب ..
***
ويأتى كمثل الشهاب الجواب
بقلب الضباب
" أيا باحثا تبغى ، بجوف الليالى
ضــياء النهــار ..
ابحث بعمق الموت ،
ستلقَ معانى الحياة ! "
ويشعل رد الليالى بقلبى
حريــق الســؤال ،
فيقطعُ أوصالَ تيهىَ أمرٌ :
" ابحـــث .. "
وأبحث وسط الأحراش العفنة
تحت الأحجار العطنة
وأجمع كل رفاتِ الأمل
وأرنو لأشلاْء قلبى الذبيح
وأصعد فوق هشيم السنين .. وأمـــــى !
ووسط الخراب .. وسط الرماد
وسط نفايات الأمنيات !
أبصر عجز الرفاق كعطشٍ
وأرض الحياة بغير اخضرار
تشقق فيها وجه النماء
ومُدَّت برحابتها عروقُ الفناء ..
وأجمع أشلاء سؤالى :
كيف سيُبْعَثُ موات الزروع ؟
كيف تعود الزهور الكسيرة ؟
أهذا الحطام ، سينمو رياضا ؟
***
أصمت...
و ألتف بأهداب الرجاء
و تُقتل ساعة بسيف السكون..
و ياتى بعيدا...غناءٌ حنون
و ينقر سجنى فجر وليد..
وتملأ رائحة الحياة الأنوف ،
فأهجر قبرى بشوق جديد...
وأبصر ضياءً محيطا كجيش
وخيرا ضحوكا كالمهرجان ..
رأيت الحيــاة ..
ربيعا .. تبث الحنين بموت الشتاء
رأيت المحبةَ تهمى .. تسيل ..
رأيته .. رأيت قدوم النيل ..
بعد الجفاء يَهُبُّ ليعطى الرواء ..
و يمحو ظلام القنوط .. روح لطيف
يدحر أشباح الذلة .. والضياع ..
ويقبل نحوى .. ليطرد خوفى
ويُلئِمُ قلبى ، فينهدُّ يأسى ..
وأبصر وأعرف .. هى ايزيس ..
وتفتح الأم فاها :
" يا ابنى .. عندما الليل يزيد العناء
ويمحو من الدنيا السناء ..
فاشدد يديك فوق الرجاء ،
فالليل أبدا يشدُّ الرحال
إذا حاصره عزم الرجال ..
ودوما بنى ، لا تخش موتا ..
بل ابحث فيه .. لتلقى معانى الحياة "

(1984)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا