الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من دهشور الأبنة إلى دهشور الأم عند الحدود

مجدي مهني أمين

2012 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


في دهشور تتحول مشاجرة إلى حدثٍ تسبب في تهجير مئات الأسر القبطية من القرية، حدث انتصرت فيه ثقافة رفض الآخر، وطاردت هذه الأسر وشتتهم في القرى المجاورة حتى يفرج الله كربهم، وانتصر الحب في ذات القرية،حين خرجت سيدة عجوز -لم تكن تدري ما حدث- خرجت لتجد أن بيوت الأقباط قد تم إغلاقها، ومحالهم قد حُرقت، وعرفت القصة، وخافت، فاحتضنها جيرانها المسلمون حتى تنقشع الأزمة وتعود المياه لمجاريها، وتعود الأسر القبطية لبيوتها.

لم يمر أسبوع واحد حتى تنال الكراهية من دهشور الأم، من مصر الحبيبة، من جنودها الأشراف الواقفين على الحدود، ما أقسى الصورة أن يهاجموا جنودنا على حين غرة، وكأننا وطن قد أصبح رهين هذه الكراهيات الصغيرة للأبناء، والكراهيات الكبيرة للأم، وكأنهم يريدون أن ينالوا من الأم والجنين معا، كي تُمحي مصر، وتُمحى هوية من بقى على قيد الحياة:

- يعني اللي ينجى من الموت يتجنن!!

يتجنن، أو كيف نسمي الناجين من الموت بعد أن تشيع بينهم الكراهية والبغضاء؟.. إنهم يقتلون الشرفاء الرابضون عند الحدود، ويبثون العداوة بين أخوة في الوطن.

- وكأننا مستهدفون بالضعف أو الفناء.

قد يتبادر للذهن، في كلمة "مستهدفين" أن عدونا خارجنا، لا ..عدونا داخلنا، عدونا جهلنا ببعضنا البعض، وسلاحنا الاستهانة، الاستهانة التي ننكر بها صلة الرحم التي تجمعنا، التي ننكر بها أننا شعب واحد، وحين يزكون نار الفرقة ينقسم الوطن بين أيدينا وينهار.

.. أعجبني مايكل منير في برنامج "في زمن الإخوان" عندما سأله طوني خليفة مقدم البرنامج عن رأيه في مقولة الأنبا بيشوي "أن المسلمين ضيوف على مصر"، أعجبني مايكل منيرحين قال:

- كل المصريين أقباط؛ وما حدش ضيف على حد، لأن كلمة قبطي لا تعني شيئا إلا مصري.

كلنا واحد عندما نرى جنودنا وهم يسقطون شهداء برصاص الغدر، كلنا كنا واحد عندما كنا في الميدان ننادي بسقوط مبارك، كلنا كنا واحد في العديد من الكوارث، وكلنا كنا نندهش حين نكتشف الحقيقة أننا واحد، وأننا أخوة، فنطمئن لبعض الوقت حتى يأتي من يعزف لنا أسطوانة الفُرْقَة وقطع التواصل، فتسقط دهشور، ثم يسقط جنودنا على الحدود..

نعم نحن نحمل على الإخوان والسلفيين، لأنهم يزكون نار الفرقة، فهم إما أن يتعالوا على الآخر، أو يتوعدوه، أو يقتلوه،

- ويقتلوا مَن؟
- يقتلوا جنودنا البواسل الرابضين على الحدود!!

إيمانهم الشديد - في تلك التيارات- يفرحهم بذواتهم، ويحولهم لرقباء على الآخر؛ يستهينون به، ويستهينون بدمه إن لزم الأمر، وهنا يتفرق الوطن شيعا، وتتفرق الشيع شيعا.

تفتُّت الشعوب لا يأتي من خارجها، عوامل انقسامها تأتي من داخلها، وذلك عندما تحتضن الشعوب ثقافات الاستعلاء وكراهية الآخر، والنتيجة ضياعنا جميعا، لأننا ونحن نشق الوطن، نكون قد شققنا السفينة كي نغرق وكل واحد منا متشبث بقشة أو خشبة، بينما تكون السفينة قد ضاعت منا.

نحن الآن في مفترق الطرق ، فإما أن نسترد ما بيننا من محبة كي نبني وطنا قويا ونرد الحياة للأم الوطن، وإما يستقوى بعضنا على بعض فنضعف ونخور جميعا، وأمام الأمواج الهادرة يستوي القوي والضعيف وهما يصارعان الموت بجوار سفينتهم المحطمة، فالأمواج لن تمهلهما حتى أن يتبادلا الاتهامات، ولن تصغي لهما السفينة وهي تغوص بين أياديهم، ستغوص السفينة قبل أن يقتل القوي الضعيف، أو قبل أن يؤسلموا السفينة.

نحن عمق جنودنا، نحن ظهرهم الاستراتيجي، فلو تفرقنا لجاءتهم يد الغدر من وراء ظهرهم؛ وقتها لن يصدُق "حسن محارب" حين يخاطب ولده "عبد الودود"– في قصيدة أحمد نجم- حين يخاطبه مشجعا وآملا أن"يكون مليحا، وراقب للأمام" (أنظر الرابط الأول).

كيف يصدّق عبد الودود الأبن وهو يحرس مصر الأم، لو كان والده حسن محارب لا يحرس برج الحمام في دهشور الحفيدة أو الإبنة، ويتصارع مع جيرانه يشردهم ويشردوه؟ فلو طار الحمام في دهشور، ماذا يتبقى لعبد الودود كي يسهر ليحرسه؟ بل ومن يحمي ظهره وهو ساهر، لو كان أشقاؤه لا يحمون له ظهره، بل يطاردون بعضهم بعضا؟

- كيف يحمي عبد الودود بلاده وهناك مؤامرات تحاك كي تأخذ من برج الحمام روحه، ومرح طيوره، وتسلب برجهم هويته؟

لن يبقى لعبد الودود ما يحميه، ولو بقى رابضا فستأتيه الطعنة من ظهره، كي نبكيه، ونبكي الحمام، والبرج، والتاريخ، أو لعل أصوات القتلة المتشنجنة الصاخبة قد تعلو بكاءنا، فسنبكي في صمت حتى نموت، ليتنا نموت قبل برج الحمام، أو نحيا ويحيا عبد الودود ويعود برج الحمام بعد أن ترحل طيور الكراهية، كي نعيش في سلام.

نحن في مفترق طرق بين الحياة والفناء، الفناء وليس الموت؛ لأنهم يريدون أن يقتلونا ويمحون تاريخنا، لأنهم يغارون منه؛ فهم لا يريدون موته بل فناءه. وعلينا ألا نستسلم لهذا اللغط، كي نبقي على الأم والجنين. رصيدنا الحضاري ورصيدنا في الكفاح يعطينا أمل، فعلينا ألا نستسلم.

الروابط:
الرابط الأول: واه يا عبد الودود: http://www.youtube.com/watch?v=soyZoLQXw9U








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث